استحقاقات انتخابية جديدة، هي وشيكة الحسم، مسار آخر سيقلب الخارطة السياسية رأسا على عقب؟!الأمر يتعلق بالانتخابات الجماعية المقبلة،والتي تبدو وكما يلاحظ ذلك المتتبعون،تطل علينا هته المرة بمتغيرات جديدة منها ماهو قانوني متعلق بقانون الانتخابات ومدونة قانون الأحزاب،ومنها ماهو سياسي يتجلى في ظهور الوافد الجديد الذي خلق تساؤلات عدة داخل الأوساط السياسية الحزبية بالمغرب كما خلق الكثير من النفور والاستياء لدى هته الأخيرة، مفاجئات عديدة إذن، نزلت على الساحة السياسية ومناوشات ساخنة ، لعل أهمها الصراع الأخير الدائر الآن بين الهمة ووزارة الداخلية وباقي الأحزاب حول الفصل الخامس من القانون الذي يمنع التجوال السياسي بين الفرق البرلمانية ،التي أضحت تتضرر منها جل الأحزاب بعدما غادر مناضلوها صوب الورقة الرابحة. ورغم التحفيزات الجديدة خاصة منها المتعلقة باللائحة الجديدة للمرأة وخلق صندوق مالي لدعمها، وكذا تخفيض نسبة الترشح للشباب، فان هذا لم يترك الصدى المؤثر أو المحفز لدى المواطنين بعدما أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، الدليل على ذلك العزوف الذي عرفته انتخابات ،2007 حيث كانت نسبة المشاركة ضعيفة ومخجلة للبلاد، وبعدما نزلت "الشروق" للاستماع إلى نبض الشارع، فإن الملاحظة الأولى التي استشفتها هو ذلك الغضب العارم لدى فئة لايستهان بها في صفوف المواطنين مع وجود بعض الاستثناءات الذين عبروا بكل سخرية في موقفهم تجاه هذه الانتخابات التي تبدو في نظرهم لا تحمل أي جديد ذو بال،إلى حد اعتبار البعض أن سؤالا من هذا القبيل يجب ألا يطرح لأن المضاربات والتطاحنات السياسية الآن أبلغ دليل. كيف تغير المغرب في ستة أيام؟ اعتبر الياس( مهندس إعلاميات)، بلهجة زاوجت بين الأسى والضحك المميت الذي يحمل الكثير من الغيض واللوم،أن الأشخاص هم أنفسهم المتواجدون حاليا، وأننا نحصل على نفس النتائج في كل مرة وبالطريقة نفسها،رغم القوانين المحفزة في هته المرة، إلا أنها لاتعدو أن تكون حبرا على ورق ولا أساس لها على أرض الواقع، حيث نفى وجود أحزاب تعطي أهمية للشباب والدليل نسبة ترشح الشباب هي منعدمة وبالتالي يقول مؤكدا" لم أصوت يوما ولن أصوت، فالنتائج واضحة مسبقا، فلن تكون هناك مفاجئات، أما بالنسبة للبرامج مقهقها فيصدق عليها قول كيف تغير المغرب في ستة أيام؟!..." . وضعيتي المزرية تصيبني باليأس. ومن جهتها ( رشيدة سكرتيرة) وبلغة جافة لا تعرف الابتسام ،لم تعر الأمر اهتماما بل تبدو متذمرة من وضعيتها التي تأزمها بشكل فضيع وتجعلها ساخطة على الوضع ، فهي غير مسجلة أساسا ولا تفكر في ذلك،"أنا يلاه كنشوف وضعيتي وظروف الزمن الغادر، فازداد تأزما وهذا يصيبني باليأس المطلق..". أنا فاقد للثقة تماما. أما حسن( بقال)،بدوره مازال كل تركيزه على وضعيته ولا يأبه بما يجري" انظري بنفسك إلى وضعيتي ، وستقرئين الجواب، لم احصل لحد الساعة وإلى حدود هذا السن على أي شيء، مازلت محروما من الكثير من حقوقي، أنا فاقد للثقة تماما في الانتخابات بل الأمر بالنسبة لي يدعو إلى السخرية والاشمئزاز، والأسباب واضحة جلية لا تحتاج إلى تفسير..". اللي ضربو الله يمشي ينتاخب. "اللي ضربو الله يمشي ينتاخب"، يقول رجل في الخمسينات من عمره، منفعلا وضاحكا،ويعلل ذلك بتجربة والده الذي أمضى كل حياته في صفوف احد الأحزاب السياسية دون جدوى وإلى درجة الإفلاس ، ذلك أنه أمدهم بكل ما يملك ، ليتبين له في الأخير أن ثقافة النضال التي كان متشبعا بها لم تكن سوى مجرد شعارات جوفاء تعمل من أجل مصالحها الشخصية. أتمنى أن تكون بلادي في أحسن حال. برغبة أكيدة عبرت عواطف( معلمة )، بكل جوانحها أن تتقدم البلاد نحو الأفضل وتكون في أحسن حال، لكن بالنظر إلى الواقع والتلاعبات والغش القائم، وعدم المصداقية الموجودة تحط من معنوياتها وهذا ما يدفعها إلى عدم الاكتراث، أو الدخول في هذه المعمعة الملوثة كما تسميها ، فهي الأخرى لا تملك بطاقة الناخب وليست لديها النية لممارسة هذا الحق فهي غير مهتمة إطلاقا، منشغلة فقط في عملها وتدبير شؤون أسرتها الصغيرة. هناك تمييع للحياة السياسية بالمغرب لكنني مهتم بالانتخابات المقبلة. اعتبر إدريس ( موظف)،أن هناك استغلالا لاسم جلالة الملك في هته الانتخابات، وذلك بالاعتماد على سماسرة الانتخابات الرحل المنتقلين من أحزاب أخرى، مما سيميع الحياة السياسية أكثر، بينما اعتبر أن هناك معطى آخر مرتبط بنمط الاقتراع، الذي يعطي دائما خريطة جماعية مبلقنة ولا تسمح بأغلبية منسجمة تقود المدينة،كما يؤكد أن هناك إفراغا لمفهوم المعارضة داخل المجلس من محتواه، لكن هذا لايمنع من كونه مهتما بهذه الانتخابات بحكم أني اشتغل في مؤسسة حزبية فأنا سأصوت لأن الضرورة تحتم ذلك. من جهتها عبرت ابتسام( 26 سنة)،بكثير من الثقة والتفاؤل عن اهتمامها بالانتخابات المقبلة كونها تشتغل بمؤسسة حزبية،وتؤكد أملها الكبير في التغيير بالنظر إلى مدونة الانتخابات وقانون الأحزاب، رغم أنها ترى برامج الأحزاب عادية ومتشابهة،وفي نفس الوقت لم تخفي سعادتها بالتحفيزات التي أعطيت للمرأة لأنها تستحقها ويعول عليها الآن فهي في نظرها تعطي أكثر من الرجل،وإن كانت ابتسام لم تقدم على الترشح فذلك لأنها غير مستعدة لتحمل المسؤولية، لكن" هناك كفاءات من شأنها أن تتقلد هته المناصب، وأنا سأصوت لأن الضرورة تحتم ذلك..". الانتخابات المقبلة ستساهم في المسار الديمقراطي للمغرب وبدوره لم يخفي السيد عبد القادر( حزبي)، اهتمامه كسائر المواطنين الذين ينتظرون هذه الانتخابات عساها تساهم في تغيير شيء من وضعيتهم، خاصة على مستوى جماعاتهم المحلية، يقول:"شخصيا أعيش حالة استثناء بسبب الظروف والمناخات المرافقة للانتخابات التي تعبر عن اهتمام كبير بهذه العملية التي ستساهم في المسار الديمقراطي وترسيخه، لكن مع الخوف من الممارسات الضارة من قبيل استعمال المال في شراء الأصوات والذمم". الأمة باتت متعطشة لإحقاق العدالة الاجتماعية. أما أبو آلاء (حزبي )،فهو يرى أن الاستحقاقات القادمة يراهن من خلالها الشعب المغربي بأكمله،على تجديد الثقة في الهيآت السياسية التي تتوفر فيها المصداقية والتي من شانها أن تدفع بعجلة التقدم إلى الأمام، ونبذ كل المحاولات الرجعية حسب قوله التي أخرت نوعا ما المشهد السياسي أكثر مما جعلته ، يلتفت بشكل طموح وواثق من حل المشاكل سواء كانت داخلية أو خارجية للنهوض بأمة باتت متعطشة لإحقاق العدالة الاجتماعية،ومنح فرص لأطر شابة قادرة على التأقلم مع خريطة العالم الجديد،وفيما يخص البرامج فهو يعتبر أن جميع الأحزاب إبان الانتخابات تخرج ببرامج تكون في غالبيتها متشابهة إلى حدما سواء يسارية كانت أو رجعية، إلا أن السمة التي تفرق بين البرامج في نظره، هو كون الأحزاب اليسارية الديمقراطية تشتغل على هذه البرامج بشكل دائم، بينما الاخرىتحمله شعارا مناسباتيا، ولكن مسألة المشاركة للاستحقاقات القادمة تبدو رهينة بمدى ثقة الشباب في هذا البرنامج أوذاك. المتاجرة بالتمثيلية السياسية للمواطنين يدفع لعدم المشاركة في الانتخابات. بينما يعتبر محمد ( مواطن) كما آثر أن ينعت ،أن ما يلاحظ مؤخرا من تلاعبات بالتمثيلية السياسية للمواطنين في الأجهزة المنتخبة، يدفع ليس فقط لعدم المشاركة ولكن أيضا لعدم التفكير في هذا الموضوع، مستغربا كيف يعقل أن يختار مواطنون مرشحا على أساس برنامج انتخابي، وإذا به يدافع عن برنامج آخر باسم ممارسة حق دستوري في اختيار الانتماء بينما هو يضرب حقا دستوريا للآلاف من المواطنين، وضعوا ثقتهم في برنامج يرونه قادرا على الاستجابة لمطالبهم أو على الأقل جزء منها. البرامج المتبناة من طرف الأحزاب تغيب الجديد ولصيقة بأفكار بالية. وأخيرا اعتبر احمد العلمي ( صحفي )، أن الانتخابات الجماعية المقبلة من حيث فلسفتها الواقعية ، ستكون انتقالا حقيقيا لتخليق الحياة السياسية، إذا ما نظرنا إلى حاجيات المواطن الحالية والمستقبلية انطلاقا من ميثاق جماعي جديد تشوبه عدة متغيرات، لكن الوضع الحالي استنادا إلى عدة متغيرات سياسية أبرزها البرامج المتبناة من طرف الأحزاب السياسية التي تغيب أحيانا الجديد ولصيقة بأفكار بالية ، ويصح الذكر أن الخاسر الأكبر هو المواطن الذي تبقى الحاجيات الضرورية لإعطائه الجديد وإبراز مؤهلات المنطقة الترابية التي يتمركز فيها، وبغض النظر عن مجموعة من الوعود التي تعطى للناخب في بداية الأمر، تبقى الآفاق المستقبلية لهذا المواطن قاتمة فيما يتعلق أساسا بما هو ثقافي اجتماعي سياسي اقتصادي ورياضي... وهي المعادلة الأساسية، التي تشكل اللبنة الأولى في تخليق الحياة العامة ، والحكامة الشاملة في النهوض بجماعة الغد. فإن كانت آ راء المواطنين التي رصدناها بكل أمانة في هذا الموضوع، تتباين وتختلف، وإن اشتركت في أغلبها ،حول الغضب وعدم الرضا، فإن الآمال ستبقى دائما معقودة للتطلع لغد مشرق وجميل،لأن الضمائر الحية والنيات الحسنة لاترضى بالمهانة، فلم يفت الأوان، ولم يحسم أي شيء بعد... فاطمة بوبكري