ومدريد تنقلب على الجزائر بشأن إرهاب بوليساريو وجهت الخارجية الإسبانية صفعة جديدة إلى الجزائر، وصنيعتها بوليساريو، في لقاء جمع وزير الخارجية الجزائري بنظيره الإسباني بمدريد. وجاءت الصفعة الإسبانية بعدما حاول رئيس الدبلوماسية الجزائرية، إثارة قضية سحب مدريد لمواطنيها من مخيمات تندوف، على خلفية وجود تهديدات إرهابية، وذلك في محاولة من المسؤول الجزائري انتزاع تراجع عن هذه التصريحات خدمة لبوليساريو، غير أن المسؤول الإسباني أكد موقف بلاده بشأن مخاوفها من تعرض رعاياها للاختطاف على يد إرهابيين بمخيمات تندوف، حين قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإسباني، خوسي مانويل غارسيا مارغايو، إن التوصيات المقدمة للرعايا الإسبان، القاضية بعدم التوجه إلى تندوف، جنوبالجزائر، تظل قائمة بسبب غياب الأمن في المنطقة، مشددا على أن «إسبانيا لا تعتزم راهنا إعادة النظر في توصياتها ما دام الأمن غير مضمون في تندوف». وتسبب الموقف الإسباني في حرج كبير لوزير الخارجية الجزائري، الذي يزور إسبانيا التي تشكل معقلا لأنشطة جبهة بوليساريو، إذ كان المسؤول الجزائري يبحث من وراء إثارة هذه القضية إلى حمل السلطات الإسبانية على التراجع عن اتهاماتها ومساعدة بوليساريو على تجاوز الموقف الذي وضعته فيها المخاوف الإسبانية، سيما بعد أن تبعتها إيطاليا التي طلبت من رعاياها هي الأخرى مغادرة تندوف، بناء على تقارير أمنية موثوقة تشير إلى إمكانية تعرضهم للاختطاف بالمنطقة، كما حدث مع الأجانب الثلاثة الذين اختطفتهم حركة التوحيد والجهاد، وأطلقت سراحهم بعد الحصول على فدية. وشكل سحب المتعاونين الإسبان من مخيمات تندوف، صفعة قوية لجبهة بوليساريو تؤكد تورط قيادة التنظيم في علاقات مع تنظيمات إرهابية، وتجاوز الإرهاب بالمنطقة لقيادة بوليساريو التي لم تعد قادرة على السيطرة عن مخيماتها، سيما أن آخر اختطاف تعرض ثلاثة أجانب تم بالقرب من مقر إقامة زعيم بوليساريو، في الرابوني، التي يفترض أنها تخضع لمراقبة أمنية مشددة. ووضع قرار الخارجية الإسبانية، قيادة بوليساريو، والجزائر التي تحتضن المخيمات، في موقف حرج أمام المجتمع الدولي الذي ما فتئ ينبه إلى مخاطر تصاعد المد الإرهابي بالمنطقة التي تقيم فيها جبهة بوليساريو، وتورط عناصر من جنودها وشباب صحراويين في التعاون مع هذه التنظيمات لتسهيل عمليات التنقل داخل المخيمات، في وقت لم تنته محاكمة جنود يتابعون بالتستر والتورط في أنشطة جماعات إرهابية تتنقل داخل تندوف. بالمقابل، أكدت المخاوف الغربية من اختطاف رعاياها فوق تراب تندوف، ما نبهت إليه تقارير أمنية سابقة بشأن تورط عناصر من بوليساريو في نسج علاقات مع تنظيمات إرهابية مسلحة تقوم بعمليات اختطاف داخل تندوف، كما نبه إلى تصاعد التهديدات الإرهابية القادمة من هذه المنطقة بسبب اختراقها للمخيمات. وكان التقرير الصادر عن المعهد الأوربي للدراسات الاستراتيجية ببروكسيل، أول من كشف حقيقة هذه العلاقة بين تفكك جبهة بوليساريو وتطور الإرهاب في منطقة الساحل، إذ حذر من أن انهيار هذه الحركة يغذي نشاط تنظيم القاعدة. واعتبر التقرير، الذي حمل عنوان «جبهة بوليساريو وتطور الإرهاب في منطقة الساحل»، أن «أعضاء نشيطين من الحركة يبحثون عن عائدات إضافية، على غرار المرتزقة، الذين يسعون إلى تصريف تجربتهم السابقة داخل الهياكل العسكرية للحركة الانفصالية الصحراوية، بإمكانهم الانخراط في الإرهاب، بعد ممارستهم مختلف أشكال التهريب».