تسجيل زيادات جديدة رغم تدني أثمان المحروقات بأكثر من الثلثين ....................................................................... أحمد بداح ...................................................................... فيما تؤكد الحكومة أنها رفعت الغلاف المالي المخصص لصندوق المقاصة، إلى 35 مليار درهم، وخصصت غلافا ماليا يفوق 9 ملايير درهم، برسم السنة الجارية، لدعم المواد الأساسية الأكثر استهلاكا، لا يلمس المستهلكون المغاربة، في الواقع، أي إجراء ملموس، لحمايتهم من غول الأسعار، والحفاظ قدراتهم الشرائية من التدهور. ومع أن أسعار البترول تراجعت بأكثر من الثلثين، عما كانت عليه في الصيف الماضي، كما هو الشأن بالنسبة إلى الحبوب، والنباتات الزيتية، وأعلاف الدواجن والمواشي، في أسواق العالم، تواصل أسعار المواد الغذائية في المغرب، لاسيما الحليب، والزبدة، والأسماك، والخضر والفواكه، والنقل الحضري، ارتفاعها المسجل منذ منتصف سنة 2005، إذ زاد ثمن اللتر الواحد من الحليب ب 0.20 درهم، والزبدة مازالت مستقرة في 60 درهما للكيلوغرام، في وقت تسجل الخضر مستوى قياسيا في أسعارها، مثل الطماطم، التي بلغت أكثر من 5 دراهم للكيلوغرام، والبطاطس ب 4 دراهم، والبصل ب 3 دراهم، واللوبيا والجلبان ب 10 دراهم، على الأقل، والقرع الأخضر ب 7 دراهم. وسجلت أسعار الفواكه، هي الأخرى ارتفاعا متواصلا، خصوصا الحوامض، التي بلع ثمنها 7 دراهم، على الأقل، والموز 10 دراهم، والتفاح 14 درهما، والإجاص 16 درهما. ولم تتوقف أسعار الأسماك عن الصعود، المسجل منذ 2006، رغم أن وزارة الفلاحة والصيد البحري تؤكد أن الإنتاج ارتفع، ما يفسر أن شبكات المضاربين والوسطاء، وسوء التسويق، وتفضيل البيع في الخارج، أسباب تقف وراء غلاء المنتوجات البحرية. وسجل بعضها ارتفاعا لم يسبق له مثيل، لاسيما الميرلان، التي بلغ سعرها 70 درهما للكيلوغرام، والقرب 60 درهما، والصول 30 درهما، في حين وصل ثمن السردين، أو "سمك الفقراء"، إلى 15 درهما، على الأقل، بينما سجلت الأنواع الأخرى، الأكثر استهلاكا في الأوساط الميسورة، مستوى فاق 100 درهم للكيلوغرام. وسجلت أسعار الدواجن، هي الأخرى، زيادة بدرهم إلى درهمين، حسب الأسواق، حيث بلغ ثمن الكيلوغرام من الدجاج الرومي، و"الكروازي" 17 درهما، بينما بلغ ثمن الدجاج البلدي 45 درهما، والديك الرومي 50 درهما، على الأقل، رغم تدني أسعار الأعلاف في الأسواق. ولا يفهم المهنيون والمراقبون، الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الزيادة المستمرة في الأسعار، رغم أن السبب الرئيسي، الذي كان قائما هو ارتفاع سعر البترول، لكن هذا الارتفاع لم يعد مسجلا منذ الصيف الماضي، إذ تراجع ثمن البرميل إلى 36 دولارا حاليا، بعدما فاق 140 دولارا في يوليوز الماضي، كما أن أسعار الحبوب والأرز والأعلاف والتوابل تدنت بحوالي النصف، ومن غير المستبعد أن تسجل تراجعا آخر، بسبب تداعيات الأزمة العالمية السائدة. وكان نزار بركة، وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، ذكر، أخيرا، أن الحكومة "اتخذت التدابير الضرورية لحماية المستهلك، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، في إطار مقاربة شمولية، تعتمد أساسا على تحسين المداخيل، والتحكم في الأسعار". وقال في رده على سؤال لأحد النواب حول إجراءات الحكومة للحد من غلاء المعيشة، وعدم فعالية المساطر المعمول بها في مجال مراقبة الأسعار، إن السلطات "لم ولن تتخذ أي قرار أو إجراء من شأنه المساس بالقدرة الشرائية"، "انطلاقا من حرصها على تحسين مستوى معيشة المواطنين طبقا للتوجيهات الملكية في هذا المجال"، على حد تعبيره. وذكر الوزير، في هذا السياق، أن الحكومة قررت رفع الغلاف المالي المخصص لصندوق المقاصة، من حوالي 20 مليار درهم، إلى 35 مليار درهم، "لمواجهة الارتفاعات الصاروخية لأسعار المواد الغذائية والبترول في 2008، وتخصيص 9.28 ملايير درهم لدعم المواد الأساسية في 2009. ومن المقرر أن يشهد صندوق المقاصة، خلال السنة الجارية، هيكلة جديدة، تمكن من جعله أقرب إلى المستهلك المحتاج في المقام الأول، إذ تقول السلطات المختصة إن الدعم المخصص للصندوق، يجب أن يوجه ويستخدم من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والطبقة الفقيرة، على اعتبار أن الصندوق، فشل في القيام بهذه المهمة الحساسة، بدليل أن أكثر من نصف مبلغ الصندوق يوجه لدعم أسعار المحروقات، وغاز الاستعمال المنزلي، وهي مواد يستهلكها عموم المواطنين، وبالدرجة الأولى الطبقتان الميسورة والمتوسطة، في حين يوجه الباقي لدعم أسعار الدقيق والسكر، بعدما كانت المواد المدعمة تفوق 14 مادة، منها الحليب والزبدة. من ناحية أخرى، مازال المستهلكون المغاربة ينتظرون إخراج قانون حماية المستهلك إلى الوجود، إذ مازال في البرلمان للمصادقة، ومن المنتظر أن يهدف، حسب الوزير، إلى تدعيم وتقوية دور جمعيات المستهلكين في تمثيل المستهلكين، وتمكينها من آليات الدفاع عن حقوقه الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين جودة السلع والخدمات.