تحركات قيادة البوليساريو لم يكن بغرض البحث عن حل لمشكل الصحراء، وإنهاء معاناة اللاجئين بالمخيمات، وإنما كان بحثا عن إيقاف الاحتجاجات بأي طريقة توصلت الجريدة بمسودة مشروع الحل البديل الذي خلص إليه اجتماع عقد بما يعرف بمخيم أوسرد بمخيمات تندوف، بمنزل أحد كبار شيوخ قبيلة الركيبات، الصالح ولد محمد الشيخ، في 17 يونيو 2015، حضرته أسماء وازنة لمختلف المخيمات، ممثلة في شيوخ قبائل وشخصيات مسؤولة بجبهة البوليساريو، إضافة إلى حضور نسائي بارز. وتدارس المجتمعون الوضع العام بالمخيمات، على خلفية القرار الأخير لمجلس الأمن الذي لم يأت بجديد، عكس الدعاية الواسعة والكاذبة التي أطلقتها قيادة البوليساريو في كل مكان، تروج من خلالها أن سنة 2015 ستكون سنة الحسم في نزاع الصحراء، ودعت الجميع إلى الصبر والالتفاف حولها. الاجتماع الذي عقد تقول المسودة رغم ضغوط جبهة البوليساريو لمنعه، خلص إلى أن إعلان سنة 2015 سنة الحسم، جاء استكمالا لقرار حالة الاستنفار الذي أطلقته قيادة البوليساريو لإيقاف التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها المخيمات منذ شهر نونبر من السنة الماضية، وإلى أن تحركات قيادة البوليساريو منذ انطلاق الأحداث بالمخيمات، لم يكن بغرض البحث عن حل نهائي لمشكل الصحراء، وإنهاء معاناة اللاجئين الصحراويين بالمخيمات، بقدر ما كان بحثا عن إيقاف الاحتجاجات كيفما اتفق، وإن تطلب الأمر تأليب باقي المكونات القبلية بالمخيمات على المكون القبلي الذي قاد الانتفاضة الأخيرة. كذلك بمضمون المسودة أكد الجمع أن جبهة البوليساريو ماضية في إعمار المخيمات، تارة تحت مسميات"الأراضي المحررة"، وبناء" مؤسسات الدولة" تارة أخرى، والنفخ في الأرقام الخاصة بأعداد اللاجئين الصحراوين، واستيراد غرباء، وتوطينهم بالمخيمات على أنهم صحراويون، لتسهيل إقرار وإنشاء مناطق جديدة بالمخيمات، وتقسيمها تقسيما يوحي بكثافة سكانية كبيرة، من قبيل البلديات، والأحياء، والدوائر. أيضا، من خلاصات الجمع التي نصت عليها المسمودة أن غالبية قادة البوليساريو يبحثون ليل نهار، ويبتكرون، ويبتدعون شتى الوسائل لإطالة أمد النزاع، ولا همّ لهم بمشاكل ومعاناة الصحراويين بالمخيمات، إذ يقيم أغلب صقور البوليساريو في الوقت الراهن تحالفات مشبوهة للانقضاض على خلافة محمد عبد العزيز بعد المرض الذي يبدو أنه لن يمهله طويلا. كما خلص المجتمعون إلى أن الصحراويين بالمخيمات يظلون ورقة ضغط ووسيلة للاستغناء، ومجرد أرقام لا تقدم ولا تؤخر، يراد لها أن تبقى حبيسة خيام، مهمتها أن تعيش على الفتات، وتتكاثر عن طريق الإنجاب ليبقى القادة مسؤولين إلى الأبد، يتاجرون بهم في سوق النخاسة الدولي، ويستجدون المساعدات الغذائية باسمهم. الاجتماع الموصوف غير مسبوق، ناقش مختلف القضايا التي تهم الإنسان الصحراوي البسيط، ولامس مسببات الواقع المزري الحالي، وقدم حلولا تستطرد المسودة موضوعية وعقلانية على ضوء الاقتراحات التي أدلى بها المشاركون في الاجتماع، وكلف لجنة موثوقة، تضم شيوخا، وفقهاء، ورجال قانون، وإعلاميين لتجميعها، وتنقيحها، ثم رفعها من جديد إلى الجمع العام الذي سيجتمع حالما ترى اللجنة المكلفة ضرورة انعقاده لمناقشة مسودة مشروع الحل البديل لنزاع الصحراء. ومن بين الخطوط العريضة للتمهيد لحل نهائي لنزاع الصحراء، جاء في المسودة أن الحاضرين اتفقوا على ضرورة توجيه رسالة تدعو جلالة ملك المغرب إلى التفضل بقبول تعيين مستشار لجلالته مكلف بملف الصحراء، مهمته تسهيل التواصل المباشر بين جلالته وساكنة المخيمات دون وسيط، وتمكن الملك من فهم دقيق وعميق لواقع المخيمات، وتسهل إيصال تعليماته لساكنة المخيمات بشكل مباشر" إذ، لم يعد من الممكن تقبل رفع شعار أن الصحراء قضية مصيرية للمغرب، ويدافع عنها الجميع ملكا وشعبا باستماتة بكل المحافل الدولية، دون أن يكون داخل محيط الملك من له فهم بأسرارها، أو مخاطب يطمئن آلاف الصحراويين بالمخيمات بأن المغرب يريد الصحراء بأهلها، وليس الصحراء بلا صحراويين". أيضا تم الإجماع على اقتراح تسمية" عمر الحضرمي" مستشارا للملك، باعتباره حسب المجتمعين الأكثر قربا من ساكنة المخيمات، والقادر على تحريك الوضع داخلها لما يتوفر عليه من ثقة بين الأهالي بالمخيمات، ولاعتبار تمرسه السابق بدوائر المسؤولية بالبوليساريو، فضلا عن قدرته الكبيرة على التواصل، ودوره الحاسم في عودة الآلاف من الصحراويين إلى المغرب، ولكونه يقول المجتمعون الصحراوي الوحيد بين العائدين والمقيمين بالمخيمات ممن له الكلمة المسموعة بالمخيمات، وتخشاه قيادة البوليساريو التي لا تتوانى في اتهامه بكل صغيرة أو كبيرة تحدث بالمخيمات. وكذلك حصل اتفاق المجتمعين حول دعوة الأممالمتحدة لاستئناف برنامج تبادل الزيارات العائلية لدوره في فهم الصحراويين بالمخيمات لحقيقة الوضع بالأقاليم الصحراوية المتنازع عليها، والوقوف على كذب قيادة البوليساريو في ما يتعلق بعسكرتها والعيش المزري للصحراويين بها، وهو ما فندته الزيارات التي قادت المئات من العائلات التي نقلت وضعا مختلفا عن حجم الاستثمار بها، ونعمة الأمن والاستقرار المتوفر لساكنتها، وكان سببا رئيسا في استقرار عشرات العائلات بها قادمة من مخيمات تندوف. وتمت أيضا الدعوة إلى التواصل مع كافة المكونات القبلية، والفعاليات المؤثرة بالمخيمات، من أجل الانخراط في مبادرة خلق مشروع الحل البديل للخروج من الوضع الراهن الذي لا أفق لقدرته على خلق التغيير المنشود. وشدد الجميع على تفعيل جدية الدعوة لحل جبهة البوليساريو بشكل نهائي، وتفكيك كافة مؤسساتها بما فيها الجيش، وتكليف هيئة منتخبة لجرد ممتلكاتها، والإشراف على العلاقات الخارجية، خاصة منها ما يتعلق بالمفوضية السامية لغوث اللاجئين، والمنظمات الدولية المعنية بالسير العادي للمخيمات، بالإضافة إلى تشكيل الهيئة العليا للمخيمات، وتضم تمثيلية منتخبة عن كل القبائل الصحراوية، مع مراعاة تمثيلية كافة المخيمات، مهمتها تمثيل الصحراويين لدى الأممالمتحدة، واعتبارها الناطق الرسمي باسمهم، وتوكل إليها مهمة التفاوض بشكل مباشر مع ممثلي جلالة ملك المغرب، إلى جانب اعتبار مشروع مبادرة الحكم الذاتي الملكية منطلق وأساس الحل، على أن يتم وضع الآليات التي من شأنها إيصال المبادرة إلى الصحراويين بالمخيمات، وإطلاعهم على بنودها، وطمأنتهم بكونها الحل النهائي الذي من شأنه ضمان عودتهم الجماعية إلى أهلهم وأرضهم، وإنهاء شتاتهم إلى الأبد. نهاية الاجتماع وقّعت على اتفاق الحاضرين على أن توكل للجنة المعينة تقديم المشروع بصيغته النهائية، والتكفل بمهمة تسويقه داخل المخيمات، مع الحث على ضرورة مراسلة جلالة ملك المغرب في أقرب الآجال، على أن تقوم اللجنة فور انتهائها من مهمتها بالدعوة إلى عقد الجمع العام من جديد لبسط وشرح مختلف جوانب مشروع الحل البديل. المنطقة الحدودية: محمد عثماني