بقلم: حمزة البحري جميعنا نعلم أن السياسة هو ذلك الفن الذي يعبر من خلاله الفرد عن إهتماماته وميوله ونشاطه السياسي إتجاه مجتمعه، ويتميز من خلاله هذا الفرد بالقدرة على القيادة والمواجهة في مختلف مناحي الحياة المختلفة والقدرة على توجيه غيره، لكن بماذا يتميز هؤلاء الأفراد ليستطيعوا توجيه غيرهم وقيادتهم والتأثير بهم لكسب ثقتهم ؟ سؤال لطالما حيرني، لطالما تساءلت حول ما يميزهم عن باقي الناس. إنها الأخلاق، تلك التي تميز كل فرد وتتميز من فرد لآخر بثباتها أو بزوالها عند الممارسة السياسية، ورحم الله من لخص فلسفة السياسة في لفظتين، فقال: "إنها ثبات الأخلاق" ثباتها بثبوت العافية، والحرية، والعقل، والسعادة، والدين الذي يجمع هذا كله ويلخصه في التقوى وليست أية تقوى، تقوى الفقر والغنى، الصبر في الشدائد والرحمة في الرخاء، حتى تشهد لك الحياة بالعدل. وزوال الأخلاق بزوال الصدق والوفاء، بزوال صدق النية ونقاء السريرة، لا سياسة بدون أخلاق، ولا أخلاق بدون صدق. هذا العالم لا ينتظر أنبياء ولا فلاسفة ولا مصلحين أولياء، ولا حتى علماء يبدعون بدعاً جديداً، وإنما يترقب من يفسر له الإسلام هذا التفسير، ويثبت للدنيا أن كل العبادات الإسلامية هي وسائل عملية لكل شيء بنفسها، وأن الإسلام هو القوة وهو الضبط الذي يستطيع الخلق من خلاله التصرف في كل شيء، وبقدر ما يستطيع دمج الأخلاق فيما بينها وثبوتها يستطيع أيضا دمج الأخلاق مع السياسة لنجد نتيجة ذلك سياسة متزنة متوازية ومعلِمة. فالأخلاق علة أنها في الأفراد، هي في حقيقتها حكم المجتمع على أفراده، وقوامها بالإعتبار الاجتماعي لا غير، وبهذا يمكن أن يتحول الفرد على أسباب مختلفة، ثم تظل الأخلاق التي بينه وبين الجموع ثابتة على صورتها وضابطة لعلاقتهما. أقول: إننا ابتلينا بقوم ترجموا واحترفوا النقل من لغات أوربا والغرب، ولا عقل إلا عقل ما ينقلونه، فصنعتهم الترجمة من حيث يدرون أو لا يدرون، صنعة تقليد محض ومتابعة مستبعدة وأصبح عقلهم –بحكم العادة والطبيعة- إذا فكر انجذب إلى ذلك الأصل لا يخرج عليه ولا يتحول عنه. وإذا صح أن أعمالنا هي التي تعملنا فهم بذلك الخطر على الشعب وقوميته وذاتيته وخصائصه ويوشك إذا هو أطاعهم إلى ما يدعون إليه أن .. يترجموه إلى شعب آخر .. إن أوروبا والغرب لا يساوون عندنا شيئا بمقدار ما اتسع بيننا وبين ذاتيتنا، بقر ما اتسع بيننا وبين أخلاقنا وزوالها أو عدم ثبوتها، فالذاتية ذاتية الأخلاق، ذاتية الإسلام هو أساس القوة وأساس السياسة وممارستها، والمحافظة عليها (الأخلاق) هي محافظة على الجو الذي يسمح بالممارسة السياسية العاقلة لا الهوجاء. السياسة ثانيا والأخلاق أولا يا شباب، أخلاقنا قبل سياستهم.