تمّ الهجوم المباغت بالأمس الأحد من طرف ناشطين من حركة القوّة الجديدة( الحزب الفاشي القديم)، على قاعة المسرح المخصّصة لحفل توزيع شواهد الجنسية الفخرية لأبناء المهاجرين المزدادين بإيطاليا، أغلبهم أبناء مغاربة، والقاطنين بمدينة" بونتيدرا" عمالة " بيزا" التي نظمتها المقاطعة، تحت عنوان:" بَانْديرَا أنا كذلك"، وهي حملة وطنية سبق أن ساهمت فيها عدة أحزاب، من بينها الحزب الديمقراطي، بعنوان "إيطاليا أنا كذلك" للمطالبة بالجنسية لأبناء الأجانب في السنة الماضية. فضيحة مخجلة، تضاف إلى لائحة الاعتداءات، والمظالم في حقّ الجاليات المهاجرة بإيطاليا. اعتداء سافل وحقير، أقدم عليه أعضاء من هذه الحركة الفاشية المعادية للمهاجرين، حيث اقتحموا القاعة التي تجمع 603 طفل وطفلة، أتوا لتسلّم شواهد الجنسية الإيطالية من قائد المقاطعة. هجموا على الجميع، ورَمَوْهُم بمناشير تشمئز لها الأبدان، وتستحي من بشاعتها كل الضمائر الحية، ودعاة السلام، مطالبين بعودتهم إلى بلدانهم، ويعتبرونهم محتلّين جددا؛ رافعين لافتات شاهدة حقّ عن خبثهم وعدائهم، صارخين بمدافع حناجرهم بشعارات، وسبّ، وشتم ضد المهاجرين.. وعن أي مهاجرين يتحدثون؟ والقاعة مملوءة بأطفال صغار، لا يفقهون في السياسة، ولا يفهمون الشتائم العنصرية الواقعة في آذانهم وقع الزلزال، بعدما كانوا قبل هنيهة فرحين، مرحين، ينتظرون شهادة من مسؤول المقاطعة، غير آبهين بأن هذه الشهادة ليست كباقي الشواهد التي سبق أن تسلّموها في مدارسهم، تشهد لهم بمستقبل يرون فيه النور، بل هي شهادة حرمان، ستزيد من تسليط ضوء الحقد، والكره، وتأجيج براكين من الكراهية والعنصرية المبيّتة لهم.. فلأوّل مرّة في التاريخ الحديث، يهاجم فيه صبايا بمخلفات مع آبائهم، ولأول مرّة ترفع لافتات العنصرية والفاشية في وجه أطفال أبرياء، ذنبهم الوحيد أنهم أصبحوا إيطاليين. حركة شيّبت أهل القرار، وأرهبت الكبار، فما بالك بصبيان صغار. عمل جبان، وحركة لاإنسانية في وضوح النهار، تهتف بالفاشية المعادية للأعراق والأجناس، وتبرّح بالعنصرية أمام الملإ، وكل الناس، وكأن العالم مازال في الأربعينيات من القرن الماضي، لا أحد يفتح فاه، أو يرفع الرأس. ماذا كان سيقع لو كان هؤلاء الأطفال أبناء إيطاليين؟ ألم تتحرّك كل القوى في اتجاه واحد، وتقوم الدنيا ولا تقعد؟ ألم نسمع بأن وزارة الداخلية فعلت كذا وكذا بالجناة؟ ألم نسمع بتدخلات الأطباء، وخبراء الأمراض النفسية؛ لمتابعة هؤلاء الأطفال الذين بكوا، وصرخوا، وطاروا من كراسيهم من الخوف والفزع؟ ألم ينكبّ الشعب كله تضامنا مع أوليائهم، مطالبين عاجلا بحل هذه الحركة التي تضر بسمعة ومصلحة أمن البلاد؟... أسئلة كثيرة، وكبيرة، ألّمتني، وأفزعتني، فكيف بقلوب أولياء هؤلاء الصبية الذين غادروا أوطانهم ليستقرّوا بأسَرهم، كما تخيّل لهم في بلد النّعَم والأمان،على حين غفلة أحرقت الأزمة النعم، وهاهو الأمن والأمان يحترق رويدا رويدا على يد أهل المكان، فما العمل يا ناس، وما الحيل، إن كانت قد ضاقت الدنيا بمن ولد، وفرّخ في المهجر، وكان هذا مصيره، ومصير أبنائه من بعده، فماذا نقول للآلاف من الشباب المتعطّش للهجرة السرية، وأي مصير ينتظرهم، في غربة أصبحت مشتعلة، لا تشفق على كبير، ولا ترحم صغيرا؟.