رئيس بلدية وجدة المرتقب لا يشبه في الملامح من لفظهم التاريخ في مزبلته،ولكنه قد يحمل نفس الجينات ما تشهده مدينة وجدة من حراك سياسي لا يعكس حقيقة ما يجري في الكواليس، أو ما تحبل به النوادي السياسية والمقرات الحزبية، وهناك شواهد يعتبرها المتتبع مهمة، ولكنها لا تكبر بالوضوح المطلوب ما يجري في الخفاء. الواضح أن الصراعات بين القوى السياسية بدأت تستعد لمعركة الانتخابات الجماعية، وأن أيادي خفية باتت ترتب وترسم المستقبل، وهناك أشباح من الماضي تحاول استنساخ واقع افتراضي جديد لا يشبه في الملامح من لفظهم التاريخ في مزبلته، ولكنه قد يحمل نفس الجينات، نحن الآن نستعد لمحطة أخرى، وعلى ضوء ما سيجري سوف نرى مستقبل هذه المدينة التي عبثت بها خلال فترات ممتدة أياد كثيرة، لا نعتقد أنها كانت حريصة على مصلحة هذه المدينة وسكانها. ففي الوقت الذي ينتظر فيه الوجديون انفراج الغمة، وعودة المشاريع التنموية، والاستفادة من الإصلاحات التي عرفها المغرب عامة، بدأت مواجهات غير معلنة بين القوى السياسية محليا، استعدادا للمحطة المقبلة وما ستسفر عنه، فهل ستشهد مدينة وجدة ميلاد عصر جديد وبلدية جديدة تختلف في مواصفاتها وصورتها ومسؤولياتها عن النماذج السابقة أم أن اللعبة ستعيد استنساخ وجه آخر ربما لا يحمل نفس الملامح ولكنه من نفس الفصيلة، وعلى ما يبدو فإن الصراع في الكواليس الآن بين القوى السياسية يعكس حالة من الترقب بين الأطراف التي تريد أن تطمئن على مواقعها ومكاسبها ومصالحها. لم يكن غريبا أبدا أن تعرف دورة الحساب الإداري الأخيرة لجماعة وجدة ذلك الشنآن بين عمر حجيرة الرئيس الحالي وبين نجم المعارضة عبد العزيز أفتاتي، بالرغم من تقاسم حزبيهما هم الائتلاف الحكومي، إنها محاولة ربح المواقع في الصراع الذي سيحتدم في المحطة الانتخابية المقبلة، ولم يكن غريبا أيضا أن ينطلق هذا الصراع المحلي بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية، على وجه السرعة إلى اجتماعات الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي مركزيا في محاولة من زعماء الحزبين لطي قضية بلدية وجدة حفاظا على السير العادي لحكومة عبد الإله بنكيران، و إعمالا للقاعدة الفقهية الناصة على ارتكاب أخف الضررين. ولم يكن غريبا وسط هذا كله تحركات صقور حزب الحمامة لمدينة وجدة على الصعيد المركزي من أجل ثني رئيس الحزب على مواصلة اتخاذ القرارات التي يراها هؤلاء الصقور، تسير في طريق إضعاف حزب أحمد عصمان الذي كانت له كلمته على مدى الثلاثة عقود المنصرمة بمدينة زيري بن عطية، فهذه الأعمدة بحزب الحمامة المنحدرة من مدينة وجدة استطاعت من خلال توجيه أكثر من نصف أعضاء المكتب التنفيذي لمزوار ما يمكن تسميته بالبطاقة الصفراء عبر رسالة ترغمه على تأجيل المؤتمر والتقيد بالمساطر. خلف هذا الضباب الكثيف تبدو تحركات حزب الأصالة والمعاصرة في شخص البرلماني عبد النبي بعيوي الذي بدأت تحركاته تثير جدلا كبيرا، من حيث حضوره في المجال الجمعوي والتربوي والرياضي، وإن كانت الأخبار المتسربة من محيط هذا البرلماني تكاد تجزم أنه لن يشغل باله بالانتخابات الجماعية المقبلة، فإن تحرك النائب البرلماني عبد النبي بعيوي لا يمكن أن يفهم إلا في إطار التنافس الشرس على مجالات بعينها بين أحزاب سياسية بعينها، فهل ستستمر هذه التحركات إلى ما بعد الانتخابات المحلية أم ستخبو كما خبت تحركات من سبقوه بالوصول إلى المراد؟