إسبانيا تغلق مدينة مليلة المحتلة بوجه المغاربة والتوتر يحتدم عند الحدود وانتفاضة فلسطينية بالمدينة الحالة عند حدود وهمية للمغرب مع مدينتي سبتة ومليلة، المحتلتين من إسبنيا منذ مئات السنين، متوترة منذ يومين وبدأت تعيد الذاكرة إلى ما حدث حين قام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إرييل شارون، بزيارة استفزازية للمسجد الأقصى في القدسالشرقية منذ 10 سنوات تقريبا، حيث أثارت زيارته حفيظة الفلسطينيين وغضبهم فأشعلوها انتفاضة ثانية استمرت سنوات. الشيء نفسه تماما بدأ يحدث منذ الأحد 20-6-2010 في مناطق الحدود الوهمية للمغرب، فقد توترت الحال على جرعات حتى وصلت إلى ذروتها أمس وفق ما يبدو من وسائل إعلام البلدين، وكله بسبب زيارة استفزازية قام بها يوم الجمعة الماضي رئيس الحزب الشعبي اليميني الإسباني ماريانو راخوي، لمدينة مليلة، وهي لمدريدكسبتة التي يصفها الاسبان بأنها "قطعة من الأرض الإسبانية في الجهة المقابلة من المضيق" بحسب التعبيرات الرسمية. وماريانو راخوي للمغاربة هو تقريبا كشارون للفلسطينيين، فقبل شهر مثلا طالب بطرد الجمارك المغربية من المعبر الحدودي مع مليلة لأن بعض المغاربة وضع لافتة تشير بأن المدينة محتلة. وللاختصار فهم يعتبرونه حاملا لصفات رئيس الوزراء الإسرائيلي الغائب عن العالم في غيبوبة بأحد مستشفيات القدس منذ 4 سنوات. لذلك تجمعوا بعد ساعات من الإغلاق عند "باب مليلة- بني أنصار" المعروف بأنه نقطة العبور إلى البوابة الإسبانية ومنها إلى مليلة المحتلة، للتنديد بالزيارة وللاحتجاج، فردت مدريد بما كشف عن جمر مغربي متقد بالشرر الموعود تحت ارماد اسباني قديم: أغلقت المدينة في وجوه الراغبين منهم بدخولها بعد أن راح حرس الحدود يمعنون في إذلالهم بحقد واضح. وانتشرت تفاصيل عمليات الإذلال في مناطق الجوار، كمدن الناظور وبني أنصار وبني شيكر وبلدة أركمان، وجميعها ريفية يسكنها بربر من قبائل مغربية تعيش فيها منذ مئات السنين، فخرج أبناء هذه المناطق هم محتجين، وأسرع عدد منهم إلى الطريق الدولية المؤدية من الناظور إلى سبته وقاموا بتغيير عبارات مدونة على اللوحات المشيرة إلى وجهة المدن، بحيث وضعوا "سبتةالمحتلة" بالعربية والفرنسية إلى جانب السهم المشير إلى وجهة المدينة، لمعرفتهم أن صفة "محتلة" لسبتة أو لمليلة هي أكثر ما يزعج الساسة الإسبان المتكاتفين طوال عشرات السنين على مبدأ رفض التفاوض مع المغرب على أنهاء احتلال المدينتين. وتقول صحيفة "إل باييس" في عددها اليوم الثلاثاء إن دانيال كونيثا، وهو المتحدث باسم مدينة مليلة، استشعر خطورة الوضع وإمكانية انقلاب الأمور إلى ما يشبه انتفاضة على الطريقة الفلسطينية عند بوابات المدينة، فطلب على عجل من الحكومة الإسبانية استخدام سلاح الدبلوماسية مع نظيرتها المغربية، بحيث تتدخل الرباط بشكل فاعل لمنع المحتجين من القيام بالمزيد من التصعيد والاحتجاجات التي قال إنها المسببة بإغلاق المعبر، في إشارة منه إلى "باب مليلة- بني انصار" الذي تم افتتاحه من الجانب الإسباني بعد 70 دقيقة من إغلاقه. ومن الجانب المغربي وصف موقع "ناظور24" الإخباري ما جرى عند الحدود الوهمية فقال إن عناصر أمن الحدود الإسبان عمدوا إلى ختم عدد لا يستهان به من جوازات سفر الذين كانوا يرغبون بدخول مليلة بختم ممنوع الدخول كانتقام على الاحتجاجات "إضافة إلى أنهم عبثوا في بعضها بالتمزيق والتلطيخ إمعانا في الاستفزاز والإهانة" على حد تعبيره. ووصل صدى الإهانات إلى قيّمين على جمعيات وفعاليات من المجتمع المدني والإعلامي وحملهم على زيارة الحدود الوهمية ومعهم رئيس المنطقة الإقليمية لأمن الناظور، عبد الرحمن بورمضان، كما ورئيس مفوضية شرطة الحدود ببني أنصار، عبد الحق العماري، للتأكد مما مارسه عناصر الأمن الاسبان. ووجدوا أن المحتجين أغلقوا المعبر من الجانب المغربي صباح الاثنين ثم أعادوا فتحه بعد توزيع بيان تعاهدوا فيه على إغلاقه ثانية اليوم بين ساعتين و5 ساعات "من أجل ضرب الاقتصاد الاسباني في عمقه بعد الضربات المتتالية التي نالها بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية" بحسب الوارد في بيان تداولته بعض وسائل الإعلام المغربية. ووعد المحتجون بأن مزيدا من التصعيد سيرافق الإغلاق الاحتجاجي للمعبر من الجانب المغربي غير الرسمي. وذكروا في بيانهم أن هذه الخطوات "تسبق نهج خطة نضالية تصعيدية تهدف إلى الدفاع عن كرامة المواطن المغربي التي تهان بشكل يومي بالنقطة الحدودية الوهمية باب مليلة" على حد قولهم. وتتمتع مليلة، التي احتلتها اسبانيا بعد سقوط مملكة غرناطة قبل أكثر من 500 سنة، بحكم ذاتي، وهي صغيرة على القسم الشرقي للساحل المغربي عند المتوسط، سكانها 60 ألفا وبالكاد مساحتها 12 كيلومتر مربع، ومحاطة منذ 12 سنة بسياج ألكتروني لمنع التسلل ارتفاعه أكثر من 6 أمتار وطوله متعرجا 8 كيلومترات. أما سبتة، البالغ عدد سكانها 100 ألف نسمة تقريبا ومساحتها أكثر من 18 كيلومتر مربع، فاحتلتها اسبانيا منذ 350 سنة، وهي أيضا محاطة بسياج ألكتروني يعزلها عن محاولات الراغبين بالتسلل. ويرفض المغرب احتلال الاسبان للمدينتين ويدعو مدريد للتفاوض دائما لإنهاء أطول احتلال عرفه التاريخ، لكن إسبانيا ترفض حتى التفكير بالموضوع.