الوطن يعتبر ملجأ القلب والروح، والملاذ الأمن الذي يضم أبناءه ويصون كرامتهم وعزتهم، ويمنع عنهم الذل ، التشرد والحاجة ، فالوطن أكبر من مجرد المساكن والبيوت والشوارع، بل هو الأهل والجيران والخلان، وهو المكان الذي تسكن إليه النفس، وترتاح وتهدأ، فحب الوطن بالفطرة، وليس تصنعا ولا تمثيلا لأن االوطن أكبر من كل شيء، فحمايته واجب على جميع أبنائه، فهو أغلى من الروح والدماء والأبناء، ذلك لأن الإنسان لا يستطيع العيش دون وطن يحفظ له كرامته وهيبته و قيمته ، إذ أن حب الوطن ممتد من الإيمان بالله عز و جل ، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى ورسوله بالوقوف في وجه كل من يحاول النيل منه، وتخريبه، وإيقاع الدمار فيه، وجعل جزاء من يموت في سبيل الوطن، جنةً عرضها السماوات والأرض. على مر التاريخ، حب الوطن يبقى هو الأساس، فكم من دول فقدت الالاف من أبنائها دفاعا عن الوطن، وكم من الممالك قامت وتطورت بفعل سواعد رجاله ونسائها؛ لأّن الوضع الطبيعي في الحياة أن يكون للإنسان إنتماء ، يعيش فيه بعزةٍ، يموت ويدفن في ترابه، فتراب الوطن ليس كتراب الغربة، وسماء الوطن أكثر رحابةً من سماء البلاد الغريبة. من واجب جميع الآباء والمربين، أن ينشؤوا جيلاً يحب الوطن، وينتمي إليه، ويستميت بالدفاع عنه، فبناء الوطن وعمارته يكون بأشكالٍ كثيرة، بالعلم والعمل، والدراسة ، فالطبيب يخدم وطنه، والمهندس والجندي والحارس والشرطي ومثلما تفعل الأمهات أيضاً، ورجال الدين، والقضاة والمحامين، وحتى عمال النظافة، والصانعين، والطهاة، والمزارعين ، هؤلاء جميعهم جزء لا يتجزأ عن الوطن، حارصين على إتقان أعمالهم لصالح بلدهم . إن الأوطان المحظوظة، هي التي يحرص أبناؤها على تنمية جميع الميادين فيها، من صناعة، وتجارة، وتعليم، وصحة، وسياسة، واقتصاد ، لأن رفعة الوطن تعني رفعتهم. ربما لم يذكر الشعر والأدب مفردة مثلما ذكر الوطن، ففيه تحلو الأغنيات، وله تتزين الكلمات؛ فالفخر بالوطن يزيد الإنسان رفعةً، ويرفع شأنه؛ لأن الانتماء يعني الوفاء والإخلاص، ومن لا يخلص لوطنه، فلن يخلص لأي شيء، ومن لم يكن خيره لوطنه فلا خير فيه، فكل التقدير و الإحترام لكل العيون الساهرة على الحدود لتحرس الوطن لأجل الحرية، ليرفعوا الرايات، و العيش بإطمئنان في عزة و كرامة . فالمجد و الخلود لوطننا الغالي .