نشرت المحكمة الخاصة بلبنان اليوم الاربعاء الجزء الاكبر من القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في 2005 بعد مصادقة قاضي الاجراءات التمهيدية عليه. ورأى قاضي الاجراءات التمهيدية بحسب البيان ان "المدعي العام قد قدم ادلة كافية بصورة اولية للانتقال الى مرحلة المحاكمة". وفي أول تعليق على مصادقة المحكمة الدولية على القرار الإتهامي، قال النائب السابق وعضو المكتب السياسي لتيار "المستقبل" مصطفي علوش ل "إيلاف" "هناك قرار واضح من الأممالمتحدة والقرار الاتهامي اصبح بين ايدينا، هناك وقائع واضحة وان كانت لا تشمل كل التفاصيل، واعتقد ان المحكمة لن تنشر التفاصيل الا بعد المحاكمة، اما بالنسبة للتسريبات المتعلقة بدير شبيغل فانا من المقتنعين بان قرارًا من هذا النوع، لا يمكن ان يتخذ على مستوى حزب الله محليًا ولا على مستوى مجموعة صغيرة من الحزب، واذا ثبتت الاتهامات والمحاكمة جرم افراد من حزب الله، فان ايران بالتأكيد على مستوى اعلى قيادة وهي المرشد الروحي سوف تصبح جزءًا من القرار الاتهامي". ولدى سؤاله كيف سيوظف كل فريق ما جرى سياسيًا؟ قال: "نحن لن نوظف هذه القضية سياسيًا لكن بطبيعة الحال هذه الجريمة سياسية والمسار السياسي والامني في لبنان كان على وقع هذا القرار الاتهامي وعلى وقع انشاء المحكمة الدولية، وبالتالي على وقع الجريمة السياسية التي طالت الرئيس الحريري وقيادات اخرى في 14 آذار/مارس، لذلك سيكون هناك تأثير ولكنه يبقى في استمرار السجال السياسي، اما من الجانب الآخر فالمشهد الاهم بالنسبة له هو ما يحدث في سوريا وقد يؤدي ذلك الى تداعيات امنية لا يمكن تقدير ما هي في الوقت الحالي، لكن قد تكون مشابهة لما حصل في انطلياس". وحول توقيت نشر اجزاء من القرار الظني تزامناً مع ما يحصل في سوريا بمعنى انها ورقة ضغط على حليفها حزب الله لاضعافها اكثر؟ قال "لا اعتقد بان هذه المسألة مترابطة بهذا الموضوع، لاننا ننتظر صدور القرار الاتهامي منذ فترة، والمواعيد لم تكن مرتبطة باي ثورة سورية في ذلك الوقت، فالتزامن صدفة ليس اكثر". وعن تأثير نشرأجزاء من القرار الظني وهل يمكن أن يزيد الانقسام السياسي في لبنان، يعلق علوش قائلاً "الانقسام العمودي حاصل وسببه الرئيسي ليس القرار الاتهامي انما وجود سلاح خارج الشرعية اللبنانية، والامور الاخرى ليست سوى نتيجة لوجود السلاح غير الشرعي، ولكن قد يعطي صدور القرار الاتهامي فرصة لبعض المشككين بالمحكمة الدولية ليراجعوا حساباتهم على الاقل من خلال المعطيات الموجودة في هذا القرار. وأضاف "اعتقد بان من اعتاد على استخدام الملفات الامنية في المسائل السياسية سوف يستمر في ذلك، خصوصًا مع غياب المنطق السياسي للطرف الآخر، لذلك هناك خوف من خضات امنية". محكمة الحريري تصادق على القرار الاتهامي ونشرت المحكمة الخاصة بلبنان في وقت سابق اليوم الأربعاء الجزء الأكبر من القرار الإتهامي وقالت في بيان لها ان قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين "اصدر قرارا يطلب فيه اعلان قراره تصديق قرار الاتهام في قضية اعتداء 14 شباط/فبراير 2005، واعلان قرار الاتهام نفسه". ولفت البيان الى ان "السرية ابقيت على اجزاء صغيرة من قرار التصديق ومن قرار الاتهام، وعلى اجزاء من مرفقيه، نظرا لارتباطها بمسائل يمكن أن تؤثر في تحقيقات المدعي العام الجارية، وكذلك في خصوصية وامن المتضررين والشهود". ورأى قاضي الاجراءات التمهيدية بحسب البيان ان "المدعي العام قد قدم ادلة كافية بصورة اولية للانتقال الى مرحلة المحاكمة". لكنه اضاف ان "ذلك لا يعني ان المتهمين مسؤولون، بل يبين فقط توافر مواد كافية لمحاكمتهم. وعلى المدعي العام ان يثبت، اثناء المحاكمة، ان المتهمين مسؤولون "بدون ادنى شك معقول". والمتهمون بحسب القرار هم سليم جميل عياش ومصطفى أمين بدر الدين وحسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا. وقد صدرت بحقهم جميعا اربعة اشخاص صدرت بحقهم مذكرات توقيف غيابية وهم بحسب القرار الاتهامي "مناصرون لحزب الله" الذي "تورط جناحه العسكري في الماضي في عمليات ارهابية". وجاء في القرار ان "الاشخاص الذين دربهم الجناح العسكري (لحزب الله) لديهم القدرة على تنفيذ اعتداء ارهابي بغض النظر عما إذا كان هذا الاعتداء لحسابه أم لا". واضاف القرار ان "قاضي الاجراءات التمهيدية يرى ان قرار الاتهام يلبي شرطي التعليل والدقة اللذين يفرضهما الاجتهاد القضائي الدولي والنظام والقواعد (قواعد الاجراءات والاثبات)". وشرح القاضي فرانسين في قرار التصديق "اسباب الابقاء على سرية قرار الاتهام حتى الآن وهي أن يحافظ (...) على سلامة الاجراءات القضائية، ولا سيما فعالية البحث عن المتهمين واستدعائهم الى الاستجواب، عند الاقتضاء". وكان الامين العام لحزب الله حسن نصر الله اعلن ان اي حكومة في لبنان لن تتمكن من توقيف المتهمين، كما اعلن رفضه المحكمة "واتهاماتها واحكامها الباطلة". ويتهم حزب الله الذي يحظى مع حلفائه بغالبية الوزراء في الحكومة اللبنانية الحالية، المحكمة بانها "اسرائيلية اميركية" تستهدف النيل منه، فيما يتمسك بها فريق رئيس الوزراء السابق سعد الحريري نجل رفيق الحريري. واغتيل الحريري بانفجار في 14 شباط/فبراير 2005 اودى ايضا بحياة 22 شخصا، ضمن موجة من الاغتيالات ومحاولات الاغتيال طالت خصوصا شخصيات سياسية وصحافية مناهضة للنظام السوري. ردود الفعل الحريري يعتبر رفع السريّة عن القرار خطوة متقدمة وفي أول تعليق له على نشر الجزء الأكبر في قضية اغتيال والده، دعا رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري حزب الله الاربعاء الى الاعلان عن "التعاون التام مع المحكمة الدولية بما يؤدي الى تسليم المتهمين" في قضية اغتيال والده رفيق الحريري، والكف عن سياسة "الهروب الى الامام". وقال الحريري في بيان (نص البيان كامل) عقب نشر المحكمة الدولية الجزء الاكبر من القرار الاتهامي الذي يتهم اربعة عناصر من حزب الله بالمسؤولية عن اغتيال رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005 "ما هو مطلوب من قيادة حزب الله يعني بكل بساطة، الإعلان عن فك الإرتباط بينها وبين المتهمين. وهذا موقف سيسجله التاريخ والعرب وكل اللبنانيين للحزب وقيادته، بمثل ما يمكن ان يسجل خلاف ذلك، إذا أرادوا الذهاب بعيدا في المجاهرة بحماية المتهمين". بلمار يرحب بالقرار وقال مدعي المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار الاربعاء انه "يرحب" بقرار المحكمة المصادقة على القرار الاتهامي الذي اصدره بحق اربعة من اعضاء حزب الله في قضية اغتيال رفيق الحريري في شباط/فبراير، ونشره. وقال بلمار في بيان انه "يرحب بقرار قاضي الاجراءات التمهيدية رفع السرية عن قرار الاتهام" مشيرا الى ان "هذا القرار سيطلع اخيرا الرأي العام والمتضررين على الوقائع المزعومة في قرار الاتهام بشأن ارتكاب الجريمة التي ادت الى توجيه الاتهام الى المتهمين الاربعة". واضاف ان "رفع السرية عن قرار الاتهام يجيب عن اسئلة عديدة بشأن الاعتداء الذي وقع في 14 شباط/فبراير 2005. غير أن الستار لن يرفع عن القصة الكاملة الا في قاعة المحكمة حيث تعقد محاكمة مفتوحة وعلنية وعادلة وشفافة تصدر حكما نهائيا". واكد المدعي العام ان "تحقيقاته جارية وأعمال التحضير للمحاكمة مستمرة. قوى 14 آذار: نشر قرار الاتهام استكمال لكشف الحقيقة من جانبها رأت الأمانة العامّة لقوى 14 آذار بعد إجتماعها الدوري الأسبوعي ان "نشر القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه اليوم حدثاً إستثنائياً كبيراً، فهو من جهة إستكمال لخطوات المحكمة الدولية في مسارها نحو كشف الحقيقة، وهو من جهة اخرى إستحقاق لوحدة اللبنانيين حول العدالة شرطاً ضرورياً للإستقرار". ورأت قوى 14 آذار في نشر القرار الاتهامي إنتصاراً لمبدأ لطالما شدّدت عليه، مبدأ إنهاء سياسة الإفلات من العقاب وإلغاء الإرهاب والإغتيال السياسيين، مؤكدة تمسّكها بالمحكمة الدولية تمسكاً بالحقيقة والعدالة معاً، داعية اللبنانيين مجدّداً الى الإلتفاف حول قيم القانون والحقّ والعدالة والكرامة والحرية والديمقراطية، بوصفها أسُساً للعيش المشترك والسلم الأهلي وقيام الدولة. واعتبرت أن "حزب الله" مطالبٌ اليوم أكثر من أي وقت مضى بتسليم المتهمين الاربعة من أعضائه الى العدالة الدوليّة، وتطلب من الحكومة تحمّل مسؤولياتها في التعاون مع المحكمة تعاوناً صادقاً. وشددت على أن العدالة التي لا تقتصّ من طائفة أو مذهب أو جهة بل من مجرمين، يجب ان تتحقّق، وعلى أن رفضها هو الفتنة بذاتها إذ يتحدّى اللبنانيين وشهداءهم من كلّ الطوائف والأطياف. حزب الله ورفض النائب السابق في حزب الله حسن حب الله التعليق على الموضوع ل "إيلاف" مشيرًا إلى أن الحزب لا يعلق ومنذ فترة اتخذ قرارًا بعدم الحديث عن الموضوع. لمحة موجزة عن قرار الإتهام: يوجه قرار الاتهام إلى الأشخاص الأربعة الآتية أسماؤهم التهم لمسؤوليتهم الجنائية الفردية في الاعتداء على رفيق الحريري: • سليم جميل عيّاش، • ومصطفى أمين بدر الدين (المعروف أيضًا بالأسماء "سامي عيسى" و"مصطفى يوسف بدر الدين"، و"إلياس فؤاد صعب"، • وحسين حسن عنيسي (المعروف أيضًا باسم "حسين حسن عيسى")، • وأسد حسن صبرا. وتؤيد الأدلّة المرفقة بقرار الاتهام (التي تُعرف بالمواد المؤيدة والتي تقع في ما يزيد عن 20000 صفحة) الادعاءات المرتبطة بالوقائع والتهم التالية الواردة فيه. ففي صباح 14 شباط 2005، غادر رئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، منزله في قصر قريطم، ببيروت، لحضور جلسة لمجلس النواب. وكعادته، تنقّل في موكب له. واتخذ أعضاء مجموعة اغتيال مؤلفة من عيّاش وأشخاص آخرين مواقعهم في أماكن عدة يستطيعون منها تعقّب ومراقبة موكب الحريري. وكانوا قد راقبوا الحريري في عدة أيام قبل وقوع الاعتداء تحضيرًا له. وقبل الساعة 11:00 من ذلك اليوم، وصل الحريري إلى مجلس النوّاب. وقبيل الساعة 12:00، غادر الحريري مجلس النوّاب وذهب إلى مقهى "بلاس دو ليتوال" (Café Place de l'etoile) القريب وبقي فيه 45 دقيقة تقريبًا، قبل مغادرته عائدًا إلى منزله. وحوالى الساعة 12:49، صعد الحريري إلى سيارته يرافقه النائب باسل فليحان، وانطلق الموكب من ساحة النجمة. وبدأ الحريري وجهازه الأمني رحلة العودة إلى قصر قريطم في موكب مؤلف من ست سيارات، سالكين طريقًا بحرية مرورًا بشارع ميناء الحصن. وفي الساعة 12:52، اتجه فان ميتسوبيشي كانتر ببطءٍ نحو فندق السان جورج الكائن في شارع ميناء الحصن. وقبل مرور الموكب بدقيقتين تقريبًا، تحرّك فان الميتسوبيشي كانتر إلى موضعه النهائي في شارع ميناء الحصن. وفي الساعة 12:55، عند مرور موكب الحريري مقابل فندق السان جورج، فجّر انتحاري ذكر كمية هائلة من المتفجرات المخبأة في الجزء المخصص للحمولة في فان الميتسوبيشي كانتر، فقُتل الحريري و21 شخصًا آخر وأُصيب 231 شخصًا آخر. وبُعيد الانفجار، أجرى عنيسي وصبرا، وهما يعملان معًا، اتّصالات هاتفية بمكتبي وكالة رويترز للأنباء وقناة الجزيرة في بيروت. ثم اتّصل صبرا بقناة الجزيرة مرة أخرى ليعلمها بمكان شريط الفيديو الذي وُضع على شجرة في ساحة الإسكوا في بيروت. وعُثر على الشريط والرسالة المرفقة به. وفي شريط الفيديو الذي بُث فيما بعد على شاشة التلفزيون، أعلن رجل، يدعى أحمد أبو عدس، زورًا أنه الانتحاري الذي نفذ العملية باسم جماعة أصولية وهمية مشيرًا إليها باسم "جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام". ونتيجة للتحقيقات التي أجريت بعد الاعتداء، جُمعت كمية كبيرة من الأدلة، بما فيها إفادات الشهود، والأدلة الوثائقية، والأدلة الالكترونية (مثل تسجيلات كاميرات المراقبة وسجلات بيانات الاتصالات الهاتفية). وأدّت هذه الأدلة إلى تحديد هوية بعض الأشخاص المسؤولين عن الاعتداء على الحريري. وعلى سبيل المثال، أظهر تحليل سجلات بيانات الاتصالات وجود عددٍ من شبكات الهواتف الخلوية المترابطة والمتورطة في عملية اغتيال الحريري. وتتكوّن كل شبكة من مجموعة من الهواتف، التي سُجّلت عادةً بأسماء مستعارة، والتي كانت نسبة الاتصال بينها مرتفعة. واتهم كل من مصطفى امين بدر الدين (50 عاما) وسليم جميل عياش (47 عاما) بخمس تهم هي: - مؤامرة هدفها عمل ارهابي - ارتكاب عمل ارهابي باستعمال اداة متفجرة - قتل (رفيق الحريري) عمدا باستعمال مواد متفجرة - قتل (21 شخصا آخر اضافة الى رفيق الحريري) عمدا باستعمال مواد متفجرة - محاولة قتل (231 شخصا اضافة الى رفيق الحريري) عمدا باستعمال مواد متفجرة واتهم كل من حسن عنيسي (37 عاما) واسد صبرا (34 عاما) بخمس تهم: - مؤامرة هدفها عمل ارهابي - التدخل في جريمة ارتكاب عمل ارهابي باستعمال مواد متفجرة - التدخل في جريمة قتل الحريري عمدا باستعمال مواد متفجرة. - التدخل في قتل (21 شخصا آخر اضافة الى رفيق الحريري) عمدا باستعمال مواد متفجرة - التدخل في محاولة قتل (231 شخصا اضافة الى رفيق الحريري) عمدا باستعمال مواد متفجرة. واوجز القرار الاتهامي دور كل من المتهمين في العملية بما يلي: - مصطفى بدر الدين: المشرف العام على العملية. - سليم جميل عياش: تنسيق مجموعة الاغتيال المسؤولة عن التنفيذ الفعلي للاعتداء. - حسن عنيسي وأسد صبرا: اعداد اعلان المسوؤلية زورا بهدف توجيه التحقيق الى اشخاص لا علاقة لهم بالاعتداء وذلك حماية للمتامرين من الملاحقة القضائية. وقد صدرت بحقهم جميعا مذكرات توقيف غيابية وهم بحسب القرار الاتهامي "مناصرون لحزب الله" الذي "تورط جناحه العسكري في الماضي في عمليات ارهابية". وجاء في القرار ان "الاشخاص الذين دربهم الجناح العسكري (لحزب الله) لديهم القدرة على تنفيذ اعتداء ارهابي بغض النظر عما إذا كان هذا الاعتداء لحسابه أم لا". وتتوصّل غرفة الدرجة الأولى إلى حكمها بعد النظر في جميع الأدلة في أثناء المحاكمة.