بقلم: سلمان الحساني التنظير لغة اسم خماسي مشتق من الفعل الثلاثي الصحيح نَظَرَ على وزن (فَعَلَ)، كنظر إليه نظراً ومنظراً ونظراناً ومنظرةً وتنظاراً: أي تأملَّهُ بعينه، والنَّاظر: العين أو النقطة السوداء في العين، أو البصر نفسه، أو عرق في الأنف، وفيه ماء البصر، وعظم يجري من الجبهة إلى الخياشيم. والنَّظر: الفكر في الشيئ تُقدِّرُه وتقيسُه. والانتظار، والقوم المتجاورون، والتكهن والحكم بين القوم والإعانة.[1] وقال عنه ابن أبي الأصبع المصري ( ت 654 ه): "هو أن ينظر الإنسان بين كلامين إما متفقي المعاني أو مختلفي المعاني، ليظهر الأفضل منهما".[2] واستمر هذا المصطلح في التطور حتى وُجد عند ألتوسر[3] في علاقة الجدلية مع التطبيق، أي أن التنظير هو البحث النظري من أجل الوصول إلى نظرية معينة في مجال ما. وعليه، لابد من الوقوف قليلاً عند مصطلح "نظرية théorie" باعتبارها المحور الذي يدور عليه مصطلحنا قيد التعريف، ولقد اختلفت تعاريف النظرية وتعددت، لكن لالاند يرى أن هذه الكلمة – في أي من مفاهيمها المتداولة – قد استعملت بمعنىً سوقي، إذ تطلق على نظرة فكرية مبسطة تبسيطاً مصطنعاً يفرغها من محتواها. ومنه، لا يمكن استخلاص نتائج منها قابلة للتطبيق على الواقع، أو تطلق على تصور فردي عشوائي غير ناجم عن العقل، وينتصر لالاند للعالم كلود برنار[4] الذي يرى أن النظرية هي الفرضية المحققة بعدما جرى إخضاعها لرقابة العقل والنقد الاختباري، ويشترط فيها أن تتطور دائماً مع تقدم العلم ومتطلباته، مع الخضوع باستمرار للتحقق ولنقد الوقائع العلمية الجديدة التي تظهر مع مرور الوقت وتقدم العلم.[5] [1] أنظر الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ص 1536. [2] ابن أبي الأصبع المصري، بديع القرآن، ص 238. نقلاعن: أحمد مطلوب، معجم مصطلحات النقد القديم، ص 177. ونفس التعريف ذكره بدوي طبانة في "معجم البلاغة العربية" الصادر عن دار المنارة بجدة ودار الرفاعي بالرياض سنة 1988م. [3] فيلسوف ماركسي (ت 1990 م). [4] (ت 1878 م): عالم فرنسي مؤسس المدرسة التجريبية العلمية. [5] نظر أندري لالاند، موسوعة لالاند الفلسفية، ص ص 1454 – 1455.