تعيش جامعة عبد المالك السعدي خلال الأسابيع الأخيرة على صفيح ساخن نتيجة التصعيد النضالي للجماهير الطلابية داخل الحرم الجامعي، و رغم اختلاف طبيعة المطالب من كلية لأخرى إلا أن وتيرة الإحتجاج تتماشى في إيقاع متناغم حاملة صمود الجماهير الطلابية الراغبة في تحسين وضعيتها داخل الجامعة و خلق وسط مناسب للتحصيل و الدراسة في حين يستمر مسلسل الإدارة على المنوال القديم نفسه من مماطلة و تعنث و تجاهل لمطالب مناضلي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب . فعلى مستوى كلية العلوم فقد شهدت اعتصاما للطلاب داخل فضاء الكلية و الذي بدأ منذ تاريخ 07 مارس 2011 ، نتيجة تفشي جملة من الأوضاع الغير صحية التي من شأنها أن تعرقل المسار التحصيلي للطلاب من قبيل تفشي السرقات في محيط الكلية و التي أصبح غالب ضحاياها من الطلاب بسبب الغياب الأمني لدرجة أصبح الإحساس بالأمن منعدما ، و كذلك تعرض مجموعة من الطلبة لأشكال من التعنيف النفسي من لدن بعض الأساتذة من قبيل السب و الشتم و الضرب أحيانا و كذلك التحرش وفق شهادات مجموعة من الطلاب ، علاوة على مشاكل أخرى تأثر في السير العام العادي للموسم الدراسي شأن غياب الحق في المطالبة بمراجعة أوراق الإمتحان و طغيان الأسلوب السلطوي لبعض الأساتذة مع نهجهم لسياسة التعسف و الإستهتار في تعاملهم من الطلاب و هو ما يتمثل في إدراج هؤلاء للائحة الحضور أثناء الحصص التي تصادف المحطات النضالية الكبرى التي تشهدها الكلية رغبة في ضبط لائحة الطلاب النشيطين و المناضلين من داخل الإطار العتيد الإتحاد الوطني لطلبة المغرب و سعيا إلى التضييق عليهم . و في هذا السياق ، و نتيجة لفشل الحوار الأول مع الإدارة و الذي كان بتاريخ 21 مارس 2011 بعد انسحاب لجنة الحوار ، تمخض عن هذا الأمر تصعيد في الأشكال النضالية حيث خلصوا بعد نقاش ديموقراطي مستفيض إلى مقاطعة شاملة للدروس و الشروع في المبيت الليلي طوال أيام الأسبوع . و قد جعل هذا التصعيد إدارة الكلية تلجأ إلى طرق أبواب الحوار مع الطلاب مجددا حيث دخلوا في حوار معمق يوم 28 مارس 2011 دام قرابة خمس ساعات ، و أفضى حسب مصادر طلابية إلى تحقيق معظم النقاط الواردة في المذكرة المطلبية لطلبة كلية العلوم . لكنه في ظل مراوغة العميد في المصادقة على الملف المطلبي و تحججه بمبررات واهية من قبيل إعادة الصياغة و انشغاله ببعض الإلتزامات الملحة قصد استغلال عامل الوقت حتى حلول العطلة ، فقد صعد طلبة كلية العلوم بالمحنش من أشكالهم الإحتجاجية ، حيث تمت اليوم 30 مارس 2011 محاصرة نائب العميد بمكتبه من الساعة الثانية بعد الزوال إلى حدود الساعة العاشرة ليلا ، مما فرض عليه الإتصال بالعميد الذي التحق بعين المكان و اضطر أمام تصاعد احتجاجات الطلاب إلى المصادقة على محضر الإجتماع الأخير الذي تمت فيه الموافقة على 12 نقطة استعجالية من 64 نقطة التي شملها الملف المطلبي ، و ذلك في حضرة نائبه و بعض الأساتذة . و في ذات السياق تخوض الكلية المتعددة التخصصات بمرتيل هي الأخرى حركة احتجاج منذ أسبوعين للمطالبة بمطالب مرتبطة بوضعية الطالب من داخل الجامعة من قبيل إلزامية اقتناء كتب أساتذة المواد ، حيث أن الطلاب مجبرون على شرائها حتى و إن كانت وضعيتهم الإجتماعية هشة ، و في غيابها لا حديث عن الإمتحان لأن الطالب يحرم من المرور لمرحلة الإختبار ، كذلك مسألة حرمان بعض مستحقي المنحة منها و أيضا عدم تفعيل الزيادة في قيمتها و التي صادق عليها البرلمان ، ثم هناك مسألة غياب المراجع و خلو المكتبة منها ، هذا علاوة على حرمان معظم الطلاب من الإستفادة من خدمات شبكة الانترنيت التي تعمل بنظام الكود الذي لا يمنح إلا لعينة من الطلاب ممن يرتبطون بالإدارة برباط أسري أو مصلحي هذا إلى جانب حرمان الطلاب الذين لا يتوفرون على بطاقة الطالب من ولوج نادي الإعلاميات حتى لو كانت بطائقهم لدى موظفي المكتبة نتيجة استعارة المراجع إلى غير ذلك من المشاكل التي لا زال طلاب الكلية المتعددة التخصصات يتخبطون فيها نتيجة إهمال و تجاهل الإدارة لهم . و الجدير بالذكر أن الإدارة و تحت ضغط نضال الجماهير الطلابية فتحت باب الحوار مع لجنة الحوار بتاريخ 25 مارس 2011 أفضى إلى تحقيق بعض المطالب الثانوية في حين ظلت المطالب الأساسية في شكل ملتمس موجه للجهات المعنية . هذا الأمر حتم على طلاب الكلية المتعددة التخصصات تمديد احتجاجاتهم و الإستمرار في اعتصامهم حتى تحقيق مطالبهم المشروعة و على رأسها فتح نظام الماستر بالكلية و هو ما يصعب تحققه وفق رأي العميد لأن ذلك يفرض أولا ضرورة تغيير مرسوم 2004 الذي يمنع فتح الماستر بالكليات المتعددة التخصصات حسب تفسيره ، في حين يعتبر الطلاب هذا التبرير يجانب الواقع لكون بعض الكليات المتعددة التخصصات تتمتع بهذا النظام . أما كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمرتيل فهي الأخرى لديها من المشاكل ما يعرقل المسار الطبيعي للدراسة لكن أبرز عامل حرك الطلاب داخل أسوارها كان تعرض إحدى الطالبات لتحرش من طرف أحد الأساتذة حيث تفيد شهادات الطلاب أنها ليست المرة الأولى التي يمارس فيه ذلك الأستاذ سلوكا لا أخلاقيا من هذا القبيل ، و ما فجر الوضع هذه المرة هو جرأة الطالبة التي أفصحت عما تعرضت له مما أجج الوضع خاصة داخل طلبة شعبة علم الإجتماع الذين دخلوا في اعتصام مفتوح تطور لاحقا إلى إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة بدأ من تاريخ 24 مارس 2011 ، هذا الإضراب عن الطعام أدى بطالبين إلى حالة إغماء و بعد تباطئ الإدارة في الإتصال بسيارة إسعاف وصلت أخيرا إلى الحرم الجامعي و نقلت الطالبين إلى المستشفى حيث تعرضا لسوء المعاملة من لدن الأطر الطبية وفق شهادات بعض الطلاب ، و رغم كل ذلك لا زال الطلاب مستمرون في أشكالهم النضالية إلى حين طرد الأستاذ المتهم بالتحرش من الكلية بشكل نهائي حيث لم تفلح إقالته من رئاسة الشعبة من طرف الإدارة في إخماد غضبهم خاصة مع اتهامهم إياه في إعمال و استغلال منصبه كأستاذ في تنقيط أوراق الطلاب بنقط متدنية لا تلائم مستواياتهم و المجهودات المضاعفة التي يبذلونها .