استفحلت ظاهرة التسول في مدينة بوعرفة على نحو غير مسبوق، حيث تحولت هذ الظاهرة إلى أمر واقع، إذ يلاحظ زائرها الأعداد الكبيرة من المتسولين في الشوارع الرئيسية والفرعية، وهم في غالبيتهم من الوافدين من خارج المدينة، مما يسيء كثيرا إلى صورتها، ويتواجدون بكثرة أمام المساجد؛ باعتبارها بيوتا للعبادة لا تخلو من المتصدقين، وأيضا أمام بعض الأماكن العامة الأخرى، كالمقاهي، والمطاعم، والسوق. قد يزول العجب والتساؤل لو كانت هذه الظاهرة بإحدى المدن المعروفة بنموها الديموغرافي السريع، واقتصادها المتنوع، ولكن مدينة كمثل بوعرفة التي لا تتجاوز مساحتها 07 كيلومترات مربعة، بساكنة حسب التخمينات لا تتعدى 30 ألف نسمة، وليست مصنفة من المراكز التجارية، أو الفلاحية، أو السياحية ليحج إليها المتسولون، بل تعد من المدن الفقيرة، وهذا هو العجب. قناعتي كمواطن متتبع لهذه الظاهرة أنه لا يوجد حل سريع للحد من ظاهرة التسول بالمدينة، ولكن أضع المسؤولية الأولى لاستفحال هذه الظاهرة على عاتق المجلس البلدي، باعتباره ممثلا للمواطنين، لعدم اتخاذه التدابير الضرورية الوقائية كخطوة أولى للتخفيف من آثار الفقر للحد من هذه الظاهرة، ومنها شفافية دعم المحتاجين، إذ المعلوم وجود فصل بميزانية المجلس البلدي ينص على تخصيص دعم لرعاية المحتاجين بالمدينة، فيصرف رصيده كل سنة لهذه الشريحة على شكل مواد تموينية، وهذا عمل جميل وجيد في حد ذاته لو أن العملية تمر بالشفافية المطلوبة، وحسب معلوماتي، تقوم المصلحة المختصة بالبلدية بإخبار كل عضو بالكمية التموينية، أو مبلغها، وبصاحب الدكان المتعاقد معه ليسلمها العضو بعد ذلك إلى صاحبها بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، دون رقيب، ولا حسيب، وفي هذا ضبابية وغموض أثناء التوزيع؟، وأنا لا أشكك، أو أتهم بأن الأمانة لا تصل إلى أهلها، ولكن في ظل غياب كامل للمعايير والشروط المؤهلة لاستحقاق هذه الإعانة، واعتماد قائمة محيّنة مشتملة على كل المستحقين، وعدم وجود آلية عمل واضحة لهذه العملية ومراقبتها، يبقى المجلس بجميع أعضائه منتقدا، بفعل تحول هذا الفصل لمساعدة المحتاجين إلى طريقة من طرق المتاجرة بحقوق المواطنين، واستغلال أصواتهم. على المجلس البلدي إذاً أن يقوم بهذه العملية وفق المعايير المعمول بها، فيعتمد على جرد كامل وحقيقي للفئة المستهدفة، وينسق مع السلطات المحلية، والمجتمع المدني لحضور عملية التوزيع، بل، يناقش المجلس إمكانية إعادة النظر في الفصل المخصص لهذه الإعانات السنوية قصد تطوير قيمته المالية، لتتحول إلى إعانة شهرية، بدلا عن السنوية، وبهذا يمكن مساعدة الفئات المعوزة لسد حاجاتها الأساسية، عوض التسول اليومي... وإلا يتأكد أن دور المجلس البلدي مفقود، بالنظر إلى غياب إحصاء موثق حول العائلات الفقيرة بالمدينة، ودراسة أحوالهم الاجتماعية، وتصنيفهم إما ضمن من يدمجون بالمشاريع التنموية المدرة للدخل، أو في أوراش الإنعاش الوطني، أو الأوراش الأخرى المماثلة لها، ببُعد أن يتحولوا بعد ذلك إلى عائلات منتجة، قادرة على أن تعيش حياة كريمة. أيضا، أكيد أن الجهات المسؤولة بالمدينة، لديها المعلومات التفصيلية حول المتسولين الغرباء الوافدين، ومكان إقاماتهم، سواء بالنزل، أو لدى جهات تؤويهم... ويبقى دور المجلس البلدي ضروريا ومطلوبا في هذا الجانب؛ بشراكة وتنسيق مع السلطات المحلية والأمنية بالمدينة، إلى جانب الدور المهم المنوط بمندوبية وزارة الأوقاف، عبر قناة أئمة المساجد بآلية الدروس حول التسول، ومطلب إعطاء الصدقات وفق التوجيهات الدينية الإسلامية، والتي تبدأ بالمقربين...