إن مفهوم الطغيان يعني تجاوز القدر, والحد المعهود به. ولقد فسر بن كثير قوله تعالى:{ إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} (سورة الحاقة الآية 11 ) بقوله :( لما تجاوز الماء حده, حتى علا كل شيء,وارتفع فوقه)( ابن كثير الجزء الثالث ص 435) ومنه الطغيان: وهو المغالاة في الكفر, والذنوب و,الظلم, والتجبر, والتكبر وصرف الناس عن الخير, وعن الطريق المستقيم ... ولقد لقب فرعون مصر بالطاغية , لما اجتمعت فيه كل هذه الصفات النكدة .وكذلك كل فرعون عصره. أما مصطلح الفسق ,أو الفاسق, فهو يطلق في اللغة العربية على المرأة,والرجل ,ويعني الخروج عن طريق الحق, والصواب .ولقد ورد هذا المعنى في قوله تعالى:{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوا بئس للظالمين بدلا .} أي أن اللعين خرج عن طاعة الله عز وجل, وعصى أمره.ومن ثم نطلق مفهوم الفاسق, على كل من خرج عن حدود الشرع , وانغمس في المعاصي, والموبقات . ولقد نهانا الله سبحانه وتعالى ,عن التعامل مع الفاسق, إلا ونحن حذرون. فقال:{يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.}لأن الفاسق, لا يتورع عن إتيان كل ما يعتقد أنه يخدم مصلحته, أو يرضي أهواءه, ويحقق نزواته, ولو على حساب مجتمعه, وعقيدته, سواء كان ذلك كذبا, و زورا, أم ظلما, وكفرا. إن لعبة المفاهيم, والمصطلحات الجذابة, كالديموقراطية, والحرية, والمساواة, وحقوق المرأة, والإنسان التي يروج لها أعداء الإنسانية, و كل من هب ودب, بوعي وبدون وعي, بفهم وبدون فهم. إلى جانب ترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والتنكر للأخلاق, والقيم الإسلامية, والمبادئ السامية, والابتعاد عن كتاب الله وسنة رسوله. كان السبب في طغيان النساء, وفساد الرجال.وبفساد هذين العنصرين تفسد الحياة الاجتماعية ولا تستقيم, وتطغى جرثومة الشر, وتنتشر بسهولة في جسم الأمة, التي فقدت مناعتها بتخليها عن توجيهات ربها. يقول حسن البنا رحمه الله:{إن طغيان النساء ,هو الشرارة الأولى التي تفسد الحياة الاجتماعية .}(حسن البنا من أعلام النبوة) و حتى لا يساء فهم الرجل فقد بين ما يعنيه من قوله طغيان النساء في قول آخر:(إذا جاوزت المرأة الحدود التي حدها لها الدين ,وخرجت على قانون الطبيعة ,وخالفت وظيفتها في الحياة, وتناهت في التزين, والتبرج, ودانت بالإباحية ,والتهتك. كان ذلك أول مؤذن بدبيب الفساد إلى صميم الأمة. ) (مرجع سابق) وفي نفس المعنى يأتي قول: أحمد بن محمد بن الصديق:(ومما ظهر طغيان النساء, وجرأتهن, وطمعهن في مناصب الرجال العالية, وأن يكون منهن قضاة, ووزراء, وسفراء الدولة...وخروجهن في مظاهرات وجرأتهن على الرجال,بل وعلى الشريعة بطلبهن ما يخالفها – ( مثلا مطالبتهن بتعديل قانون الميراث, ومنع التعدد) – مما يوافق هواهن وشهواتهن ونحو ذلك) ( مطابقة المخترعات العصرية لما أخبر به سيد البرية ص 40). صحيح أن أوضاع المرأة عبر التاريخ, كانت في غاية السوء. الشيء الذي دفع الكثير من المصلحين, والمفكرين, إلى الدفاع عن المرأة ,والدعوة إلى تحريرها, ومساواتها, مع الرجل. وأنا لا أناقش موقف هؤلاء من المرأة ,وما إذا كانت تتمتع بنفس التكوين العقلي ,الذي يملكه الرجل, وهل هي من نفس طبيعة الرجل ؟ ولا أحاول علاج أوجاع المرأة, ومعاناتها, وتجبر الرجل عليها أحيانا . فهذا الموضوع في تصوري لانهاية له, وسيظل قائما مادام هنا ك رجل, وامرأة,على وجه البسيطة. ولكن الذي يهمني, هو جرأة المرأة والرجل ,على حدود الشرع وهتكها,باسم حرية التعبير, والحق الإنساني,والمساواة... فلم تعد النساء الساقطات, تتورع عن التظاهر في الشوارع مطالبة بالاعتراف بحقهن في ممارسة البغاء, أو السحاق, أو العري ,ولا أشباه وأتفه الرجال يتورعون عن المطالبة بالاعتراف بقانونية المثلية, ومباركتها.ولقد تظاهرت بعض النساء المحسوبات على الفن ,عاريات تضامنا, ودفاعا ,عن وزير الثقافة المصري فاروق حسني, لما طالبه إخوان مصر في البرلمان بالاستقالة, بسبب تصريح له , لصحيفة المصري مفاده أن ارتداء المرأة المصرية الحجاب, عودة إلى الوراء ,وأن الدين أصبح مرتبطا بالمظاهر فقط ,رغم أن العلاقة الإيمانية بين العبد وربه, ولا ترتبط بالملابس , و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ قال :{من أعلام الساعة ,وأشراطها. أن يكتفي الرجال بالرجال, والنساء بالنساء }(روه الطبراني وأبو نعيم )(مرجع سابق ص57)وقال ايضا: {والذي بعثني بالحق لا تنقضي هذه الدنيا ,حتى يقع الخسف, والمسخ والقذف .} قالوا: ومتى ذلك يا رسول الله ؟ قال :{ إذا رأيت النساء ركبن السروج واستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء}(رواه الحاكم ص 57 .(يتبع)