عشرات المختلين يجوبون شوارع وجدة لن تنتهي المعاناة اليومية لعدد من الأسر بالجهة الشرقية نتيجة مضاعفات أمراض نفسية وعقلية ابتلي بها أقاربهم إلا بانتهاء أشغال بناء مستشفى لهذا الاختصاص. إذ بدأت أولى تفاصيل هذه المعاناة منذ إغلاق مستشفى الأمراض العقلية سنة 2008، من أجل إعادة بنائه وإرساء عرض صحي قريب ومتوازن وموزع بشكل جيد، وكذا عصرنة التجهيزات "البيوطبية «ورفع مستواها وتحسين جودة الخدمات العلاجية وأنسنة ظروف الاستقبال والإقامة. وقد أدى الإغلاق المؤقت لمستشفى الأمراض النفسية والعقلية، المعروف لدى سكان وجدة بمستشفى"لازاري"، إلىتأزيم الوضع وخلق معاناة مضاعفة ومسترسلة للمرضى ولعائلاتهم بعدما أقدمت إدارة المستشفى على تسليم المرضى إلى عائلاتهم، أما الذين انقطعت كل خيوط الاتصال بأقاربهم فكان التشرد في الشوارع مصيرهم، بعدما طردوا من المؤسسة الاستشفائية، ليواجهوا المجهول حيث يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، مما يطرح تساؤلات، حسب فعاليات حقوقية من المدينة، حول أدوار الدولة بالنظر إلى الانعكاسات الاجتماعية والأمنية لهذا الوضع، خاصة أن شريحة المصابين بهذه الأمراض تتكاثر في صفوف مدمني "القرقوبي" والأقراص المهلوسة بكل أنواعها، ما يزيد الوضع قتامة وكارثية.وقد أصبحت أزقة وشوارع مختلفة بمدينة وجدة، تشهد تزايدا مستمرا في عدد المختلين العقليين، مما حول المدينة إلى مرتع خصب للمختلين عقليا الذين يؤثثون مختلف أزقة وشوارع مدينة الألف السنة، أمام التعثرات والتأخر الحاصلين في إعادة تشييد مستشفى الأمراض العقلية بوجدة، رغم تأكيدات رسمية سابقة بأن الاشغال ستنتهي يوم 29 يونيو 2009، وأن عملية البناء ستتم على شطرين، يهم الأول إنجاز الأشغال الكبرى ويمتد على مدى سنة. وقد وجدت مجموعة من الأسر صعوبة في السيطرة على مرضاها نتيجة عدم تمكنها من الحصول على الأدوية التي كانوا يتناولونها داخل المستشفى، ذلك أن كمية الأدوية المسلمة لهم من طرف إدارة المستشفى نفدت لهم سريعا ولم تعمل الإدارة الجهوية لوزارة الصحة على مواكبة الوضعية مع تلك العائلات خلال المدة التي تلت فترة إغلاق المستشفى، نتيجة الارتجال والعشوائية التي يشتغل بها المشرفون على قطاع الصحة بالجهة الشرقية، وقد حاولت "الصباح" في أكثر من مرة الاتصال بالمندوب الجهوي للصحة لأخذ رأيه في الموضوع، لكن هاتفه ظل يرن بدون مجيب. وقد أكدت مجموعة من العائلات تحدثت إليها "الصباح" أن محاولاتهم بنقلهم أهلهم وذويهم من المصابين إلى أقرب المراكز الصحية المختصة في معالجة المرضى النفسيين والعقليين بكل من تازة والحسيمة، باءت بالفشل، بعدما رفضت الأخيرة استقبال المرضى الوافدين عليها من مدن الجهة بحجة الاكتظاظ الذي تعرفه تلك المراكز. طريقة التعامل مع المصابين بأمراض نفسية تبعث على القلق على واقع ومستقبل المنظومة الصحية المؤهلة لاحتضان وعلاج هذه الحالات المتزايدة بالشارع الوجدي ومناطق مختلفة بالجهة الشرقية، وقدرتها على توفير ظروف العلاج. وتراهن مجموعة من العائلات بالجهة الشرقية، على مشروع بناء مستشفى للأمراض العقلية بحي ظهر المحلة الذي اشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2009، على تدشينه بحي ظهر المحلة بوجدة والذي سيشيد على مساحة 6953 مترا مربعا مغطاة بكلفة 24 مليون درهم، منها 22 مليون درهم للبناء. وسيتوفر المستشفى على وحدات استشفائية وإدارية متنوعة موزعة ما بين مصلحة المستعجلات، ومصلحة الاستشفاء المغلقة، ووحدة لعلاج الإدمان، وأخرى لعلاج المسنين، وجناح لمعالجة الحالات المستعصية، ووحدات لإدماج المريض والعلاج النفسي الوظيفي والفحص . ومن المنتظر أن يسهر على تأمين الخدمات الصحية بالمستشفى، الذي يهدف إلى التكفل بالمرضى المصابين عقليا بالجهة الشرقية، طاقم من 40 ممرضا وثلاثة أطباء بالإضافة إلى أطر طبية موازية. وكان وزير الصحة الحسين الوردي أكد في لقاء حزبي عقده بوجدة في شهر رمضان الماضي أن «مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بوجدة سيكون مستشفى نموذجيا يحتذى به على المستوى الوطني للتجهيزات والإمكانيات المرصودة له إضافة إلى وعده بتوفير طاقم بشري متخصص وذي تكوين عال».