موثقة متهمة بتزوير وثائق ممتلكات بطل عالمي أجلت هيأة غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية وجدة، أخيرا، ملفا تتابع فيه موثقة وشريكها بتهمة تزوير وكالة عرفية والاستحواذ على ملايير السنتيمات في ملكية ورثة بطل عالمي في المصارعة الرومانية. وكشفت وثائق حصلت عليها «الصباح» أن ميلود قبلي كان قيد حياته بطلا عالميا في رياضة المصارعة الرومانية ويحمل الجنسية الهولندية ويقيم بصفة دائمة بهولندا، إلا أنه في 29 فبراير 1992، اختفى، في ظروف غامضة، بأمستردام حينما كان متوجها لأداء تمارينه الرياضية، إذ تم العثور على سيارته وحقائبه مبعثرة، حينها تناولت وسائل الإعلام الدولية نبأ اختفائه، رغم جهود الشرطة الهولندية والأنتربول في البحث عنه، وأصدرت محكمة أمستردام حكما قضى بموته بدءا من تاريخ اختفائه. وترك الراحل ثروة كبيرة تتمثل في العديد من الممتلكات العقارية، منها منازل وأراض وأرصدة بنكية وأسهم موزعة على أكثر من حساب في مختلف بنوك المغرب والعديد من السيارات والشاحنات والممتلكات المنقولة. واستغل صهر الهالك ظروف اختفائه وعمل على تزوير وكالة عامة مفوضة تحمل تاريخ 17 مارس 1992، مصادقا عليها بإحدى الجماعات القروية القريبة من وجدة، وتخول له التصرف في تركة الهالك وحساباته البنكية. وسحب صهر الهالك مبلغ مليار و800 مليون سنتيم من رصيده دفعة واحدة، إضافة إلى تفويت مجموعة من الممتلكات العقارية بوجدة والرباط وأكادير والبيضاء، بمساهمة موثقة صادقت على الوكالة المزورة في غياب صاحبها، وأشرفت على إنجاز عقود تفويت ممتلكات الهالك طيلة ثماني سنوات، رغم علمها بوفاته وظروف اختفائه. ولجأ المتهمان (المتابعان في حالة سراح) إلى توزيع ممتلكات الهالك على بعض الورثة، في غياب قسمة شرعية للتركة، في حين أقصي أبناء الهالك الشرعيين وزوجته الهولندية القاطنين بهولندا. ورفع دفاع والد الهالك وابنه شكاية إلى الوكيل العام للملك باستئنافية وجدة أحيلت على الشرطة القضائية التي باشرت تحرياتها، وأفضت إلى أن الوكالة مزورة، كما انتقلت عناصر الضابطة القضائية إلى الجماعة القروية التي صادقت على توقيع الهالك، فتبين لها أن الوكالة غير مسجلة بسجل الإمضاءات، وأن التاريخ المدون بها غير وارد بسجلها، ولجأت الشرطة إلى تنقيط حركة عبور الهالك بالحدود من خلال الحاسوب المعلوماتي التابع للاستعلامات العامة، فثبت لها غياب مرور للهالك في تاريخ إنجاز الوكالة. أحيل الملف، حسب الوثائق نفسها، إلى قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بوجدة الذي استمع إلى الموثقة بصفتها صادقت على الوكالة دون القيام بالتحريات اللازمة، علما أن قانون المهنة يلزمها بذلك، بل وزعت تركة الهالك بمكتبها على بعض ورثته، دون إجراء أي إحصاء قانوني وشرعي لجرد الممتلكات. إلا أنه تم التعامل مع الملف ب"نوع من المجاملة والمحاباة والتساهل مع المتهمين"، إذ أحال قاضي التحقيق الملف على غرفة الجنايات بوجدة بعد متابعة المتهمين في حالة سراح مؤقت، علما أن من المفروض على قاضي التحقيق والوكيل العام للمك، نتيجة لخطورة الأفعال وحجم الأموال المبددة، أن يكون تعاملهما مع المتابعين "مبنيا على الصرامة والموضوعية"، حسب قول الدفاع. ولم تقف الخروقات عند هذا الحد، إذ أجلت المحاكمة أكثر من مرة بسبب تغيب المتهمين، استنادا على تبريرات وصفها الدفاع ب"الواهية لم تتخذ المحكمة إثرها أي إجراء لإجبارهما على الحضور طبقا للقانون"، في حين تم الزج بأحد المشتكين في متاهة من القضايا لأجل دفعه إلى التنازل عن شكايته، ومنها تقديم شكاية ضده تتهمه من أجل التصرف في أموال أبيهم بسوء نية، علما أن إجراءات الملف الأخير تم البت فيه بسرعة قياسية، رغم كل القرائن التي تؤكد براءته.