وهو يتوجه إلى نيروبي للمشاركة في اجتماع للتقنيين والخبراء الأفارقة في مجال إعداد التراب، آخر شيء كان يتوقعه وزير الإسكان والتعمير وسياسة المدينة نبيل بنعبد الله،أنه سيضطر إلى معاودة فتح حقيبة السفير من أجل مواجهة حرب ديبلوماسية شنها الوفد الجزائري لإقصاء المغرب من الاجتماع. في نيروبي كشفت الجارة الشرقية عن التناقض الحاصل بين خطاب اليد الممدودة إلى المغرب، بممارسات عدائية تجاه وحدته الترابية تفضحها تقاريرها الداخلية ومواقفها الرسمية المعبر عنها في المحافل الدولية، كما كان الحال مؤخرا داخل كواليس مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان . على كل الواجهات كان شعار الدورة الرابعة للمؤتمر الوزاري الإفريقي للإسكان والتنمية الحضرية هو: « التخطيط الترابي وتمكين الجميع من الولوج إلى الخدمات»، كما تم الاتفاق خلال اجتماع مكتبها في شتنبر الماضي بالرباط، لكن وعلى عكس ما تعلنه اللافتات في شوارع العاصمة الكينية، وفي الوقت الذي كان يهم فيه بنعبد الله والوفد المرافق له إلى نشر تصاميم التهيئة ومخططات هندسة المدينة على الطاولة جاءتهم الضربات من تحتها. مناورات صعبت من مأمورية وفد مغربي وجد نفسه في مواجهة محاولة إقصاء بإيعاز من الجانب الجزائري، حيث بذل السفير الجزائري بنيروبي كل ما في وسعه من أجل جعل المشاركة تقتصر على الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، أمر كان الهدف منه إخراج المغرب على اعتبار أنه ليس عضوا في هذا المنتظم القاري. ترك بنعد الله الجوانب التقنية لأطر الوزارة ليتفرغ لجبهة السفير الجزائري بنايروبي الذي حاول بكل ما أوتي من قوة أن «يجعل من الانتماء للاتحاد الإفريقي شرطا للانتماء إلى المؤتمر الوزاري الإفريقي للإسكان والتنمية الحضرية» يقول وزير الإسكان والتعمير وسياسة المدينة في تصريح ل« الأحداث المغربية» كاشفا أن المعركة لم تقتصر على اجتماع الوزراء «حيث ظل الوفد الجزائري لأكثر من ثمان ساعات من الدفع في اتجاه إخراج الاجتماع من تحت مظلة منظمة الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية وإخضاعه لمقتضيات الاتحاد الإفريقي «بل وصل الأمر بالوفد الجزائري إلى «إثارة المسألة حتى داخل اجتماعات التقنيين والخبراء وذلك على امتداد الثمان وأربعين ساعة المخصصة لها» بشكل كاد ينسف المؤتمر ويؤجل المصادقة على إعلان نيروبي إلى أجل غير مسمى. لكن « وبعد أخذ ورد» على حد تعبير الوزير بنعبد الله، تمكن الوفد المغربي من إفشال المناورة الجزائرية التي كانت تهدف إلى إدراج اعتماد الانتماء للاتحاد الإفريقي كشرط للعضوية في القانون الأساسي للمؤتمر الوزاري الإفريقي للإسكان والتنمية الحضرية و هم ما لم يتحقق. قبل المغادرة، كان على الوزير ومن معه أن يبطلوا مناورة أخرى للجانب الجزائري كان الهدف منها التنصيص على الشرط المذكور في البيان الختامي للدورة، لكن دون جدوى ، خاصة بعدما أكدت عدد من الوفود الإفريقية عن دعمها لموقف المغرب، داعية الأمانة العامة للمؤتمر إلى وضع الأخير تحت إشراف الاتحاد الإفريقي ومنظمة الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية في نفس الوقت. يأتي ذلك بعد أقل من أسبوع على معاكسة الجزائر للمغرب أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، عندما اعتبر عمر هلال السفير الممثل الدائم للمغرب بالمجلس الأممي، أن التصريحات التي أدلى بها الوفد الجزائري تسير في اتجاه معاكس للدينامية الحالية في العلاقات بين البلدين وللجهود المبذولة لإحياء الاتحاد المغاربي. معارك يبدو أنها كانت وراء استبعاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، لقرب مرحلة التطبيع بين البلدين عندما أعلن يوم الجمعة الماضي، وهو يقدم عرضه أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس النواب، «إنه إذا كانت المؤشرات تعكس في مجملها إرادة المغرب والجزائر في تحقيق تقدم في علاقاتهما فإنها لا تسمح حاليا بالتنبؤ ببلوغ مرحلة التطبيع». كل ذلك لم يمنع المغرب من مواصلة التعامل بإيجابية مع جارته الشرقية كما تؤشر على ذلك زيارة وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، التي بدأها أمس الأحد تلبية لدعوة من نظيره الجزائري ناصر مهل، علها تكون فرصة لتواصل جديد من خلال بحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الاتصال.