نشرت الصحافة الوطنية والدولية مؤخرا تقارير منظمات حقوقية دولية ووطنية تناولت أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، ورصدت مختلف الخروقات في مجال حقوق الإنسان بشكل عام و الحريات العامة بشكل خاص. و من الملاحظ أن وضعية الحريات العامة ببوعرفة احتلت حيزا مهما وبارزا في هذه التقارير التي أجمعت كلها على أن وضعية الحريات العامة ببوعرفة عرفت تراجعات خطيرة خاصة في مجال الحق في التعبير والرأي والمعتقد والتجمع والتظاهر السلمي . ونظرا لأهمية هذه التقارير باعتبارها آلية من الآليات التي تعتمدها المنظمات الحقوقية من اجل النهوض بحقوق الإنسان، فإنني سأحاول في هذه الورقة أن أضع أمام القارئ مواقف ووجهات نظر منظمات حقوقية وازنة حول واقع الحريات العمة ببوعرفة كما شاهدتها وعاينتها هذه المنظمات ، و هي منظمات تتمتع بمصداقية كبيرة، بحكم اشتغالها بطريقة مستقلة ومتجردة عن كل الخلفيات كيفما كان نوعها . أولا : منظمة العفو الدولية / امنستي انترناسيونال . تعد منظمة العفو الدولية من اكبر المنظمات التي تهتم بحقوق الإنسان على المستوى الدولي ، وهي تضم أزيد من 3 مليون عضو ومساند في أكثر من 150 بلدا وإقليما ، وقد بدأت منظمة العفو الدولية حملاتها منذ 1961. وبخصوص الحريات العامة ببوعرفة فقد أصدرت منظمة العفو الدولية وثيقة تحت عنوان :الاعتداء على محتجين واعتقالهم بالمغرب مؤرخة بتاريخ 25 ماي 2011 مما جاء فيها تعرض عدة أشخاص للاعتداء والاعتقال أثناء احتجاجات سلمية في عدة مدن مغربية منها فاس وطنجة واسفي وبوعرفة ، وطالبت منظمة العفو الدولية بمراسلة وزير العدل ورئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان وذلك للمطالبة ب : - فتح تحقيق نزيه وغير منحاز في مزاعم الاعتداءات الجسدية وإخضاع أي موظف رسمي تتبين مسؤوليته عنها للمحاسبة . - حث السلطات على الإفراج فورا وبلا قيد أو شرط عن جميع المعتقلين لسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع . - حث السلطات على احترام حق المحتجين في في التعبير عن أرائهم ومطالبهم بطريقة سلمية وعلى إصدارها تعليمات إلى قوات الأمن كي لا تلجا إلى استخدام القوة غير المبررة وغير الضرورية لتفريق المظاهرات . وفي تقريرها السنوي لسنة 2012 أوردت منظمة العفو الدولية فقرة خاصة عن ببوعرفة ، تطرقت فيها لبعض الخروقات المرتبطة بالحريات العامة جاء فيها أن قوات الأمن ببوعرفة قامت باقتحام مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والاعتداء بالضرب على عدد من أعضاء الجمعية كانوا يستعدون للمشاركة في مظاهرة سلمية في إطار البرامج النضالية لحركة 20 فبراير ثانيا : منظمة هيومان رايت واتش . اهتمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان التي يطلق عليها بالانجليزية منظمة هيومان رايت واتش بواقع الحريات العامة ببوعرفة ، وفي هذا الإطار فقد أرسلت مبعوثين لها إلى مدينة بوعرفة في أواخر شهر يناير 2011 وهما السيدان : ايريك جولدستن وإبراهيم الأنصاري ، اللذين عقدا لقاءات متعددة مع اسر معتقلي إحداث بوعرفة ، وهيئة الدفاع ومجموعة من مواطني البلدة ، فيما امتنعت الجهات الرسمية عن اللقاء بهما حسب ما بلغنا . ومن المنتظر أن تصدر هذه المنظمة تقريرا مفصلا عن بوعرفة في الأيام المقبلة ، سنعمل على تعميم مضامينه فور صدوره للعموم . ومنظمة هيومان رايت واتش هي منظمة أمريكية غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان وإشاعتها ،وقد تأسست سنة 1978 ومقرها بنيويورك . ثالثا : الجمعية المغربية لحقوق الإنسان . بحكم أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتوفر على فرع لها ببوعرفة ، فقد كان واقع الحريات العامة ببوعرفة أكثر بروزا في تقاريرها . ففي تقرير أولي حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها نشطاء حركة 20 فبراير والداعمون لها بين فبراير ويوليوز 2011 تطرقت لجملة من الخروقات التي وقعت ببوعرفة بعد المواجهات بين قوات الأمن وشباب المدينة يوم 18 ماي 2011 والتي أعقبتها عدة خروقات تتمثل في مداهمة البيوت والاعتقالات العشوائية والتعذيب وتلفيق التهم ،وقد قدم 10 شباب أمام المحكمة في جلسات ماراطونية افتقدت لشروط المحاكمة العادلة ، و أصدرت المحكمة الابتدائية ببوعرفة أحكاما قاسية في حق المتابعين وصلت الى 30 سنة بالنسبة للجميع : سنتين ونصف بالنسبة لكاتب هذا المقال رفقة المحجوب شنو وثلات سنوات بالنسبة للشباب الآخرين ، وقد تم إطلاق سراح الجميع يوم 4 فبراير 2011 على اثر عفو ملكي . وبخصوص التضييق على أعضاء جماعة العدل والإحسان ببوعرفة فقد خصصت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الفقرة من بيان المكتب المركزي الصادر بتاريخ 15 غشت 2012 للحديث عن بعض الخروقات المرتبطة بالحق في المعتقد والحريات الفردية . ومما جاء في البيان المشار إليه أن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان تابع قرار السلطات بالجهة الشرقية- بما فيها بوعرفة طبعا - بمنع عدد من المواطنين من التواجد بالمساجد خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، معتبرا أن هذا القرار انتهاك لإحدى الحريات الفردية التي ما فتئت الجمعية تطالب باحترامها، بحكم تضييقه على حق ممارسة الشعائر الدينية التي يجب أن تكفل للجميع دون تمييز بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي أو غيره. وتنكب الجمعية حاليا على إعداد تقريرها السنوي – قيد الطبع- وقد عقدت بشأنه ندوة صحفية بمقرها بالرباط في الشهر الماضي . رابعا :الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان بالمغرب . بالنسبة للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان فقد اثأر الانتباه إلى المشكل الذي يعاني منه المواطن عطواني حسن منذ 6 سنوات والمتمثل في تشميع بيته الكائن بحي الطوبة ببوعرفة بقرار إداري . فقد أقدمت السلطات بدون وجه حق بتشميع هذا المنزل ، وحجز جميع محتوياته ، لا لشيء إلا لان مالكه ينتمي لجماعة العدل والإحسان ، وفرضت حراسة دائمة على هذا المنزل من طرف رجال الأمن والقوات المساعدة ، ومنع كل من يحاول الاقتراب منه . وقد اعتبرت الكتابة التنفيذية للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان أن التشميع هو إجراء إداري جائر – هذا اختصاص القضاء- كما اعتبر هذا الإجراء يتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 والمصادق عليه من طرف الدولة المغربية سنة 1979 . وطالبت الكتابة التنفيذية في مراسلتها الأنفة الذكر بضرورة فتح تحقيق نزيه ومستقل حول هذا الخرق الإداري وجبر الأضرار التي لحقت بالمعني بالأمر- عطواني حسن ببوعرفة ومحمد العبادي بوجدة - على المستوى المادي والمعنوي . وتجدر الإشارة إلى أن الائتلاف المغربي يضم عدة هيئات وهي : - الجمعية المغربية لحقوق الإنسان . - العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان . - المرصد المغربي للحريات العامة . - منتدى الكرامة لحقوق الإنسان . - المرصد المغربي للسجون . - منتدى المواطنين . -الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان . - منظمة العفو الدولية – فرع المغرب - جمعية عدالة . - الهيئة المغربية لحقوق الإنسان . - الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء . - المركز المغربي لحقوق الإنسان . - جمعية هيئات المحامين . - المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف . - الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة . - منظمة حرية الإعلام والتعبير . - الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب . - مرصد العدالة بالمغرب . خامسا : العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان . اهتمت العصبة المغربية لحقوق الإنسان هي الأخرى بملف ما بات يعرف بالبيوت المشمعة ، وراسلت الجهات المعينة ، كما أصدرت البيانات والتقارير في نفس الموضوع . كما احتضنت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بمقرها بالرباط ندوة صحفية تحت شعار – البيت الأسير – يوم 28 ماي 2012 حضرها أصحاب البيوت المشمعة : السيد عطواني حسن وعبادي محمد وأفراد أسرتيهما وهيئة الدفاع . وقد اجمع كل المتدخلون في الندوة على أن إجراء التشميع قرار جائر وضدا على القوانين والأعراف . وركزت التدخلات أيضا على الحق في المعتقد و ممارسة الحريات الفردية ، وحق التعبير عن الرأي بالطرق السلمية ، طبقا للقوانين . خاتمة : هذه باختصار صورة عن محنة الحريات العامة ببوعرفة كما تراها اكبر المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية ، وقد ركزت فقط على بعضها ، على اعتبار أن التقارير التي تناولت محنة الحريات العامة ببوعرفة كثيرة إلى درجة انه يصعب حصرها