كتاب مفتوح لوالي الجهة الشرقية "إذا لم تستطع أن تفعل أشياء عظيمة، فافعل أشياء صغيرة بطرق عظيمة" المحترم والي الجهة الشرقية اسمحوا لي أن أكاتبكم عبر هذه الصيغة و بهذا الشكل الواضح والمفتوح ، في إطار الشفافية والحكامة الجيدة التي أصبحت ترسم معالم العهد الجديد ، لأعبر عن جزء من انشغالات المجتمع الوجدي وطموحاته، وإن كنت لا أدعي تمثيلية المجتمع أو تنصيب نفسي ناطقا رسميا باسمه، ولكن فقط من باب دوري كإعلامي يمارس حق الملاحظة والتتبع وليس سلطة رابعة أو خامسة. ولعل فحوى هذا الكتاب يشكل جزء من خارطة طريق يحلم المواطن الوجدي أن تتحقق على المدى القصير أو المتوسط وليس الطويل. أعتقد أنه بعد مرور بضعة أسابيع على وصولكم لمدينة وجدة، وبداية تأقلمكم مع وضع المدينة بمشاكلها و أوراشها المفتوحة وتلك التي أصبحت معلقة، يحق لنا أن نضع الأصبع على بعض مكامن الداء الذي بات ينخر مشهد مدينة الألف سنة. لا طالما تناولنا في هذه الجريدة التي تعيش ربيعها الرابع عشر عن أزمة احتلال الملك العام بوجدة، وما تخلفه سيارات مهربي الوقود المعروفة عندنا ب" المقاتلات" من ضحايا وأرواح، بسرعتها المفرطة وهويتها المجهولة، وحتما لن نتوقف عن الكتابة عن هذه المواضيع وغيرها مما يؤرق راحة الساكنة، كما هو الحال بالنسبة لزحف جموع الأفارقة المهاجرين غير النظاميين الذين باتت تعج بهم مفترقات الطرق والشوارع الرئيسية، والذين أصبحوا يتحولون شيئا فشيئا إلى عصابات منظمة تهاجم ممتلكات الغير وتتخصص في النصب والاحتيال والسرقة، و كما لا يخفى على أحد، هذه المشاكل وغيرها تشكل حجر عثرة في طريق التنمية المستدامة بربوع هذه الجهة التي باتت تعرف قفزة نوعية منذ خطاب العاهل المغربي في 18 مارس 2003 الذي يعتبر خارطة طريق لتنمية الجهة الشرقية. السيد الوالي إن احتلال الملك العام بوجدة من طرف أرباب المقاهي التي استحوذت بغير وجه حق على الأرصفة العمومية على مرأى ومسمع من البلدية والسلطات المعنية وغصبت المواطن حقه في العبور بأمان، ومعها جحافل الباعة المتجولين الذين يحتلون طرقا بأكملها وأبواب المساجد، ويمنعون الدكاكين التي تؤدي الرسوم والضرائب من مزاولة حقها المشروع في التجارة، إن هذه الظاهرة التي استفحلت مع الربيع العربي أصبحت حقا ظاهرة غير مقبولة وباتت تتجاوز الحد الأقصى المحتمل والمقبول، فلا البلدية تستفيد من تراخيص زمرة من المستشارين بغير وجه حق، ولا خزينة الدولة تستخلص رسوما، عدا المواطن المغلوب على أمره الذي يعاني في صمت ورعب من استفحال هذه الظواهر. لسنا ضد الباعة المتجولين ولا مع قطع الأرزاق، ولكن مع هيبة الدولة والنظام العام، وليتحمل كل مسؤوليته في إطار القانون، فليس المواطن ملزما بدفع ضريبة أخطاء الحكومة والجماعات المحلية، ونعتقد جازمين أن تحرير الملك العام بشكل قانوني وحضاري سوف يعيد بعضا من الأمور إلى نصابها في مدينة تستحق كل النظام وكل التقدير، كما أن المواطن لا يطالب بغير إعمال القانون لاسترجاع حقه في الملك العام، ولكم أن تتصوروا وجدة بغير هذه الظاهرة، كما لكم واسع النظر في تطبيق مقتضيات القانون لتحرير الملك العام، لأننا مللنا الوعود وتعلمنا ألا نثق في أي أحد حتى نعرفه، وألا نثق بمن نعرف حتى نجربه. وإذا أضفنا لظاهرة احتلال الملك العام ظاهرة "المقاتلات" التي باتت تجوب حتى مقاطع من الطريق السيار، وتعيث في سلب أرواح المواطنين فسادا بالسرعة الجنونية المفرطة سواء كانت محملة بالوقود أو بدونه، ولا تحترم حتى أعلى سلطة في البلاد، لتملأ جيوب بعض المفترضين من الواقفين على أمننا، فذاك أمر بات غير مقبول، ولا شك أنكم تدركون السيد الوالي أن اجتثاث هذه الظاهرة الحدودية بامتياز يتطلب تظافر جهود كل المعنيين من عسكر وقوات مساعدة ودرك وجمارك وشرطة، لأنه من غير المقبول في مغرب القرن لواحد والعشرين أن تتحرك سيارات بدون ترقيم في الشارع العام، وهي قنابل قابلة للانفجار في أي وقت، لكنها تتحرك دون رقيب أو حسيب وأمام مرأى الجميع. وإذا زدنا لكل هذه المشاكل المجتمعية، زحف الأفارقة كمتسولين في جل مفترقات الطرق وفي المساجد والمقابر، وتحول بعضهم إلى عصابات منظمة تشكل دولة داخل الدولة، وقد تبدأ بفعل الحاجة وضروريات العيش بعد شهور في السطو على ممتلكات المواطنين عنوة، فإننا نكون أمام خطر داهم، فاحتلال الملك العام والمقاتلات من جهة، والأفارقة من جهة أخرى، ولن يكون لنا سوى الصبر أو الموت في غياب تحرك صارم وحقيقي للدولة في إطار صيانة كل الحريات والحقوق المتعارف عليها لكل طرف. الوالي المحترم قد أكون أطلت عليكم بهذا الكتاب المفتوح وأخذت من وقتكم ردحا من الهنيهات القصيرة، لكني أعلم أنكم سوف تستشفون من خلال الكتاب معاناة الساكنة والمواطنين، الذين يلح الكثير منهم في كل مناسبة من رجال القانون والأطر وفعاليات المجتمع المدني والمواطنين المغلوبين على أمرهم في أن ترفع الجريدة معاناتهم للجهات المعنية. لقد كان جل المسؤولين عندنا بارعين عندما يكذبون، وكنا نحن أكثر براعة عندما كنا نمثل أننا نصدقهم. وإن كنا لا نشكك في إرادة أي مسؤول، فإننا نطالب بأخذ هذه المعطيات بكثير من الجدية وإن رافقتها جرعة صغيرة من الإجرائية. وكما يقول نابليون هيل:" إذا لم تستطع أن تفعل أشياء عظيمة، افعل أشياء صغيرة بطرق عظيمة" ودمنا مواطنين على قيد هموم هذا الوطن العزيز. ولكم السيد الوالي المحترم فائق الاحترام. الخط الأحمر المدير المسؤول لجريدة "الحدث الشرقي"