شدد التقرير، الذي رفعته اللجنة الاستشارية للجهوية حول الجهوية الموسعة المتقدمة إلى جلالة الملك محمد السادس، على أن النموذج الجديد للجهوية يفتح السبيل لإرساء علاقات جديدة بين الدولة والجماعات الترابية، مبنية على الشراكة، وعلى الإشراف والمراقبة المرنة، عوض الوصاية. واعتبر التقرير أن التعاقد هو النهج المعتمد لإقامة هذه الشراكة، في إطار مرجعيات مجددة، تحدد بدقة الأهداف والوسائل، ومعايير تتبع وتقييم الالتزامات المتبادلة بين الدولة والجماعات الترابية في كل شأن. كما التزم المقترح بإحداث صندوق للتأهيل الاجتماعي وصندوق للتضامن الجهوي، مع تقوية موارد الجهات بشكل ملموس، تساهم فيه كل جهة بقسط من مواردها الإضافية، معلنا أن من مميزات التقطيع الجديد للجهات، أنه يجعل منها وحدات وظيفية ومؤسساتية مكرسة أساسا للتنمية المندمجة. وأضاف أن التقطيع اعتمد اعتبارات موضوعية، مثل الوظائف الاقتصادية، وأقطاب التنمية المندمجة، والعلاقات والتفاعلات الحيوية الآنية والمستقبلية بين السكان المعنيين، مشيرا إلى أن من مميزات المشروع، أنه يراعي الإكراهات البيئية والتحديات المرتبطة بها، خاصة في المناطق شاسعة التراب، وقليلة السكان، وذات أرض شبه صحراء، تتخللها بعض الواحات. وأبرز المشروع أن الاختيار ذهب إلى إقامة جهات تؤخذ فيها الإكراهات ذاتها بعين الاعتبار، لتحظى بتضامن وطني ذي نفس جديد فاعل وملموس، حتى تتمكن بنفسها من النهوض بما لها من المؤهلات. واقترح المشروع إجراء تقييم شمولي لمنظومة الجماعات، الترابية، لتجنب الازدواجية العضوية للمجالس المنتخبة، ولتطوير التجمع البيني للجماعات، استجابة لضرورة إلغاء أسباب التداخل والتنازع في الاختصاصات بين المجالس المنتخبة المتراكبة في مجال ترابي واحد، وللحاجة إلى تعضيد المشاريع والوسائل لدى الجماعات، في إطار تنظيمها البيني الديناميكي. وبخصوص مقاربة المشروع، أعلنت اللجنة أنها التزمت بوضع نموذج للجهوية، ينطبق على مجموع التراب الوطني، في انتظار ما ستنتهي إليه المفاوضات حول مشروع نظام الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، موضحة أن طبيعة المشروع تقتضي تفعيله تدريجيا على مراحل، وفق خارطة طريق مضبوطة ترسم له. وأوضحت اللجنة أن الجهوية المتقدمة يمكن الشروع في تفعيلها بمجرد إعادة النظر في اللازم من المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها، مضيفة أن المشروع يفتح آفاقا عريضة أمام الجهة، للتدخل في كل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، كما يجعل المراقبة من طرف الدولة أكثر مرونة، على أن يقترن ذلك بتطور القدرة على التدبير الجهوي، وبالمؤشرات الملائمة للشفافية، وللأداء الجيد. واقترح المشروع تشجيع النساء على ولوج الوظائف التمثيلية، والمشاركة في تدبير شؤون الجهة، وتنظيم مشاركة المواطنين والمجتمع المدني والقطاع الخاص في النقاش العمومي حول قضايا الجهة، وكيفية تدبيرها على الوجه الأحسن. وتشمل تركيبة المجلس الجهوي أعضاء منتخبين، لهم صوت تقريري، ينتخبون عن طريق الاقتراع العام، وأعضاء بحكم القانون أو الصفة، لهم صوت استشاري، وهم برلمانيو الجهة، ورؤساء الغرف المهنية، وعضو منتدب عن كل نقابة ممثلة بمجلس المستشارين. وبالنسبة للصلاحيات التنفيذية لرؤساء المجالس، أناط المشروع برئيس المجلس الجهوي سلطة تنفيذ مداولات المجلس، إذ هو الآمر بصرف المداخيل، والنفقات المتعلقة بتسيير المجلس الجهوي، كما يضطلع بالتنفيذ المباشر لقرارات المجلس ذات الطابع الإداري، الفردي أو الجماعي، أو ذات الطابع المعياري، مع وضع رهن إشارته وكالة لتنفيذ مشاريع الاستثمار، التي يقررها المجلس. كما أعطى المشروع لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم سلطة تنفيذ قرارات تلك المجالس، والأمر بصرف مداخيلها ونفقاتها، ولا مناص من إيجاد حل لتتكفل ميزانية الدولة بالنفقات، التي تتحملها هذه المجالس. وعزز المشروع الإجراءات الإرادية لصالح مشاركة النساء في تدبير الشؤون الجهوية والمحلية، بواسطة مقتضى دستوري، يسمح للمشرع بتشجيع ولوج وظائف الانتداب الانتخابي بالتساوي بين الرجال والنساء، إذ اعتمد أنماط اقتراع ومحفزات مناسبة، لضمان حصول النساء على ثلث مقاعد المجالس المنتخبة للجماعات الترابية، ومكاتبها، وهيئاتها الأخرى، طبقا لأهداف الألفية للتنمية. كما شدد المشروع على وضع المجالس الجهوية آليات استشارية، وفق ما يحدده القانون، من أجل تيسير المشاركة المنظمة والمسؤولة للمواطنين في إعداد المخططات الجهوية للتنمية، والمشاريع الكبيرة . واقترح المشروع، في ما يخص اختصاصات المجالس الجهوية، مقاربة منفتحة متدرجة وأحسن تمفصلا، معلنا أن الحكومة تستشير المجلس الجهوي في الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمخططات القطاعية الوطنية والجهوية والتصميم الوطني لإعداد التراب، والتصميم الجهوي للتنمية الحضرية، والاستراتيجيات الوطنية والجهوية في مجالات النهوض بالاستثمارات، والتشغيل، والماء والطاقة والبيئة، والتربية والتكوين المهني، والثقافة، والصحة . وشملت التعديلات الدستورية، التي نص عليها المشروع،، ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻘﻴﻭﺩ ﺍﻟﻤﺩﺭﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل 101، ﺫﻟﻙ أن ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺼل ﺘﺨﺎﻟﻑ في ﻤﺎ ﻴﺭﺠﻊ ﻟﻤﺠﺎﻟﺱ ﺍﻟﻌﻤﺎﻻﺕ ﻭﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻡ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ، ﻤﺒﺩأ ﺍﻟﻼﻤﺭﻜﺯﻴﺔ، ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻨﻪ، وﺘﻌﺩﻴل ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ، ﻟﺘﺤل ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺒﻴﺔ" ﻤﺤل ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ" ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻴﺤﻴل ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺎﺌل ﺘﺩﺒﻴﺭ ﺍﻟﻘﺭﺏ، ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ، ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻩ، ﻤﻥ ﺍﺨﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻴﻭﺤﻲ ﺒﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﻭﻟﺔ ﻟﻠﺠﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻔﻀﻠﻬﺎ ﻴﺤﺘل ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺠﻬﻭﻱ ﺍﻟﻼﻤﺭﻜﺯﻱ ﻨﻭﻋﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺩﺍﺭﺓ. ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﺸﻤل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﻔﺼﻠﻴﻥ 3 و46 ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ، والتنصيص، في الفصل 101، على الطابع العام للاقتراع. وهذا التقويم جوهري، من حيث إنه يمنح الجهوية مستندا ترابيا ديمقراطيا. ويمكن صياغة هذا الفصل على الشكل التالي "تنتخب الجماعات الترابية بواسطة الاقتراع العام مجالس تتكفل بتدبير شؤونها". كما اقترح تعديل الفصل 38 من الدستور، بالتنصيص على هيئتين ناخبتين، عوض واحدة، تكون الأولى مركبة من أعضاء المجلس الجهوي، والثانية من ممثلي باقي الجماعات الترابية على صعيد الجهة، فضلا عن إضافة فقرة جديدة ضمن الفصل 12 من الدستور، تنص على أن القانون يتضمن مقتضيات من شأنها تشجيع الولوج المتساوي للرجال والنساء لوظائف الانتداب الانتخابي. وشمل المشروع دسترة مواد جديدة، تشمل بعض مبادئ الجهوية المدرجة في الوقت الراهن بنصوص تشريعية، والهدف من ذلك، تعزيز استقلالية الجماعات الترابية، خاصة في المجال المالي، وتكملة المعايير القانونية الواردة في الفصل 101، كمبدأ حرية التصرف في الموارد في إطار القانون، ومبدأ المعادلة بين الموارد والاختصاصات والتعاون بين الجماعات الترابية، فضلا عن مبدأ التضامن. ونص المشروع على إحداث لجنة لقيادة مشروع الجهوية المتقدمة، يرأسها الوزير الأول، إلى جانب هيئة لتقييم مسارات الجهوية واللاتمركز والامركزية.