يبدو أن هوس عرض الأزياء أصبح الشغل الشاغل لدى العديد من الفتيات، بحيث أصبحت كل فتاة تطمح إلى الشهرة تطلق على نفسها لقب «عارضة الأزياء»، وتتخذ غير وسيلة للزحف على المجلات الفنية بأمل تصدر أغلفتها والتألق في التظاهرات كذلك.. مهنة عرض الأزياء كانت الستار الذي اختبأت وراءه وكالة وهمية لتمارس نشاطاتها المشبوهة، لتستقطب العشرات من الفتيات الصغيرات للعمل في الدعارة الراقية.. وتحت إغراء المال والوعود الكاذبة كانت هؤلاء الفتيات ضحايا هذه الشبكة والقائمة تطول.. هاجر: آلو شكون اللي معايا. المتصلة: معاك «....» (اسم الوكالة). هاجر: نعم أناهاجر للي رسلت ليكم CV المتصلة: علا هاذ شي كنتصلو بيك وكان كولو ليك، كوني معانا نهار اثنين في الصباح باش دوزي قدام لجنة الاختيار.. هاجر: شكرا غدي نكون في الموعد. أحلام فتاة صغيرة كانت فرحة هاجر ذات العشرين من عمرها لا تقدر بثمن، فمؤهلاتها العلمية وشكلها الخارجي جعلاها تجتاز الاختبار الأول، وتم اختيارها للاختبار الثاني وهذا يعني بالنسبة لها فرصة لتحقيق حلمها بأن تصبح عارضة أزياء. اجتازت هاجر امتحان الباكالوريا بنجاح إلا أن معدل نجاحها لم يخول لها ولوج المدارس العلمية المعروفة، بل استطاعت فقط أن تحظى بمكان لها على مقاعد الدراسة بالتكوين المهني. ورغم ولوجها ميدان التكوين ونجاحها بالسنة الأولى، إلا أنها كانت تشعر أنها مهووسة بعروض الأزياء، تتابع على شاشات التلفزيون القنوات المتخصصة في هذا المجال وتتابع تظاهرة القفطان التي تجرى سنويا بمراكش. مع مرور الأيام أصبح هوس عرض الأزياء شغل هاجر الشاغل، بحيث أصبحت تطمح إلى الشهرة، بل أصبحت تطلق على نفسها لقب «عارضة الأزياء»، لكن كل محاولاتها لولوج هذا المجال وتحقيق حلهما بتصدر أغلفة المجلات المتخصصة باءت بالفشل، رغم توفرها على قد ممشوق وجمال ملفت... إلى أن جاءتها الفرصة. الفرصة كانت عبارة عن إعلان عبر الإنترنت لإحدى المدارس الخاصة بتعليم الفتيات فن عرض الأزياء.. إعلان بسيط يقول «مؤسسة تبحث عن فتيات تتوفر فيهن مقاييس عارضات الأزياء.. من تجد نفسها مؤهلة فلتبعث لنا بنسخة من CV مرفوقة بصورة فوتوغرافية على العنوان التالي...». لم تكذب هاجر خبرا فقد أرسلت ما طلب منها على أمل أن يتم اختيارها وهذا ما حدث بالفعل. . أحلام وردية بالطابق الثالث بعمارة قديمة ممتدة بزقاق ضيق على مقربة من مطعم معروف، تم استقبال هاجر بمعية اثنتي عشرة فتاة في نفس السن تقريبا.. فتيات صغيرات لا تتجاوز أغلبهن العشرين سنة، يجمعهن الجمال والقوام الممشوق والابتسامة الفاتنة.. بشرتهن كانت صافية والماكياج الموضوع بعناية زادهما صفاء وتألقا، اختلفت تسريحات شعرهن لكنها كانت في النهاية تضيف لمسحة سحرية على وجه كل واحدة منهن. تتقاطع أحلامهن في تحقيق المال والشهرة والجمال في أسرع وقت.. أغلبهن ينحدرن من عائلات متواضعة مادية أو تعيش ظروفا صعبة.. دائرة الأضواء والشهرة هي الهدف الأسمى والأكبر لديهن.. لكنهن لم يكن يعلمن أنه انطلاقا من هذه الشقة سيقدمن على شكل وجبات لذيذة لعينة خاصة من الزبناء. بعد استقطاب الفتيات المرشحات بالإعلان القصير جدا.. تبدأ عملية الانتقاء داخل الشقة التي تكتريها الوكالة الوهمية التي تقوم باختيار بنات يتمتعن بالمقاييس المطلوبة منها، القوام الممشوق والنحافة للعمل في مجال الأزياء والماكياج، وتصفيف الشعر، وارتداء الملابس، وأمور أخرى، وتوعد كل منهن بتكوينها في مدارس متخصصة لأجل التأهيل الكامل كي تصبح بعد ذلك عارضة أزياء محترفة. مسار المرشحات الموعودات بالمجد والنجومية ينحرف فجأة ليجدن أنفسهن على «الطروطوار» لممارسة الدعارة، أو خدمات أخرى متعددة كتصوير أفلام الفيديو العارية التي تديرها عصابات متخصصة. جهزت إحدى غرف الشقة كي تكون قاعة للاختبار. خلف المكتب الأنيق يجلس شخصان تتقدم أمامهما الفتاة المرشحة، ثم يشرع أحدهما في طرح أسئلة بسيطة من قبيل: «اذكري لنا اسما أو اسمين لعارضتي أزياء معروفتين في العالم»، كأن الرجلان كانا يريدان أن تجتاز جميع الفتيات الاختبار بنجاح، وهذا ما حدث بالفعل فقد تم اختيارهن جميعا ليجتزن المرحلة التالية والتي سيكون موعدها ليلة السبت بمركب سياحي. .. بداية الرحلة من أجل ليلة السبت ارتدت هاجر التي اجتازت الاختبار «روب سواريه» اقتنته من أحد المحلات التجارية المعروفة وتوجهت إلى أشهر مصفف للشعر ليصفف شعرها ويزينها. والدتها التي كانت هاجر تخبرها بكل صغيرة وكبيرة وبخبر انتقائها للمرحلة النهائية لم تبخل عليها بأي شيء من أجل تحقيق طموحها. كان لدى صديقة والدة هاجر ابنة تعلم أنها تشتغل بالمركب المذكور، لكن الحقيقة التي ستعلمها فيما بعد عندما تعقد الرحال إلى هذا المركب أن هذه الفتاة واحدة من فتيات الاغراء اللواتي وجدن في هذا الفضاء فرصة للربح المادي، من خلال ممارسة كل شيء وأي شيء.. حلت هاجر ضيفة على الوكالة التي طلبت منها الحضور إلى المنتجع لاجتياز المرحلة الثالثة كما حلت في نفس الوقت ضيفة على ابنة صديقة والدتها «زيزي» كما يناديها «معجبوها» هناك.. كانت هذه هي المرة الأولى التي تقصد فيها هاجر المركب السياحي، وكذلك الشأن بالنسبة لباقي الفتيات المختارات بعناية إلى نفس المكان. كان في استقبال المجموعة نفس الرجلين اللذين تعرفت عليهما الفتيات بالإضافة إلى امرأة في مقتبل العمر تكلفت بتوجيههن إلى إحدى الفيلات الموجودة هناك والتي تم كراؤها بعشرة ملايين درهم لليلة واحدة.. هناك كانت المرأة صريحة مع فتياتها، أخبرتهن بأنهن إن أردن الوصول إلى المجد وتحقيق الثرورة ما عليهن إلا الاستجابة لرغبات الزبناء، وأوهمتهن بأنه قد يعجب أحدهم بإحداهن أو بهن جميعا وبذلك فقط سيضعن أولى خطواتهن في عالم الأزياء والنجومية. ليلة ماجنة توقفت أحلام هاجر في أن تكون عارضة أزياء، وتبددت معها أحلام بعض زميلاتها أما البعض الآخر فقد صرحن.. «ولم لا فقد نحقق أحلامنا مادامت كل الطرق تنتهي بالحصول على المال، ونحن نعرف أن هناك مالا كثيرا».. وقبل أن تقرر المترددات في قبول عرض المرأة، سارعت بالقول بأن عليهن أخذ حمام سريع وتغيير ملابسهن بأخرى تكشف عن مفاتنهن وضعت رهن إشارتهن بعد أن قامت متخصصة بتجميلهن. سرعان ما وجدت الفتيات أنفسهن مدعوات لحضور حفلات للتعرف على رجال الموضة، هكذا أخبرتهن المرأة، المكان كان عبارة عن ملهى ليلي يوجد داخل قاعة ضخمة.. ثمن تذكرة الدخول يتجاوز 1500درهم، وقد تصل إلى 30 ألف درهم في حال وجود نجم يحيي الحفلة وتناول وجبة العشاء، الشيء الذي كان يعني أن مرتادي المرقص من الأثرياء. كل شيء كان مباحا في تلك الليلة: رقص خليع.. همسات.. أحضان.. لمسات في مناطق حساسة.. قبل... وأشياء أخرى.. التصوير كان ممنوعا فلا يسمح لأي شخص باستعمال آلة تصوير أوكاميرا المحمول الخاص به، ولهذا الغرض وضع الفندق مصورا خاصا رهن إشارة الزبناء يتحمل المسؤولية في حال تسريب أية صورة من داخل المرقص.. هاجر من بين الفتيات اللواتي كن محط اهتمام أحد الأشخاص الأثرياء والذي تبين من لهجته أنه من إحدى دول الخليج، لكنها خافت من أن تتقدم خطوة للدخول إلى عالم تندم على ولوجه، عكس ابنة صديقة والدتها التي تمكنت من استقطاب زبناء خاصين جدا والتي كانت تشجعها بين الفينة والأخرى لتقليدها إن كانت لديها رغبة في امتلاك شقة وسيارة وملء رصيدها البنكي في وقت مبكر من حياتها.. أعجب الزبون المذكور بهاجر فقد كانت صغيرة وجميلة بمعنى آخر كانت «فتية» في عالم الدعارة خاصة عندما علم أنها مازالت تحتفظ ببكارتها فعرض عليها مبلغا مغريا لقضاء الليل معه، بل استطاعت هذه الفتاة أن تثير اهتمام باقي أفراد «الشبكة» بعد أن طلب أن تكون فتاته الخاصة طيلة وجوده بالمركب السياحي. .. وأصبحت عضوا في الشبكة عرفت هاجر أن حلمها بأن تصبح مشهورة قد تبدد وأنه لم يبق أمامها إلا تحقيق حلم الثروة، وهذا لن يتم إلا إذا استجابت لرغبات أصحاب الوكالة الوهمية، خصوصا أنها تابعت استسلام باقي زميلاتها للإغراء المادي ولم يستطعن مقاومة سحر المبالغ التي عرضت عليهن. من العاشرة ليلا وإلى حدود الثالثة صباحا لم يهدأ بال عدد من الوسطاء الذين لعبوا دور منشطي الجلسة، وظلوا يحثون الفتيات على إرضاء الزبناء مهما كلفهن الأمر من ثمن حتى يعاودن زيارة المكان من جديد، بل منهن من تم خداعها في تلك الليلة بتوفير عقود عمل كعارضات أزياء في المجلات وكمضيفات في المهرجانات والمحافل الدولية التي تنظم على أرض المغرب، ومنهن من تم خداعها هذه المرة بتوفير عقود عمل بالخليج أو إقامة دائمة بالإمارات أو قطر أو البحرين، لكن الوعود لا تكون سوى «تكرفيص» لليلة واحدة بدون «تعاويدة» إن لم ترق الفتاة للزبون، وهذا ما حدث مع عدد منهن. العودة إلى .... كانت في نفس اليوم وهذه المرة تكفلت الوكالة بنقلهن على نفقتها.. كن محملات ببعض الهدايا.. ساعات غالية الثمن.. مبالغ مالية نسبيا مهمة لأن الجزء الأكبر استحوذ عليه الوسطاء. وضعت رهن إشارتهن حافلة خاصة.. على أساس أن أغلب الفتيات أخبرن أهاليهن بالعودة في الغد إلى البيت.. الإثنين صباحا تم إخبار هاجر بمعية خمس فتيات أخريات على أنه تم اختيارهن لقضاء سهرة خاصة ليلة السبت بإحدى الفيلات على أن الوكالة ستتكلف بنقلهن هذه المرة على حسابها في سيارات.. حاولت هاجر أن تخفي سعادتها بالخبر رغم أنه كان باديا على وجهها ذلك.. فقد كانت تريد أن توهم محيطها على أنها رفضت جميع محاولات هذه الشركة الوهمية باستدراجها إلى عالم الدعارة، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك تماما فقد كانت ترغب في أن تعرف حياتها نقلة جديدة، وربما اتصالها ب«زيزي» ابنة صديقة والدتها كان دليلا على رغبتها لدخول هذا العالم فقد أرادت أن تتعلم منها فنون إغواء الزبون وطرق الإغراء واللغة المثيرة أثناء القيام بالعلاقة الجنسية. مساء يوم الجمعة كانت هاجر أولى الحاضرات بنهاية شارع ... وبالقرب من سينما الريف ....، حيث كانت السيارات في انتظارها بمعية الفتيات.. وكان الهدف نقلهن إلى الوجهة المعلومة للاستعداد هناك قبل انطلاق «السهرة» الأسماء مستعارة نزولا عند رغبة المعنيات بالأمر. فروع نشاط الشبكة للوكالة الوهمية فروع ويزدهر نشاطها في عدة مدن خاصة تلك التي تشتهر بمنتوجها السياحي، بحيث يتعدى استقطابها للفتيات حدود العاصمة الاقتصادية إلى أكادير والجديدة ومراكش والرباط والصويرة. وتعمل الوكالة/الشبكة بنفس التقنية حيث تنشر إعلانات قصيرة عن رغبتها في توظيف عارضات أزياء يعملن لديها ومع شركات عالمية للموضة، كما يحدد الإعلان بعض الشروط اللازم توفرها في المرشحات.