في ظل سياسة الهروب إلى الأمام مع حلول شهر دجنبر، أطل «السيد ميكي» المستخدم بالمديرية الجهوية بالشرق من نافذة مكتبه، وقد حلت عقدة لسانه بعدما جرع ما يكفي من كؤوس الفشل وهو يقوم بدور كومبارس يعيش على فتات ممثله المفضل، ليروج لخبر مفاده أن المدير العام هنأ المدير الجهوي على المنجزات العظيمة التي حققها منذ حلوله بالمنطقة التي يشرف على إدارتها وطلب منه المزيد إلى أن يحل اليوم السعيد ليشربا فيه نخب «النصر العتيد» وقد حصل لهم شرف إسقاط مؤسسات التكوين المهني صريعة كطواحين الهواء. كنا نتمنى لو كان خبر هذه التهنئة صحيحا، أن يأخذ شكلا رسميا على شاكلة «شهادة كرتونية» مذهبة أو «بطاقة وردية» تزينها صورة «المعلمة» التي في الصورة رفقته- التي تم تشييدها منذ سنتين بأحد معاهد التكوين المهني بالمنطقة الشرقية في عهد المدير الجهوي الحالي من ميزانية الاستثمار، ويا له من استثمار في أطلال أريد لها أن تكون مشروعا نموذجيا لتخريج البنائين وصناع القراميد، لتوفير العمالة لمقاولاتنا المحلية وربما لمقاولات الجارة إسبانيا أيضا، لكن ويا للأسف منذ تشييدها لم يكتب لها أن تستقبل ولا متدربا واحدا. ومن دون شك سيجد مسؤولو التكوين المهني بالمنطقة الشرقية في الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلد الإيبيري ما يبرر تعثر تكوينهم للبنائين وصناع القراميد ، فليهنئوا ، فعلى الأزمة يقع اللوم، وليغيروا الاتجاه بإقحام هذه الأطلال التي توجد بالقرب من ملعب كرة القدم- في إطار مشاريع التنمية البشرية بطلب اعتماد مالي إضافي يحولها إلى رشاشات ومستودعات للملابس. (ولهلا يكون شي بناي ولا شي قرماد). أن يهنئ مدير عام مديرا جهويا فهذا أمر يخصهما خاصة إذا كان الأمر يتعلق مثلا بعيد ميلاد أو حفل زفاف أو ما شابه ذلك، لكن أن تتناقل الألسن خبرا مفاده أن التهنئة تمت بعد توصل سيادته بتقرير مفتشه العام الذي زار المنطقة الشرقية واطلع على المنجزات العظيمة، فالأمر فيه نظر، ويستوجب إحاطة مستخدمي المكتب علما بدواعي التهنئة. - هل هي تنويه بهذه الأطلال الظاهرة في الصورة والشاهدة على تبذير المال العام، فيما يضر ولا ينفع؟ - أم هي تصديق بعشرة أصابع على التشوهات التي اكتسحت مقر المديرية الجهوية السابق الذي شيد في عهد الوالي حلاب عندما كان مديرا عاما وهجر في عهد الوالي الشرايبي عندما كان مديرا عاما وهتكت حرمته في عهد الوالي المدير الحالي وعلى يد مديره الجهوي الذي أبدع في صرف المال العام على إعادة تفصيل المكاتب لتصبح قاعات للتكوين (يشهد الجميع على أنها أشبه بأعشاش الخفافيش)؟ وبالمناسبة نود تذكير من لا ذاكرة له أن هذا المقر منذ تشييده ورائحة المؤامرة لتصفيته تشتم بين جدرانه، فلقد شيد - بالإضافة إلى سكن وظيفي بجواره - بقرض من البنك الإفريقي للتنمية في إطار تمويل بناء عشرة مقرات للمديريات الجهوية لمكتب التكوين المهني لكن سرعان ما تم التخلي عنه بعدما تم تعويضه بمقر بني على أنقاض مركز التأهيل المهني باب الغربي الذي خصص له اعتماد مالي مهم لتغيير معالمه، صرف منه في بناء سكن وظيفي أكثر مما صرف على ترميم المكاتب علما بأن السكن المجاور للمقر الممول من طرف «BAD» تتوفر فيه كل الشروط المطلوبة، لكن سادتنا فضلوا هجره وتعويضه بسكن مندس داخل الإدارة (لأنه لم يكن واردا في حساب الإعتماد المالي) الشيء الذي ترتب عنه طلب مزيد من الاعتمادات المالية في السنوات اللاحقة لإعادة ترميم المكاتب وآخرها ما صرف في عهد المدير الحالي - أم هي تشجيع على تحويل المراحيض إلى قاعات للتحصيل كما حدث بمعهد سيدي امعافة ونقل المعدات من معهد إلى آخر كما ينقل الحجر والرمل في أوراش البناء وصباغة الجدران الداخلية والخارجية للقاعات والمحارف في استغلال مكشوف لمتدربي شعبة الصباغة طيلة أيام الأسبوع بما فيها يوم الأحد؟ - أم هي لغض الطرف عن الوضع البئيس لمراكز القرب المدشنة من طرف عاهل البلاد والتي تعاني من قلة التأطير التربوي والإداري وعلى الخصاص في المكونين والمعدات ومواد الاشتغال. ولم تقف الأخبار المتداولة عند حد التهنئة بل تعدتها - والعهدة على «السيد ميكي» الذي قال- إن مدير المكتب أعطى لمن فوض له تصريف أمور المال والعباد بالمنطقة الشرقية بطاقة بيضاء مغنطسة تعمل برمز «لي دوى يرعف» . وما كنا لنعطي لهذا الخبر أكثر مما يستحق، لولا أن لهفة المدير الجهوي لمكتب التكوين المهني بالمنطقة الشرقية لتأكيد خبر حصوله على البطاقة المعلومة، التي يقال إن مديره العام سلمها له لمكافأته على انجازاته العظيمة ( من إلحاق المراحيض بأقسام التحصيل إلى تشييد أطلال تكوين البنائين وصانعي القراميد) قد وجدت سريعا طريقها للتنفيذ، بإقدام سيادته بتاريخ 03/12/2010 على استعمالها بشباكه الموجود بطريق العونية وذلك لتوقيف أحد المكونات المتعاقدات بشكل مقيت، إذ تم منعها من دخول القسم لتأدية واجبها المهني وتعويضها في ذات اليوم بمكونة متعاقدة جديدة - يبدو أنه أخرجها من درج مكتبه الذي يوجد به كم هائل من المكونين المتعاقدين المفترضين- لا لشيء سوى لأنها أصرت على العمل باستعمال الزمن الذي بين يديها المتضمن لمدة 30 ساعة المنصوص عليها في العقدة التي أبرمتها مع المؤسسة التي تشتغل بها ورفضت العمل لمدة 36 ساعة التي حشرت في العقدة من جانب واحد أي من طرف الإدارة فقط من دون استشارتها، وهو بقراره هذا يحاول أن يؤكد للسيد المدير العام بأنه تلميذ نجيب لا يقل نبوغا - في التعسف الإداري - عن التلميذ المشرف على مديرية الموارد البشرية الذي ألغى ليلة عيد الأضحى عقد كل المتعاقدين المضربين بالدار البيضاء ومكناس وغيرهما من المدن وعوضهم بمستخدمين وظفوا على طريقة «كوكت مينوت». ومن دون التساؤل عن الانعكاس السلبي لمثل هذه القرارات على عملية التكوين لأننا متأكدون بأن آخر ما يفكر فيه سيادته هو الجانب التكويني والبيداغوجي -الله يشوف من حالو- فالمسكين منذ شهر يوليوز وباله مشغول بمشاريع البناء والترميم والقرميد والصباغة والبستنة، ولا وقت له لمعرفة مثلا سبب تناوب أربعة مكونين على تدريس وحدة تكوينية لفوج واحد أو تدريس الوحدة التكوينية رقم 10 قبل تلقين الوحدات من 03 إلى 09 التي تشكل متطلبات أساسية (Pré-requis ) للوحدة العاشرة. ومن دون الغوص في هذا الموضوع الذي قد نعود له لاحقا، سنحاول فيما يلي تسليط الكشاف الضوئي على بقعة سوداء بمكتب التكوين المهني ما فتئ حجمها يزداد اتساعا منذرا بكارثة لا تقل خطرا عن الكوارث البيئية من زلازل وأعاصير. من يتصفح القانون الأساسي لمستخدمي مكتب التكوين المهني سيجد: - بأنه ينصص في مادته الثانية الواردة في الباب الأول على أن مستخدمي المكتب يتشكلون من الأعوان الرسميين أو المتدربين والموظفين الملحقين والأعوان المتعاقدين - وأنه يشير في المادة الثالثة إلى أن المكتب يمكنه في إطار عقدة مبرمة تبعا للقوانين الجاري بها العمل والمصادق عليها من طرف السلطة المكلفة بالمالية توظيف - لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة - مستخدمين يتوفرون على تكوين وتجربة تهم مكتب التكوين المهني، وأن هؤلاء المستخدمين الذين ستصرف لهم أجور طبقا للشروط التي تصرف فيها أجور الرسميين يمكن توظيفهم حتى ولو لم يتوفر فيهم شرط السن المطلوب - أما المادة الرابعة فتتحدث عن المؤقتين والعرضيين الذين لا تشملهم مقتضيات القانون الأساسي والذين يشتغلون بالمكتب بمقتضى رسالة التزام في حدود الاعتماد المالي المخصص للقيام بعمل مؤقت، فمن أين استمدت مديرية الموارد البشرية مشروعية العقدة المبرمة مع المكونين المتعاقدين التي يتفنن مديرها في طبخها حسب المزاج الذي يحلو له؟ فمن يطلع على شكلها ومضمونها سيصاب حتما بالغثيان فمن ناحية الشكل هي أشبه بالأحذية الرياضية «الصينية» المعروضة في الأسواق المغربية بأرخص الأثمان والتي أصبح مسؤولو مكتب التكوين المهني ينتعلونها ويتقنون باحترافية تامة ربط عقدها كلما تعلق الأمر بالرغبة في تسجيل مزيد من الأهداف في أفق بلوغ مليون هدف في سنة 2016 وفك خيوطها لرميها في مزبلة التكوين المهني كلما تبين أن الحذاء ما عاد صالحا لتحقيق الأهداف المرجوة. أما من حيث مضمونها فعمرها لا يتجاوز السنة قابلة للتجديد سنة تلو الأخرى إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، ومعدل الأجر الممنوح بموجبها يقل بكثير عن نصف معدل أجر المكونين الرسميين وساعات العمل التي كانت في شهر شتنبر لا تتجاوز 30 ساعة وأصبحت خلال شهر نونبر تتعدى 36 ساعة للتغطية على النقص المهول في المكونين (الذي لم تنفع محاولات فرض الساعات الإضافية على المكونين الرسميين في تغطيته) يتجاوز بكثير ساعات العمل المنصوص عليها في القانون الأساسي بالنسبة للمستويين التقني والمتخصص والمحصورة في 26 ساعة في الأسبوع. وقد بلغ إلى علمنا أن هناك من المكونين المتعاقدين من أرغم على القيام بالساعات الإضافية (التي ما زال التعويض عنها في علم الغيب) بحيث بلغت ساعات عمله 45 ساعة في الأسبوع. وما هذا إلا غيض من فيض بالنظر لما يقوم به بعض مدراء المؤسسات من استغلال مفضوح للمكونين المتعاقدين تحت طائلة التهديد بفسخ العقدة المنصوص عليه في أحد البنود كدليل على وجوب تقديم فروض الطاعة للسادة المدراء. لا مجال للشك بأن العقدة التي يشتغل بموجبها المئات من المكونين المتعاقدين يتم إبرامها خارج القوانين المعمول بها بمكتب التكوين المهني، فهي تخالف ما هو منصوص عليه في المادة الثالثة، ولا يمكن شرعنتها بما تنصص عليه المادة الرابعة التي تتحدث عن رسالة التزام للقيام بعمل مؤقت جد محدود، فلا اجتهاد مع النص، فوحدها بنود القانون الأساسي لمستخدمي المكتب المعمول به منذ سنة 2003 التي يمكن اعتمادها كنصوص إدارية ذات مشروعية كاملة بقوة القانون، وما عدا ذلك ما هو إلا خرق سافر للقوانين الضامنة لحقوق المستخدمين. وبناء عليه وجب على الجهات المعنية فتح تحقيق في فضيحة العقود المبرمة مع المكونين المتعاقدين ولا بأس في أن يشمل التحقيق مدى احترام مديرية الموارد البشرية لمقتضيات المادة الثامنة من القانون الأساسي التي تنصص على أن المكونين الدائمين يوظفون عن طريق امتحان واختبارات مهنية وباقي الفئات عن طريق المباراة، فالظاهر أن كل التوظيفات تتم عبر مقابلة مباشرة مع مسؤول واحد لا غير بأحد المكاتب الكائن بالمقر الرسمي لمكتب التكوين المهني، والذي ما زال إلى يومنا هذا يستقبل ويوظف المكونين الجدد بالرغم من مرور ثلاثة أشهر على بداية الموسم التكويني. إن ترك الحبل على الغارب سيقودنا من دون شك لأن نعيش حتى نرى عجبا، كأن تطل علينا مديرية الموارد البشرية مستقبلا بمذكرة تدرج بموجبها عقدة المكونين المتعاقدين في إطار التعاقد الباطن (sous-traitance) حيث يصبح ممكنا تفويت ذات العقدة للمستخدمين الرسميين أصحاب المشاريع الخاصة والمستخدمين المرسمين في السلالم العليا جدا وأصحاب الأداء المهني المتدني لدرجة الصفر، في إطار صفقة يخصم بموجبها أجر المكون المتعاقد من أجر المكون الرسمي وشرط أن يقوم هذا الأخير بالتأطير البداغوجي لمن هو في ذمته. فما رأي السيد مدير المكتب في هذا التعاقد الباطن؟ أليس بفكرة جيدة تستحق التجريب؟ لأن من شأنه التخفيف من أعباء ميزانية التسيير والزيادة في ميزانية الاستثمار التي تسيل لعاب من هم على البال، وأن يحل مشكلة التأطير البداغوجي لمن تم توظيفهم حديثا. وما رأي سيادته لو تم عرض الفكرة على مكتب «فيريتاس» - المقيم بإقامة دلال بالدار البيضاء والذي يتم «إغشاؤه» سنويا بملايين من الدراهم لمرافقة المؤسسات التكوينية من أجل الحصول على شهادة «ايزو 9001» التي يتوقف معيارها عند جودة التنظيم الإداري داخل المؤسسة من دون الغوص في جودة التكوين الملقن- وذلك من أجل مرافقة مكتب التكوين المهني من أجل «تعشيب» مؤسساته التكوينية وتسجيل مليون هدف في شباكه المهترئة بأحذية «مايد إن شينا» المنتعلة من طرف مسؤوليه، ليتسنى له الحصول وبشرف على شهادة «زيرو 2016» لتدمغ بها جبهة المكتب كوصمة عار إلى أبد الآبدين. وعلى سبيل المزاح ( أي التنكيت وليس فاكهة المزاح لي على بال سي مبارك) سنختم بسرد المستملحة التي تقول إن شخصا اسمه الحاج العربي أنشأ شركة بمعية أربعة أشخاص أطلق عليها اسم «مقاولة الحاج العربي وشركاؤه» ولما انسحب ثلاثة من الشركاء لعدم قدرتهم على الصمود أمام أسلوب «الحاج العربي» المجسد في شعار «لي دوى يرعف» غير اسم الشركة ليصبح «مقاولة الحاج العربي وشريكه» ولما يئس الشريك المطيع من الغش في الميزان والزيادة في الأثمان ومن حمل أوزار «الكليان» وقرر الانسحاب، غير الحاج العربي اسم شركته ليصبح «مقاولة الحاج العربي وحده لا شريك له» واستغفر الله لي ولكم.