شدد الوزيرالجزائري المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية و الإفريقية عبد القادر مساهل الأحد الماضي في ندوة جمعته بنظيره البريطاني الذي يقوم بجولة مغاربية تقوده بعد الجزائر الى الرباط على ضرورة حفظ الوحدة الترابية لمالي ملحا على أن هذه المسألة بالنسبة للجزائر "غير قابلة للتفاوض" في مسار البحث عن أي حل للأزمة التي يشهدها هذا البلد الافريقي المهدد بالانقسام بشماله . المسؤول الجزائري الذي تبذل حكومته قصارى جهودها للتموقع كطرف أساسي غير قابل للتجاوز في أي مسعى دولي لحل أزمة مالي إعتبر أن الحل السياسي التفاوضي ممكن في حالة مالي عبر مخرج سياسي يقضي بتقاسم الحكم بمنطقة التناحر بالشمال المالي . القراءة الموضوعية للموقف الجزائري من ملف الوحدة الترابية لمالي و ضغطها المتواصل من جهة للحيلولة دون أي تدخل عسكري أجنبي بالتراب المالي لطرد خلايا القاعدة الناشطة هناك و بحثها الحثيث من جهة أخرى عن حلول سياسية تفاوضية للأزمة المالية قد تتجلى في إقتسام الحكم بين المنشقين و حكومة باماكو و هو ما يعني عمليا و سياسيا نوعا من أنواع الحكم الذاتي المتفاوض في شأنها , القراءة الموضوعية لهذا الموقف ستدفعنا ببديهية بريئة لمسائلة النظام الجزائري أين تخلى عن مواقفه المبدئية و المصيرية من حق الشعوب في تقرير مصيرها . و منطق الأمور يفترض أن الديبلوماسية الجزائرية تراوغ أو بالأحرى تكذب على نفسها قبل أن تتجرأ جهارا على مخادعة الآخرين حين تتعامل بمعيارين متناقضين بين ملفين تجمعهما العديد من نقاط الالتقاء . ففي حالة مالي لا مجال لتفتيت سيادة و تراب البلاد مع إمكانية التداول و التنازل لشتى أشكال الحلول السياسية و في مقدمتها الحل السياسي التفاوضي الذي سيقود الى حكم ذاتي موسع بصلاحيات تنفيذية ضمن إطار السيادة الترابية المركزية , لكن في منطق الساسة الجزائريين الأعوج نفس المقاربة السياسية غير ممكنة في حالة الوحدة الترابية للمغرب التي يتعين في منظور الخارجية الجزائرية إستباحة حرمته و سيادته الترابية و إقتطاع جزء من ترابه دونما الحاجة للحديث عن شكل من أشكال تقاسم الحكم بمنطقة النزاع كما يحبذ ذلك الجيران بالنسبة لمالي . الأمر يتعلق هنا بأرقى درجات الخداع و الحربائية التي يمكن تصور صدورها من أقرب الجيران للمملكة و أكثرهم قربا جغرافيا و ثقافيا و تاريخيا من المغاربة . لا يهم فكما يقال إذا طعنت من الخلف فأدرك أنك في المقدمة و على المعتدي الظالم تدور الدوائر لا محالة .