أفادت بعض المنابر الإعلامية الوطنية مؤخرا أنها توصلت بوثيقة صادرة عن رئيس الحكومة تفيد بأن وزارة المالية لن تتمكن من خلق أي منصب شغل برسم السنة المالية 2012. كما أفادت مصادر حكومية أخرى أن من بين أهم أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2012 دعم وإنعاش تشغيل الشباب. ولعل هذا التضارب في التصريحات الحكومية بخصوص معضلة التشغيل والتوظيف يعكس تناقضا واضحا في الرؤى والمواقف بين أصحاب القرار في ظل حكومة أوشكت ولايتها على الانقضاء. وغير خاف أن مثل هذه التصريحات الحكومية المتناقضة لا تساهم في بناء الثقة بين المواطنين وأصحاب القرار خصوصا في الظرفية الراهنة التي تشهد حراكا اجتماعيا يتزامن مع أجرأة مقتضيات الدستور الجديد على أرض الواقع . وحري بالذكر في هذا السياق أن الحكومة الحالية قامت في إطار إدماج حاملي الشواهد العليا في أسلاك الوظيفة بتوقيع محضر يوم 20 يوليوز المنصرم تلتزم فيه بتوظيف الدفعة الثانية من حملة الشواهد العليا في نونبر المقبل استنادا إلى المرسوم الوزاري رقم 100-11-2 . وانسجاما مع مقتضيات ذلك المحضر انسحبت الأطر العليا المعطلة من شوارع الرباط وأوقفت كافة أشكال نضالها منتظرة قدوم اليوم الموعود. ومع بروز متغير الاستحقاقات المقبلة بدأت المخاوف تراود شريحة واسعة من الأطر العليا المعنية سيما في ظل الراهن السياسي الذي يشهد دينامية مفتوحة على جميع الاحتمالات مع ما يرافقها من تصريحات حكومية متناقضة بخصوص تفعيل محضر توظيفهم. إن العهد الجديد الذي دشنه المغرب في أفق الدستور الجديد يقضي بإرساء أسس الثقة بين المواطنين وأصحاب القرار، وبدون تكريس الثقة المتبادلة بين الطرفين لا يمكن نجاح أي مخطط إصلاحي لأن فقدان الثقة في هذا الشأن سيفضي حتما إلى زرع بذور الإخفاق والتذمر و العدمية والتيئيس في نفوس المواطنين. ولعل الأطر العليا المعطلة الموعودة بالإدماج في أسلاك الوظيفة في شهر نونبر المقبل بموجب العقد المبرم بين ممثليها وممثلي الحكومة تنظر حاليا بعين الاستعجال إلى حلول فاتح نونبر موعد إدماجها ، كما تتطلع بعين الأمل المشوب بالتخوف إلى موعد عرض ومناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2012 الذي سيحدد عدد مناصب الشغل المحتمل إحداثها خلال السنة المقبلة. ومن المتوقع أنه في حالة إقدام الحكومة على أية محاولة للإخلال بالتزامها في توظيف الأطر المعنية في الموعد المحدد فإنهم سيلتئمون مرة أخرى في شوارع الرباط ليدشنوا محطات نضالية ربما يكون منسوبها أكثر ارتفاعا من منسوب المحطات النضالية السابقة التي كان آخرها الاعتصام المشهود بمقر حزب الاستقلال. إن الأطر العليا المعطلة المعنية بمحضر 20يوليوز الماضي تقدر الجهود الحثيثة التي بذلتها وما تزال الحكومة الحالية في إنعاش التشغيل . و في غمرة انتظارها لعرض ومناقشة المشروع المالي للسنة المقبلة لا تخفي تلك الأطر أملها في أن تتم برمجة مناصب مالية خاصة بتوظيفها في القانون المالي المقبل خصوصا وأن من أهدافه ومرتكزاته دعم وتيرة النمو الاقتصادي والتشغيل .