عبد العزيز اسماعيلي موظف موضوع رهن إشارة عمالة إقليمجرادة ووكيل تنمية إقليمي صادق مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 28 ماي 2013 على جملة من النصوص تتعلق بمشاريع قوانين ومشاريع مراسيم لعل من أهمها مشروع مرسوم رقم 422-13-2 بتحديد كيفية تطبيق الفصل 46 المكرر مرتين من الظهير الشريف رقم 008-58-1 الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية المتعلق بالوضع رهن الإشارة . ومن خلال قراءة متأنية في المشروع ، يمكن استنتاج الملاحظات التالية : - أن عملية وضع رهن الإشارة وان كانت تقتضي في نهاية المطاف موافقة الموظف المعني غير أنها لا تكون بمبادرة من هذا الأخير باعتبار أن الإدارة المستقبلة هي من يتولى توجيه طلب الى إدارة عمومية أو جماعة ترابية تحدد من خلاله المواصفات المطلوب توفرها في الموظف المراد وضعه رهن الإشارة بما يحيل على الطلب في مقابل العرض في الاستفادة من إمكانيات الأطر المراد وضعها رهن الإشارة ، كما أن هذه العملية قد ترتبط بموظف بذاته يتم "اقتراحه" بحسب مدلول الفصل الأول الذي جاء بصيغة "أو موظف بعينه عند الاقتضاء" . ومن هنا يمكن إثارة السؤال حول إمكانية مبادرة المعنيين بوضع رهن الإشارة بتوجيه طلبات في الموضوع أمام اقتصار المادة الأولى المشار إليها على توجيه الطلبات وفقط من طرف الإدارة المستقبلة. - كما تسير المادة الثانية من المرسوم في اتجاه تزكية وضع رهن الإشارة أو تجديدها "باقتراح" من رئيس الإدارة المستقبلة، وان كان الأمر يتم بإصدار قرار في الموضوع من طرف الإدارة أو الجماعة الأم بعد موافقة المعني بالأمر. - وتحدد المادة الثالثة من مشروع المرسوم المدة الواجب قضاؤها في وضعية رهن الإشارة والتي لا يجب أن تتعدى ثلاث سنوات مع الإشارة الى إمكانية الوضع مجددا رهن الإشارة ولكن بعد مرور سنة كاملة على إنهاء وضع رهن الإشارة الأول ، ولعل أهم ما يمكن الوقوف عنده في هذا الإطار هو الحديث عن إمكانية تجديد هاته الوضعية بنفس الإدارة وليس بغيرها من الإدارات . - و من أهم الاقتراحات الواردة في مشروع المرسوم ، فتح الباب أمام الموضوعين رهن الإشارة للترشح لشغل منصبي رئيس قسم أو رئيس مصلحة بالإدارة المستقبلة ، وهو ما يضع المعني بعد تقلد المسؤولية وجوبا في حالة إلحاق . - ويتم تنقيط وتقييم الموظف الموضوع رهن الإشارة من طرف إدارته أو جماعته الأصلية بناء على تقرير ترسله الإدارة العمومية المستقبلة مرة في السنة بموجب المادة السادسة من هذا المشروع. والأرجح أن ينقط الموظف من الإدارة المستقبلة مع إرسال نسخ في الموضوع الى الإدارة أو الجماعة الأم لان ترجمة تقرير الى تنقيط من الإدارة الأم قد يصب في اتجاه الضغط على المعني بالرجوع الى الإدارة الأصل وان كان من حق هاته الأخيرة بموجب المادة التاسعة أن "تبادر" الى إنهاء وضع رهن الإشارة . - وفي سياق الحديث عن المادة التاسعة المومأ إليها في الفقرة أعلاه ، والتي تتحدث عن حالات إنهاء وضع رهن الإشارة ، فان هذا الأمر يوكل الى كل من الإدارة المستقبلة أو الأصلية بعد إشعار إحداهما للأخرى و إشعار المعني بالأمر 30 يوما قبل دخول هذا الإنهاء حيز التنفيذ ، ولعل أهم ما يستوقفنا في هذا الإطار ، هو أن الموظف الذي لم تتح له إمكانية طلب الوضع رهن الإشارة يسمح له هذه المرة بالتقدم بطلب إنهائها ويبقى هذا الطلب معلقا بشرط موافقة الإدارة العمومية المستقبلة . - وبخصوص الموظفين الموضوعين أصلا رهن الإشارة أو بمعنى الذين سيوجدون ضمن هذه الوضعية عند تاريخ دخول هذا المرسوم حيز التنفيذ فسيتم حصرهم ضمن لوائح تعدها الإدارة المستقبلة خلال سنة من تطبيق هذا المرسوم ويتم إرسالها الى الإدارة أو الجماعة الأصلية التي تتولى أيضا خلال سنة من توصلها بهذه اللوائح وضع المعنيين رهن إشارة الإدارة العمومية المستقبلة لمدة أقصاها خمس سنوات بموجب قرارات فردية أو جماعية . وهي الوضعية التي تبقى قابلة للإنهاء بمجرد انتهاء الخمس سنوات ما لم يتم إنهاؤها قبل ذلك حسب منطوق المادة 9 المشار إليها أو إلحاق المعنيين خلال الخمس سنوات بالإدارة المستقبلة. تلكم أهم مضامين مشروع المرسوم المصادق عليه ، التي توحي بالوضع الهش الذي يميز الموظف الموضوع رهن الإشارة والذي يبقى موضوع عرض وطلب من الإدارة المستقبلة والإدارة أو الجماعة الأم ، فالمعني لا يتقدم بمبادرة الوضع رهن الإشارة ، كما أن طلب إنهائها يستوجب موافقة الإدارة المستقبلة ، وإنهاؤها من طرف هاته الأخيرة أو الإدارة أو الجماعة الأم لا يشترط إلا إبلاغ المعني بالأمر 30 يوما قبل تنفيذ الإنهاء . إن المصلحة العامة التي يقتضيها الأداء الإداري الذي يتفاعل معه الموظف ، لا يجب أن يغفل على كل حال مسالة إعطاء حق المبادرة لمحور هذا الأداء الذي هو الموظف ، فماذا ياترى لو رفض الموظف وضعا رهن الإشارة وهي الحالة التي لم يتعرض لها مطلقا مشروع المرسوم . وجدير بالإشارة أن المرسوم لم يتطرق الى إمكانية الوضع رهن الإشارة من جماعة ترابية الى جماعة ترابية أخرى سيما وان عددا من موظفي الجماعات الحضرية والقروية موضوعين رهن إشارة العمالات والأقاليم والجهات وهي كلها جماعات ترابية ، الأمر الذي تترتب عليه آثار قانونية بالنظر الى مسؤوليات البعض منهم داخل هذه الوحدات الترابية وهي الوضعية التي تبقى غير مقننة ما لم يشر إليها ضمن القانون التنظيمي للجماعات الترابية الذي لم يدرج بعد ضمن المخطط التشريعي الحالي ، و الحقيقة أن الفصل 46 المكرر مرتين الوارد ضمن قانون الوظيفة العمومية هو الذي يجب أن يطاله التعديل بإدراج وضعية رهن الإشارة من جماعة ترابية الى جماعة ترابية أخرى ، باعتبار أن مشروع المرسوم الحالي لا يمكن أن يتوسع في منطوق المادة 46 المكررة مرتين تحت طائلة مخالفة مبدأ توازي الأشكال (Principe de Parallélisme des Formes) الذي يقتضي تعديلا لقانون الوظيفة العمومية بنفس شكليات تبنيه . وإذا كانت مذكرة التقديم المرفقة بمشروع المرسوم والمعدة من طرف مديرية الوظيفة العمومية التابعة لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة قد تحدثت عن سياقات مشروع المرسوم الذي جاء ليدعم الحركية بين مختلف الإدارات العمومية والجماعات الترابية و استفادة الإدارات العمومية من خدمات الأطر التي تتوفر عليها إدارات عمومية أخرى وجماعات ترابية ، فان ما يهمني شخصيا – كموظف جماعي موضوع رهن إشارة جماعة ترابية أخرى – هو الحالات التي أوردها المشرع ضمن قانون الوظيفة العمومية والتي تناولت إمكانية إعمال الحركية الإدارية في اتجاه الجماعة الترابية وليس من هاته الأخيرة في اتجاه الإدارة العمومية كما ورد بمرسوم رهن الإشارة، ويتعلق الأمر بالمادة 38 مكررمن قانون الوظيفة العمومية التي تتطرق الى إمكانية نقل موظفين من إدارة عمومية الى أخرى أو من جماعة محلية الى أخرى أو من إدارة عمومية الى جماعة محلية ، ولعل مقتضيات هذا النص تبدو أكثر إنصافا للموظف الجماعي الذي أعطاه المشرع إمكانية التقدم بطلب في الموضوع أو بطلب من الإدارة أو الجماعة الأصلية للموظف مع تحصين هذا الأمر باستشارة اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء أو عرض الأمر على أنظار رئيس الحكومة في حال اعتراض هاته الأخيرة . وتندرج مقتضيات هذا الفصل حسب منطوق المادة 38 مكرر المشار إليها ضمن ما سمي ببرامج إعادة انتشار الموظفين التي تعدها الإدارة لهذا الغرض ، و الراجح أن المرسوم التطبيقي للفصل لم يصدر بعد ( شخصيا لم أجده) وكل ما صدر بهذا الخصوص منشور رقم 2329 للوزير الأول إدريس جطو بتاريخ 18 نونبر 2003 موجه للوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة حول إعادة انتشار الموظفين تفعيلا للمادة 38 مكرر والذي من خلاله يدعو الوزير المعني الى تكليف لجنة على صعيد الوزارة وبعضوية ممثلي المالية والخوصصة و المراقبة العامة للالتزام بالنفقات للانكباب على دراسة الوسائل العملية لإدخال مبدأ انتشار الموظفين حيز التطبيق ( للإشارة همت هاته العملية بالخصوص قطاعي العدل والصحة في أفق تعميمها) و لا زلنا في انتظار المقتضيات الكفيلة بتفعيل إعادة الانتشار . كما صدر مرسوم رقم 1218-99-2 بتاريخ 20 ماي 2000 بتحديد كيفية تطبيق الفصل 38 المكرر مرتين من قانون الوظيفة العمومية وهو الفصل الذي يشير الى نقل أو إلحاق موظفين بصورة تلقائية في الأحوال التالية : - تحويل مصالح من إدارة عمومية الى أخرى – لا تركيز إحدى المصالح الإدارية – لا مركزية إحدى المصالح الإدارية . وما يهمنى بهذا الصدد هو موقع الجماعة الترابية بحيث تطرقت المادة الرابعة من المرسوم السالف الذكر الى نقل الموظفين العاملين بإحدى المصالح الإدارية تلقائيا لدى الجماعات المحلية أو إلحاقهم لديها في حالة لا مركزية إحدى المصالح الإدارية لفائدة جماعة محلية ، وهو ما يحيل على فكرة الاختصاصات القابلة للنقل التي يقرنها الميثاق الجماعي في مادته 43 وجوبا بتحويل الموارد اللازمة لممارسة هذه الاختصاصات ، ولعل المقصود بها الموارد المالية التي تغطي مجالات النقل والموارد البشرية موضوع المادة 4 من المرسوم المشار إليه ، علما أن الفهم الذي كان ولا زال مسيطرا على الفاعلين الجماعيين أن هذا النقل مقرون وفقط بالموارد المالية . انطلاقا مما سلف ، يبدو أن الأمر أصبح يقتضي تدارك بعض النقائص في التعاطي مع الشأن الوظيفي للجماعات الترابية على الخصوص ضمن القوانين التنظيمية المنتظرة ، سيما وان من شأن فتح حركية أوسع وإعادة انتشار أكبر من و إلى الجماعات الترابية أو منها والى الإدارات العمومية ربح بعض الرهانات التي يمكن إجمالها فيما يلي : - نسبة مهمة من الجماعات الترابية تعرف عجزا ماليا يعتمد بالدرجة الأولى على حصة الدعم من الضريبة على القيمة المضافة و إعادة الانتشار كفيلة بتخفيف كتلة الأجور . - إدارات بإمكانيات مالية مهمة تستفيد من خدمات موظفين جماعيين تابعين في اغلب الأحيان لجماعات فقيرة و تهم هاته الإدارات على الخصوص مصالح المالية وكان الأجدر أن يتم أداء رواتب هذه الفئة من الإدارة المستقبلة الأمر الذي أغفله مشروع مرسوم إعادة الوضع رهن الإشارة . - تفعيلا لسياسة التخطيط الاستراتيجي التي تبنتها وزارة الداخلية ، تم تكوين 95 من الوكلاء الإقليميين للتنمية على صعيد المملكة لمواكبة الجماعات الترابية بمناسبة إعداد مخططاتهم الجماعية ، والحال أن اغلبهم لم تتح لهم بعد فرصة الاستفادة من الوضع رهن الإشارة بعمالات أقاليمهم سيما وان المكان الطبيعي للوكلاء ضمن اقسام الجماعات المحلية وان اغلبهم تابعين لجماعات حضرية مما يستوجب مراعاة هذا الوضع .