بين رفض المقاول تسليم الشقق لأصحابها وعجز المجلس البلدي إكمال تكلفة المشروع عبد القادر كترة " لا احد يدري إن كانت العجوز البالغة من العمر 82 سنة ستلج شقتها قبل أن تلج قبرها..." يقول أحد المستفيدين من مشروع" تنمية 2" الذي أعطيت انطلاقته سنة 1996 بحي التقدم/ سيدي إدريس القاضي بوجدة، وهو المشروع الذي تم بموجبه إنجاز 63 شقة في إطار السكن الاجتماعي، بكلفة 1600 درهم للمتر المربع الواحد، استفاد منها 63 مواطنا، منهم من ذوي الدخل المحدود، من شقق تراوحت مساحتها ما بين 71 مترا مربعا، و96 مترا مربعا. انتهت الأشغال وأنجزت العمارة بشققها ال63 ولا ينقصها إلا الربط بشبكة الماء وشبكة الكهرباء، لكن هي الآن مغلقة وممنوعة حيث يرفض المقاول صاحب المشروع تحريرها وتسليم المفاتيح لأصحابها؛ مطالبا بمستحقاته من المجلس البلدي لمدينة وجدة الذي يعد الراعي للمشروع؛ بحكم مسؤولية المجلس البلدي الطرف البائع للشقق، والذي ينص على ذلك في عقد البيع المحرر بين الأطراف الثلاثة المبينين" رئيس الجماعة الحضرية لوجدة والبائع والبنك". " هل يعقل أن ننتظر 11 سنة ولم نتسلم الشقق رغم أننا أدينا الثمن بعد أن اقترضنا المبالغ من الأبناك؟" يصرخ أحد المستفيدين الذين أنهكهم تسديد ديون البنك وأداء مبالغ الكراء في بيوت جد متواضعة. لقد أدى ثلث المستفيدين ال63 ثمن الشقق قبل بداية الإعلان عن انطلاقة الأشغال لإنجاز المشروع وأدى أغلبهم ثمن الشقق، وكان من المفروض الانتهاء من الأشغال في غضون سنتين، أي مع نهاية سنة 1999 وتسليم الشقق لأصحابها الذين اقترضوا من الأبناك عشرات الملايين من السنتيمات تقتطع من أجورهم البسيطة، إذ أغلبهم من ذوي الدخل المحدود، مع العلم أنهم احتفظوا ببيوت الكراء أملا في إنهاء المعاناة بعد السنتين؛ لكن المجلس البلدي للجماعة الحضرية بمدينة وجدة الساهر على مصالح السكان، حكم على هؤلاء المغلوبين على أمرهم بأكثر من 11 سنة من المعاناة والقهر والغبن والتقشف والجوع، ولا أحد يدري متى ينزل الخلاص بعد أن تمسك المقاول باستخلاص مستحقاته من المجلس قبل تسليم المفاتيح... لقد قام هؤلاء السكان المتضررون بعدة وقفات احتجاجية العفوية منها والرسمية بحضور الصحافة المكتوبة والمرئية، كانت آخرها صباح يوم الأربعاء 5 مارس الجاري أمام محلات سكانهم المرهونة والممنوعين من ولوجها رغم أنها في ملكيتهم، ووعد على إثرها رئيس المجلس البلدي لمدينة وجدة بحل المشكل في طرف أسبوع؛ لكن كان ذلك وكالعادة للتهدئة وإسكات المحتجين الذين هددوا بدخول شققهم في حالة عدم تسليمها لهم." لقد التزم لخضر حدوش رئيس المجلس البلدي بإنهاء المشكل في ظرف أسبوع أمام الرأي العام المغربي عبر القناة التلفزية التي حضرت لتصوير الوقفة؛ لكن كان ذلك لدر الرماد على العيون، ومرت أكثر من ثلاثة أسابيع ولا حل في الأفق... إنه التماطل والتسويف والتهرب من المسؤولية، وهذا ما تعودنا عليه منذ سنوات، ولم نعد نثق في أحد، والشكوى لله..." يشتكي السكان المستفيدون المتضررون والممنوعون من ولوج شققهم. يعيش أغلب هؤلاء المواطنين في أوضاع مزرية من الفقر والعوز والحاجة؛ جراء الديون والقروض التي اضطروا إليها في وقت من الأوقات؛ طمعا في الحصول على مأوى يمنح شيئا من الدفء للأسرة... لكن كانت بالنسبة لهم مغامرة قاتلة لم يكن أحد يتوقع عواقبها، إذ من هؤلاء من بات يتسول لقمة العيش بعد أن أنهكته الديون، ومنهم من فقد صبره ويبحث عن مخرج لورطة فرضت عليه من طرف المجلس البلدي؛ لعدم التزامه بواجباته وتأمين معاملاته مع المقاول، ومنهم من اضطر إلى بيع أثاث منزله للتخفيف عن مصاريف العيش، ومنهم من استبدل منزلا متواضعا كان يكتريه بغرفة مع الجيران، أو خربة من الخرب بأقل تكلفة، ومنهم من يبكي... ومنهم من يندب حظه... ولا يدري أي طريق يسلك وأي مسؤول يقصد ولمن يشتكي... استقبل والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنجاد مجموعة من هؤلاء السكان، وبعد ذلك رئيس المجلس البلدي، حسب ما يرويه هؤلاء، يوم 3 ماي من السنة الماضية، وتم منحهم وعدا بتسليمهم شققهم في غضون شهرين... لا يطالب هؤلاء المواطنون المستفيدون من تلك الشقق" المحجوزة" غبنا وقهرا من المسؤولين، غير منحهم حقوقهم وتسليمهم بيوتهم التي بينت من قوت أسرهم..لا يطلب هؤلاء المتضررون من المسؤولين غير الوفاء بوعودهم؛ بعد أن وفوا بعهودهم وشرفوا اتفاقياتهم بتأدية مبالغ مالية بذمتهم ثمن شققهم من خبز أطفالهم...لا يطلب هؤلاء من المسؤولين إلا فك الحصار على شققهم التي تم رهنها بدون موجب حق وليس لهم فيها يد...لا يطلب هؤلاء من المسؤولين إلا رفع معاناتهم ومعاناة أسرهم وأطفالهم التي تسببوا فيها... كما يتساءلون من سيعوضهم الخسارات التي تكبدوها لأزيد من 11 سنة بعد أن اقتطعت الأبناك من أجورهم مبالغ القروض، في الوقت الذي ما زالوا يؤدون كراء بيوت؛ كان بالإمكان الاستغناء عنها وربح مبالغها ثمن كرائها لو تم تسليم الشقق في موعدها كما وعدوهم بذلك...