الأيام تفضح: الأموي يمنع جطو، وولعلو، والمنصوري من إقالة الفراع من رئاسة التعاضدية، رغم التلاعب بأموال الشعب لم يستطع وزير المالية فتح الله ولعلو تطبيق القرار الوزاري الذي أمضاه، والقاضي باستبعاد محمد الفراع من رئاسة المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية؛ بسبب سوء التسيير والتدبير، وقد تكون هذه المرة الأولى التي عجز فيها وزير المالية عن تطبيق ما وقعه شخصيا في الشهور الأخيرة من سنة 2006، وقد تكون كذلك المرة الأولى التي عجز فيها وزيران في حكومة إدريس جطو عن تطبيق قرار، بُني على فصول قانونية واضحة. وتعود هذه الحكاية المثيرة إلى منتصف السنة ما قبل الماضية، حينما وجه مجموعة من مندوبي ومتصرفي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، رسالة إلى وزيري المالية والتشغيل والتكوين المهني، يطالبون فيها بتطبيق الفصل 26 من ظهير 12 نونبر 1963 حول التعاضد، ويقول هذا الفصل إنه" يجوز للوزير المنتدب في الشغل والشؤون الاجتماعية، ووزير المالية في حالة ثبوت خلل خطير في تسيير جمعية التعاون المتبادل؛ أن يسندا بموجب قرار مشترك معلل بأسباب، إلى متصرف واحد، أو عدة متصرفين مؤقتين؛ السلطات المخولة للمجلس الإداري، على أن يعمل هؤلاء المتصرفون على إجراء انتخابات جديدة في ظرف ثلاثة أشهر"، ومعلوم أن التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، من بين جمعيات التعاون المتبادل التي لا تهدف إلى اكتساب أرباح، وإنما تعتزم بواسطة واجبات انخراط أعضائها القيام لفائدة هؤلاء الأعضاء، أو عائلاتهم؛ بعمل من أعمال الإسعاف، والتضامن، والتعاون، مداره الضمان من الأخطار اللاحقة بالإنسان، حسب نفس الظهير. وقد طالب المندوبون والمتصرفون المنحدرون من العديد من مدن المملكة، بتطبيق بنود هذا الفصل؛ بالنظر لما اعتبروه اختلالات خطيرة، مسجلة في تدبير شؤون التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وقد جاء في الرسالة التي وجهوها لوزيري المالية والتشغيل والتكوين المهني؛ العديد من هذه الاختلالات الخطيرة منها: - الإقدام على إنجاز تحويلات في ميزانية الاستثمار، من فصل إلى فصل، على الرغم من أن هذا الأمر ممنوع من الناحية القانونية. - فرض تمرير جمع عام خلال يومي 14 و15 دجنبر 2002 بمدينة مراكش، وانتخاب ثلث أعضاء المجلس الإداري، دون احترام مسألة صدور جدول الأعمال عن المجلس الإداري، ودون تقرير أدبي، أو مالي، ودون تقرير للجنة المراقبة؛ رغم مراسلة وزارتي الوصاية في الموضوع. - فرض تمرير جمع عام آخر خلال شهر يونيو 2004 بأكادير بنصف تقرير لجنة المراقبة، حيث لم يوقعه عضوان من لجنة المراقبة، وذلك بالرغم من وجود رسالة في الموضوع من سلطتي الوصاية. - لم تضم لجنة المراقبة التي قدمت تقريرها للجمع العام المنعقد بالعيون يومي: 19 و20 مايو 2006، ممثلا للدولة معينا من طرف وزير المالية، وذلك ضدا على مضمون المادة 14 من نظام التعاضد لسنة 1963، والذي يؤكد" تنتخب في كل سنة أثناء الاجتماع العام، وبالاقتراع السري، لجنة للمراقبة، مؤلفة على الأقل من ثلاثة أعضاء ليسوا بمتصرفين في الجمعية، وترفع اللجنة المذكورة إلى الاجتماع العام الموالي تقريرا عن حساب الجمعية، ويمكن لهيئة الاجتماع العام أن تضيف إلى هذه اللجنة مندوبا للحسابات، أو عدة مندوبين ليسوا من المتصرفين، ويجوز اختيارهم خارج أعضاء الجمعية. وعلاوة على ذلك، فإن لجنة المراقبة في جمعيات التعاون المتبادل التي يحدثها موظفو الإدارات العمومية، والمصالح العمومية ذات الامتياز، يجب أن تضم لزوما، ممثلا للدولة يعينه وزير المالية". - عقد جمع عام بالعيون في ماي 2006 بمندوبين انتهت مدة ولايتهم في دجنبر 2005، مما يجعله غير قانوني، وقراراته لاغية. - اقتناء عمارة الرباط وأداء ثمنها، حسب التقرير المالي للدورة المحاسبية 2004، رغم أنها لازالت في ملكية البائع( شركة الساقية الحمراء العقارية)، ودون الحصول على إذن مسبق من سلطات الوصاية، طبقا لمنطوق المادة 20 من ظهير1963. - اقتناء عقارات في عدة مدن لإيواء عيادات الأسنان، ومصالح إدارية، دون الحصول على إذن مسبق من سلطات الوصاية، ضدا على نص المادة 20 من ظهير1963. - العقارات المقتناة غير مكتملة البناء، ضدا على منطوق المادة 16 من نفس الظهير، والقيام بتهيئتها دون إذن مسبق من سلطات الوصاية. - فتح عيادات ومرافق صحية في عدة مدن، دون ترخيص من وزارة الصحة، وهذا خرق واضح لمنطوق المادة 39 من قانون التعاضد لنفس السنة. - أخذ أموال من الصندوق التكميلي للوفاة( ميزانيات 2002 - 2003 - 20004) لتمويل اقتناء عقارات، علما أنه لا يحق لهذا الصندوق تمويل هذا النوع من العمليات، علاوة على أن الحساب الختامي لهذا الصندوق، لا يتضمن في أصوله عقارات مقتناة. - إبرام صفقة النظام المعلوماتي، دون احترام تنبيهات وتوجيهات المجلس الإداري، وضدا على رسالة وزير التشغيل في الموضوع؛ التي تحث على التنسيق مع الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. - إعطاء انطلاقة بناء مركز للأطفال المعاقين بأكادير، في غياب أي موافقة من المجلس الإداري، ومن ميزانية 2005 قبل أن يصادق عليها المجلس الإداري. - الاختلالات المالية المتضمنة في التقرير المالي لسنة 2002 بشأن عقار بمدينة القنيطرة، وإدراجه في التقرير المذكور؛ لتتم إزالته بجرة قلم من التقرير المالي للسنة الموالية، دون إعطاء أي توضيح، وإعادة إدراج اقتناء آخر بمبلغ آخر في التقرير المالي لسنة 2004 مع أداء قيمته، وكذا الصوائر كما هو مثبت في نفس التقرير المالي ولدى الموثق. - تسجيل مساهمة القطاع المشترك في اقتناء نظام معلوماتي في التقرير المالي لسنة 2004 على غرار سنوات 2002 - 2003 دون إذن من المجلس الإداري للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، علما أن ميزانية القطاع المشترك يصادق عليها هذا المجلس الإداري، وكذا وزير المالية. - تسجيل العمارة الجديدة ضمن الأصول( الممتلكات ) وهذا تضخيم ونفخ في النتيجة النهائية، علما أن هذه العمارة مازالت في ملكية الشركة البائعة. - منح أموال للوسطاء رغم مخالفة ذلك للفصل 13 من ظهير 1963... إنها جزء من الاختلالات المالية والإدارية التي راسل بشأنها المندوبون والمتصرفون بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية وزير المالية فتح الله ولعلو، ووزير التشغيل والتكوين المهني مصطفى المنصوري، وكانت الرسالة مرفقة بتقرير لجنة المفتشية العامة للمالية للفترة 2000 - 2004 والتي سجلت - حسب نفس المتصرفين والمندوبين - عدة اختلالات على مستوى التدبير الإداري والمالي لشؤون التعاضدية خلال نفس الفترة، وكذا تقرير لجنة المراقبة للسنة الانتقالية 2000، وسنة 2001 الذي رفض الرئيس محمد الفراع استلامه حسب نفس المعنيين. لقد وجهت هذه الرسائل في الأسبوع الأول من شهر يوليوز من سنة 2006، فكان أن وجه فتح الله ولعلو رسالة إلى زميله مصطفى المنصوري، بتاريخ فاتح غشت من نفس السنة، يطالبه فيها بضرورة اتخاذ العقوبات في حق محمد الفراع، بصفته رئيسا للمجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية؛ لعدم احترامه مقتضيات ظهير 1963. وقد جاء في رسالة فتح الله ولعلو أن التعاضدية تعرف اختلالات في تسييرها من قبيل:" أن التقرير المالي للدورة المحاسبية 2004 الذي تم تدارسه أثناء الجمع العام لهذه التعاضدية المنعقد بمدينة العيون، يومي 19 و20 ماي2006، ولا سيما الجدول الخاص ببيانات المصالح الإدارية( الصفحة 8) يتضمن من بين البنايات المقتناة مبلغ 47.500.000 درهم كثمن اقتناء مقر جديد للتعاضدية، والذي تم البدء بتسجيل الاستهلاكات السنوية المتعلقة به بمبلغ 1.385.416.67، علما أن هذه البناية لم يتم الترخيص باقتنائها من طرف الوزارتين الوصيتين، ولم يتم نقل ملكيتها بعد إلى التعاضدية". وتضيف رسالة فتح الله ولعلو؛ أنه حرصا على عدم عرقلة سير نظام التأمين الصحي الإجباري عن المرض في مراحله الأولى، لم يتم اتخاذ أي عقوبة في حق المجلس الإداري لهذه التعاضدية "وحيث إن مسيري هذه التعاضدية لم يقوموا لحد الآن بأي إجراءات ملموسة لتقويم هذه الاختلالات، أو العمل على احترام مقتضيات النصوص التشريعية والتنظيمية التي تخضع لها التعاضدية، وحيث إن مسلسل إدخال نظام التأمين الصحي الإجباري عن المرض قطع مراحل لا بأس بها، فقد أصبح من الضروري تطبيق العقوبات المنصوص عليها قانونيا في حق المجلس الإداري لهذه التعاضدية لردعه عن مخالفة المقتضيات القانونية الواجب التقيد بها". وقد طلب فتح الله من مصطفى المنصوري إسناد السلطات المخولة للمجلس الإداري إلى متصرف، أو متصرفين مؤقتين، في انتظار إجراء انتخابات جديدة في ظرف ثلاثة أشهر، غير أن وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية والتضامن، لم يوافق فتح الله ولعلو على تطبيق العقوبة في حق محمد الفراع، بعد تدخل محمد نوبير الأموي على الخط. وقد تم هذا التدخل في الشهر الموالي، أي في شتنبر من سنة 2006، وكان عبارة عن رسالة وجهها زعيم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى الوزير الأول إدريس جطو، ونسخة منها لمصطفى المنصوري، تطالبه بإيقاف الإجراءات التي طالب بها فتح الله ولعلو، وتقول إحدى أهم فقرات هذه الرسالة:"... على إثر إخباري أن بعض الجهات داخل وزارة المالية والخوصصة، تسعى إلى حل الأجهزة المنتخبة ديمقراطيا، والمسيرة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وتعيين متصرف إداري لتدبير شؤونها، بادرت فورا إلى توجيه رسالة في الموضوع إلى السيد الوزير الأول للتدخل العاجل قصد: 1 - إيقاف كل الإجراءات الإدارية الأولية، الهادفة إلى حل أجهزة التعاضدية العامة المنتخبة ديمقراطيا، وطبقا للقوانين الجاري بها العمل، وتحت إشراف وزارة التشغيل. 2 - إعادة دراسة كل الملفات العالقة بين التعاضدية العامة، ووزارة المالية والخوصصة؛ لإيجاد الحلول المناسبة لها في إطار الظهير المنظم للتعاضد، بعيدا عن كل حسابات نقابية وحزبية ضيقة..."، وهذا ما حدث بالضبط، حيث تم استبعاد قرار وزير المالية من دائرة التنفيذ؛ لصالح بقاء محمد الفراع على رأس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، على الرغم من اقتناع فتح الله ولعلو بضرورة" معاقبة الفراع، وردعه عن مخالفة المقتضيات القانونية" ... إنها نفس الحكاية التي مازالت عالقة منذ سنوات بين الغاضبين من الرئيس الفراع؛ بخصوص طريقة تسيير شؤون التعاضدية، وبين هذا الأخير ومجموعته، وقد يكون في هذا الملف الساخن خلفيات سياسية وحزبية؛ كما جاء في رسالة نوبير الأموي، بين الرفاق المتصارعين، بعدما تفرقت بهم السبل في الأحزاب السياسية، والمركزيات النقابية، لكن لا أحد يجب أن يعلو فوق القانون، وهذا هو الذي يجب التأكد منه. الأموي. ,يمنع ولعلو من تطبيق قرار لفائدة الفراع هذا ما حدث في نهاية سنة 2006 بعدما وجه زعيم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مراسلة إلى مصطفى المنصوري، وزير التشغيل والتكوين المهني مطالبا إياه بإيقاف ما أسماه نوبير الأموي بالإجراءات الهادفة إلى حل الأجهزة المنتخبة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وقد كانت رسالة الكاتب العام للكونفدرالية بمثابة رد على رسالتين وجههما مجموعة من مندوبي ومتصرفي التعاضدية لوزير التشغيل ولوزير المالية فتح الله ولعلو من أجل تطبيق الفصل 26 من ظهير التعاضد، والقاضي باستبعاد محمد الفراع من رئاسة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بالنظر إلى ما وصفوه بالإختلالات الخطيرة بخصوص التدبير الإداري والمالي في التعاضدية. وعلى الرغم من اقتناع وزارة المالية بالإختلالات المادية والمعنوية في تسيير شؤون التعاضدية كما جاءت في رسالة متصرفي ومندوبي التعاضدية، حيث وجه فتح الله ولعلو رسالة إلى وزير التشغيل والمالية قصد تطبيق الفصل السابق الذكر، والقاضي بإسناد السلطات المخولة للمجلس الإداري للتعاضدية إلى متصرف أو عدة متصرفين مؤقتين في انتظار إجراء انتخابات جديدة في ظرف ثلاثة أشهر، فإن القرار لم يجد طريقه للتنفيذ، حيث وجه نوبير الأموي بدوره رسالة إلى مصطفى المنصوري قصد إيقاف حل أجهزة التعاضدية العامة، وإعادة دراسة كل الملفات العالقة بين التعاضدية ووزارة المالية والخوصصة لإيجاد الحلول المناسبة لها بعيدا عما اعتبره نوبير الأموي بالحسابات النقابية والحزبية الضيقة، وهذا ما حدث بالضبط حيث تم إيقاف تنفيذ قرار وزير المالية، على الرغم من أن رسالة فتح الله ولعلو الموجهة لوزير التشغيل طالبت هذا الأخير باتخاذ عقوبات في حق رئيس المجلس الإداري للتعاضدية