ميلود بوعمامة / ... فن الغرناطي من المحلية إلى العالمية تخليدا لليوم العالمي للموسيقى، نظمت شركة " أهلا برستيج" سهرة فنية غرناطية بمشاركة جمعية أحباب الشيخ صالح من وجدة، وجمعية " رياض الأندلس" للثقافة والفن من الرباط، والفرقة الموسيقية الأمريكية التابعة لجامعة " وليام آند ماري" من ولاية فرجينيا الأمريكية. السهرة الفنية التراثية الغرناطية عبرت بشكل كبير عن مدى تلاقح الثقافات والحضارات والأديان، مع العلم أن العالم أصبح الآن عبارة عن قرية صغيرة جدا، تتعايش فيه الأمم والشعوب بلغات وأصوات متعددة، وأفكار وإيديولوجيات مختلفة، لكن الفن يحاول جمع شمل هذه المتباينات والاختلافات، من خلال الاطلاع على ثقافات الآخر، وبالتالي الغوص في عاداته وتقاليده ومعتقداته، وحتى في ثقافاته الموسيقية العريقة إن تطلب الأمر ذلك. هذا التوجه الفكري الجديد القديم بالنسبة للغرب، خاصة لدى الأمريكان، ترجم بشكل راق ليلة 27 يونيو المنصرم على ركح مسرح محمد السادس؛ من خلال تقديم وصلات غرناطية دينية في مدح رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم من الفرقة الموسيقية الأمريكية " وليام آند ماريWilliam & Mary " تحت قيادة الفنانة فيونا بولوتريني، رفقة فتيان وفتيات جمعية رياض الأندلس من الرباط بقيادة الأستاذ المبدع نصر الدين شعبان، وقدمت بالمناسبة شذرات غرناطية من قصيدتي" يا رب العباد" و" الحرم يا رسول الله" وقصائد دينية أخرى في مدح خير الأنام. وقد تميزت الفرقة الأمريكية في العزف والأداء بالرغم من صعوبة النطق لأعضائها باللغة العربية، وهي من الفرق الموسيقية ذائعة الصيت التي كان لها الفضل في الاطلاع على الثقافة العربية حين تواجدها بدول المشرق العربي، وكذا إلمامها بالموسيقى العربية وخاصة الأندلسية، وقد زارت هذه الفرقة المغرب في أكثر من مناسبة، من خلال مشاركتها في مهرجان أزمور ناحية الجديدة وبمهرجان الرباط الدولي، وتحضر هذه الفرقة الموسيقية الأمريكية المتميزة للمغرب على نفقاتها الخاصة كلما دعت الضرورة، وذلك دعما للتراث الموسيقي العربي الأصيل، والحفاظ عليه من التشويه والاندثار، بالرغم من أنها تشتغل في بلاد ليست معنية بهذه الموسيقى ولا بثقافتها، وتنتمي الفرقة الموسيقية الأمريكية" وليام آند ماريWilliam & Mary " للجامعة المتواجدة بدورها بمدينة" وليامس بورغ" التابعة لولاية فرجينيا الأمريكية. وتخللت السهرة الموسيقية التراثية أيضا وصلات غرناطية راقية في مدح الرسول صل الله عليه و سلم، ووصلات غرناطية منوعة استأثرت باهتمام الجمهور الغفير الذي حج لمسرح محمد السادس بوجدة، استهلتها جمعية أحباب الشيخ صالح شعبان بقيادة المايسترو نصر الدين شعبان، التي أدت بالمناسبة قصيدة" اللطفية"، وما تحمله هذه القصيدة من معاني الزهد والتصوف، وحب الله و آل البيت الكرام. وفي الأخير التأمت على الركح كل الفرق والجمعيات في" فيزيون" مشترك أدوا من خلاله نوبة "ا لفياشية" على الطريقة الغرناطية في أجواء روحانية راقية استلهمت فيها عبارات التجلي، والسمو بالذات والترفع عن الملذات. من هنا يمكن القول، إن الطرب الغرناطي هذا الفن المغاربي الأصيل وصل إلى قمة العالمية عبر رواده القدامى والجدد، وبعض الموسيقيين المستشرقين الذين حافظوا عليه من ناحية العزف والانشاد، وتحبيبه للناشئة والأجيال القادمة عن طريق الدراسات والأبحاث الأكاديمية في الدول المغاربية، والمعاهد العليا الدولية.