لم تعد المطالب المتعالية بمخيمات تندوف، الداعية إلى رحيل محمد عبد العزيز، وقيادة البوليساريو، حصرا على شباب الثورة، أو السياسيين الكبار، الذين خبروا دواليب السياسة، واستشفوا خبايا الأمور، وأصبحوا متيقنين ألاّ حل لقضية الصحراء قد يلوح في الأفق، ما دامت القيادة الحالية للبوليساريو على رأس الأمر في المخيمات. ويبدو أن قاعدة المطالبين برحيل قيادة جبهة البوليساريو، أصبحت تتسع يوما عن يوم، وتتغير كما وكيفا، فقد تزايدت أعداد الرافعين لشعار الرحيل لمحمد عبد العزيز، ورفاق دربه، وتنوعت أساليب وأنواع وطرق رفع الشعار، حتى أصبحت مخيمات تندوف، تتوق لرحيل قريب لقيادة عمرت أكثر من اللازم، وجثمت على قلوب الصحراويين لأكثر من 37 عاما، أقل ما يقال عنها إنها سنوات عجاف، أتت على الأخضر واليابس، وقوضت أحلام الصحراويين المتمثلة في رغبتهم في معانقة أرض الساقية الحمراء ووادي الذهب، في يوم يجمع شتاتهم، ويلملم جراحهم، ويطوي صفحات معاناتهم في اللجوء. فبعد هذه الجهود المضنية التي بذلها قادة البوليساريو في إفساد المجتمع الصحراوي، من خلال حقن الانحلال التي سكبوها في عروق تلك الجماهير ،بجنسيات من عدة دول إفريقية، لاعلاقة لهم بسكان الصحراء الأصليين الذين أصبحوا أقلية، وتوطينهم بالمخيمات تحسبا لأي تعداد سكاني، لتميل الكفة لصالح كراكيز تحركها الجزائر، لتحصين هذه المخيمات التي نشروا فيها كل أنواع الفساد، من الخلاعة، والمجون، والدعارة، والإختلاط، والدياثة، وحفلات الرقص، والغناء... المثير في الأمر، هو الضجيج الذي تثيره جبهة البوليساريو حول انتهاكات المغرب لحقوق الإنسان، وقمع أصحاب الرأي السياسي، في حين تمارس هي أيضا انتهاكات ضد الصحراويين أنفسهم، لكن ذلك يبدو مألوفا عند قادة البوليساريو، فقد اختطفت بالتعاون مع المخابرات الجزائرية عددا من الشباب الصحراوي، لازال بعضهم يقبع في السجون السرية، دون قضية، أو محاكمة لحد الآن. ناهيك عن نهب متواصل للمساعدات الانسانية المقدمة من طرف المفوضية السامية لغوث اللاجئين، والمنظمات الأخرى العاملة في هذه الميادين، واستغلال الأموال العمومية لشراء أفخم الفيلات في أوربا، ومورتانيا، وحتى تندوف التي أضحى الكثير من مساكنها مملوكة لقادة البوليساريو، والكوادر المهيمنة على الحكم التي باتت تعمل ليل نهار، وفق أجندة مخابراتية مشتركة بين المخابرات الجزائرية والصحراوية لقمع أي معارضة، يتجرأ أصحابها على المساس من زعيمة زعيم البولساريو خديجة حمدي، زوجة قائد البوليساريو، ووزيرة الثقافة، وعضو أمانة حزب البوليساريو، وزعيمة ما يسمى الحزب الصحراوي للمرأة الصحراوية. ومع استمرار تسلط القيادة، وتواطئها الدنيء على مصالح الصحراويين، واستغلالها لمعاناتهم، وكما عاشت مخيمات تندوف في السابق على وقع هروب قيادات، وشخصيات وازنة من المخيمات، ها هي تعيش اليوم على وقع احتجاجات شعبية شبه يومية، إضافة لظهور حركة شباب الثورة الصحراوية، وتزايد أعداد المؤيدين للحكم الذاتي بالمخيمات، وهاهي اليوم تبرز إلى الوجود تنسيقية المرأة الصحراوية لدعم تغيير النظام، تجمع فعاليات نسوية من مختلف التوجهات والأعمار، وتسعى إلى إنصاف المرأة الصحراوية عبر إصلاحات جذرية، تأتي نتاجا لتغيير القيادة، وهو التغيير الذي نعتته التنسيقية النسائية الشرط الأساسي لتحقيق شروط الديمقراطية المنشودة، وضمان كرامة المرأة الصحراوية كجزء لا يتجزأ من المجتمع الصحراوي الذي يعانى من ظلم، واستبداد خلف سخطا شعبيا بين الصحراويين، وصل حدا لم يعد يمكن السكوت عنه، وأمام كل المآسي والويلات التي قاساها الصحراويون بمخيمات اللاجئين، ورغم كل التضحيات والتنازلات، لم تستطع قيادة البوليساريو أن تكسب قلوب اللاجئين الصحراويين الذين تفرقوا عنها ،هربا من سياستها، ليزدادوا شتاتا على شتات، نتيجة فشل القيادة الذريع في تدبير، وتسيير شؤونهم . ألم يحن الوقت للسيد كريستوفر روس، وللجزائريين الأحرار أن يعرفوا حقيقة قادة البوليساريو الذين تلبسوا زورا بقضية شعب مستضعف مظلوم، واقتاتوا منها، ولازالوا، بعد ما أضاعوا دينه، وكرامته، وأفسدوا أكثر مما أفسد الاستعمار الإسباني الذي دام قرنا و نصف قرن من الزمن.. وإلى الله المشتكى. مينتو الصالح منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف