قال الممثل الشخصي للرئيس الجزائري وزير الدولة عبد العزيز بلخادم أن فتح الحدود بين الجزائر والمغرب سيكون عاجلا أو آجلا.. في نفس التصريح أشار الوزير الجزائري مرة أخرى إلى «قضية تهريب المخدرات من المغرب إلى الجزائر» واعتبرها من بين الملفات الشائكة التي تتخوف منها بلده. نفس التخوف عبر عنه مسؤول جزائري على هامش المؤتمر الموسع لمجموعة الثمانية المخصص لمحاربة الاتجار في الكوكايين عبر الأطلس، والمنعقد مؤخرا بباريس. في مناسبات عديدة، يلاحظ مهتمون تناقض تصريحات مسؤولي الجزائر بخصوص مخاطر المخدرات وأسباب انتشارها في وسط فئات جزائرية واسعة.ثارة، تحاول السلطات الجزائرية إخفاء الحقائق التي تنطق بها الدراسات واستنتاجات المصالح الأمنية والهيئات الدولية، وفي مرات أخرى تزعم ذات السلطات أن مصدر البلاء قادم من المغرب، وتستعمل هذا المبرر في تفسير تأجيل فتح الحدود،التي تعود في الواقع لأسباب سياسية لا تخفى على أحد. في مؤتمر باريس الأخير، أكد سعد حصار، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية، الجهود التي قام بها المغرب في مجال محاربة المخدرات عموما والكوكايين بالخصوص. وأوضح لمخاطبيه النتائج الملموسة لإستراتيجية محاربة المخدرات. لقد تزامن هذا اللقاء مع تقرير لكتابة الدولة الأمريكية، أشادت فيه بإستراتيجية المغرب وما بذله من «مجهودات جبارة» لمحاربة إنتاج وترويج المخدرات. إن الجزائر التي تتخوف من فتح الحدود بسبب «خطر المخدرات القادم من المغرب»، تدرك جيدا ما يقوم به المغرب في مجال محاربة المخدرات، كما أنها لا تتجاهل موقف الهيئات و الحكومات الدولية، التي تشيد بهذه الحرب.أكثر من ذلك، إن المسؤولين في الدولة الجزائرية واعون في أعماقهم بالتحولات التي يشهدها المغرب على جميع المستويات، ومنها ما يتعلق بمحاربة المخدرات. إنهم يدكون أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الستينات والسبعينات والثمانينات الذي كانوا يصفونه بالرجعي... ثم إن مقاربة مغرب اليوم لمحاربة المخدرات ليست هي نفس مقاربة مغرب العقود المذكورة. بالمقابل، إن المعطيات تؤكد أن جزائر ثروات الغاز والبترول باتت في خانة الدول التي صار يقرع فيها ناقوس خطر انتشار المخدرات. في هذا البلد الشقيق هناك أوساط من السلطات الجزائرية تصر على تصنف البلد كمستهلك، لكن أوساط أخرى لم تعد تتردد منذ السنوات الأخيرة في الجهر بأن الجزائر أصبحت من بين الدول المنتجة للمخدرات بشتى أنواعها. التقارير الأمنية والصحافية، التي تصدر في الجزائر وخارجها، أضحت تتحدث بشكل علني عن آفة انتشار المخدرات القوية في الجزائر، وعن فضائح تورط جهات نافذة في السلطة، وعن استعمال المسلحين أموال المخدرات في استيراد الأسلحة. لقد وقفت تلك التقارير على نشاط شبكات تجار المخدرات والسلاح من جنسيات مختلفة، منحدرة من إفريقيا السوداء وليبيا وإسرائيل وكولومبيا وغيرها.. إضافة إلى الخطر الذي يهدد الشقيقة الجزائر، بسبب تحالف العصابات الدولية التي جعلت منها محطة عبور للمخدرات نحو أوربا، فإن أبحاث خبراء الشرطة القضائية الجزائرية نبهت مرارا من مخاوف تحول الفلاح الجزائري إلى محترف في زراعة المخدرات. وكشفت دراسة أنجزها خبراء من مديرية الشرطة القضائية، وجهت لوزير الداخلية والجماعات المحلية، أن تمويل الإرهاب يكون عادة من ريع المخدرات، كما حذرت الدراسة من خطر تحول الجزائر إلى منتج للمخدرات بعد أن كان في السابق بلد عبور. وسبق لتقارير إعلامية أن نقلت اكتشاف السلطات الجزائرية لمزارع لإنتاج المخدرات وضيعات صغيرة للأفيون.هذا التطور الخطير الذي تشهده الجزائر يعود إلى التضييق الذي تعرفه الحدود ضد المهربين، وأساسا من طرف الأمن الجزائري أو المغربي. وبمعنى آخر إن الجزائر باتت تدرك أن التهديد الحقيقي آت من أوساط أخرى ومن مصادر وأسباب على علم بها. المغرب الذي لن يكون أبدا مصدر تهديد لجيرانه عليه مواصلة تنفيذ إستراتيجية محاربة كل أصناف المخدرات، والجزائر من مصلحتها الانخراط في تعاون منتج و مصيري مع المغرب، بعيدا عن منطلقات ضيقة ما عادت قادرة على الصمود إزاء واقع عنيد...