مدت يدها للخمسين ديناراً, فإذا به يطلب رقم هاتفها الخلوي. برر طلبه بحجة مساعدته بالبحث عن عروس. نورا وأكثر من 60 لاجئة سورية حصلن على المعونة المالية في نفس اليوم من شهر نيسان/ ابريل 2012 بأحد مساجد حي الشميساني, أحد الأحياء الراقية في العاصمة الأردنيةعمان. بعد اسبوعين, اتصل المتبرع السعودي بنورا وبعد حوار قصير, قال لها: "لماذا لا تكونين أنت العروس..؟". تبلغ نورا من العمر (29 عاماً), قتل زوجها تحت التعذيب بمعتقلات النظام السوري في محافظة حلب, وتعيل ثلاثة اطفال, اعمارهم على التوالي (9, 7) اعوام, فيما بلغ عمر اصغرهم (9 أشهر) عندما تزوجت والدته من المتبرع. تقول نورا: "وافقت على الزواج من المتبرع الستيني عندما تعهد برعاية اطفالي وتحمل مسؤوليتنا". تزوجت نورا من المتبرع السعودي على مهر معجل مقداره (1000 دينار), وانتقلت من الشقة التي تقيم فيها مع أمها واشقائها الثلاثة, اضافة إلى زوجة شقيقها وطفلها في جبل النصر بشرق عمان إلى شقة أخرى متواضعة في نفس المنطقة بإيجار مقداره (150 ديناراً). تقول نورا: "اضطررت للزواج لأريح أهلي من عبء مسؤوليتي وأطفالي, وأنا ليس لدي سوى شهادة "البكالوريا", ولا أجيد أي صنعة أعيل منها اطفالي, لذا تزوجت من شخص يكبرني بسنوات كثيرة, بعد أن أكد لي بأنه يريد الزواج من ارملة لديها اطفال صغار وأنه يريد تربيتهم لكي يكسب من وراءهم اجراً عند الله". وتضيف: "لكنه خدعني وكذب عليّ, وكان يفتعل المشاكل بحجة أن اطفالي يزعجونه, وبعد 20 يوماً من الزواج طلقني, ورفض دفع المهر المؤجل ومقداره 2000 دينار, ومزق ورقة الزواج.. لقد جلبت العار لأهلي بهذه الزيجة.. ودائماً أمي تقول لي.. لقد جلبت لنا الفضائح". اسبوعان من العسل مقابل 200 ديناراً..! تزوجت سهى (16 عاماً) من متبرع سعودي, رأها اثناء توزيعه تبرعات مالية على اللاجئين السوريين (100 دينار لكل عائلة) في اسكان البشابشة بمدينة الرمثا القريبة من الحدود السورية, والسكن عبارة عن شقق سكنية تبرع بها محسن اردني. اقنع المتبرع الأربعيني والد سهى بتزويجه ابنته مقابل تكفيله, ما يعني حرية الحركة والتنقل في المدن الأردنية, ودفع المتبرع 200 ديناراً مهر معجل لوالد سهى, انفقه على شراء احتياجات ابنته للعرس. وانتقلت ماريا للسكن في شقة في مدينة الرمثا, ادعى المتبرع بأنه اشترى اثاثها, فيما بلغت اجرتها الشهرية 500 دينار, تبين لاحقاً بأنها شقة مفروشة, فيما بلغ المهر المؤجل 2000 دينار. امضت سهى شهرين مع زوجها, وفي الأسبوع الثالث, بدأ الزوج بإساءة معاملتها وضربها, وكان يخرج في النهار ولا يعود إلا ليلاً. وبعد شهرين سافر إلى السعودية لإجراء ترتيبات نقلها إلى بلده, ومنذ اكثر من عام ونصف لم يسمع عنه أي اخبار, وحتى هاتفه الخلوي قام بفصله. تقول سهى: "أجبرت على الزواج حتى تتمكن عائلتي من الخروح من اسكان البشابشة, صحيح أن المكان أفضل من مخيم الزعتري, لكنه مكتظ باللأجئين ولم نكن نستطيع التحرك بحرية, ولدي 4 شقيقات وشقيق وجميعهم اصغر مني, اضافة إلى أمي وأبي". وتقيم سهى حالياً مع عائلتها بجبل المنارة في شرق عمان بظروف صعبة, فوالدها لا يستطيع العمل, ولا تكفيهم معونات المفوضية السامية للاجئين, ولا يستطيع والدها دفع إيجار الشقة منذ عدة أشهر, وهم مهددون بالطرد إلى الشارع. فيما تؤكد سهى بأنها لا ترغب بالزواج ثانية بعد التجربة القاسية التي مرت بها. "طاقة القدر انفتحت لكم"..! تزوجت مها من متبرع خمسيني قبل ان تكمل عامها الرابع عشر, وستنجب في كانون الثاني/ يناير الجاري طفلاً قبل أن تكمل الخامسة عشرة من عمرها. قدم المتبرع الكويتي لها عقد ماسي ثمنه 24 ألف دينار, ومصاغ ذهبي بقيمة 8 آلاف دينار, اضافة إلى 10 آلاف دينار مهر معجل, و10 آلاف مؤخر. تقول والدة مها: "بدأت مأساتي عندما اقنعتني جارتي السورية بالحضور إلى شقتها لتسلم معونات من متبرع كويتي يمنح 200 دينار لكل ارملة تقيم في المبنى المخصص للنساء اللواتي فقدن ازواجهن في القتال بسوريا, ورأيت في شقتها المتبرع وأحد الأشخاص العاملين في الجمعية الخيرية التي تقوم بدفع ايجارات شققنا. وقد سبق لهذا الشخص أن رأى ابنتي أثناء تواجدنا في مكتب المفوضية السامية للاجئين في مدينة المفرق". تضيف والدة مها: "كان هذا الشخص يتصل بي يومياً لمدة شهرين من أجل اقناعي بتزويج ابنتي للمتبرع الكويتي, ويغريني بقوله أن "طاقة القدر انفتحت لكم وانه الكويتي سيغنينا". وافقت بعد الحاحه الشديد وبسبب فقرنا, على تزويج ابنتي الصغرى, لأن شقيقتها الكبرى (17 عاماً) مخطوبة لأحد اقاربها". نقل المتبرع مها وعائلتها من سكن "الأرامل" إلى شقة أخرى في نفس الحي في مدينة المفرق, ولم تكن هذه الشقة ب "الفخامة" التي وعدهم بها, وبإيجار مقداره 350 ديناراً شهرياً, فيما تزودهم المفوضية السامية للاجئين فقط بكوبونات الطعام, والتي لا تكف العائلة المكونة من 7 أفراد تتراوح أعمارهم من ( 3 أعوام إلى 17 عاماً), وينقصهم الكثير من الإحتياجات. لم تفرح الطفلة بعقدها الماسي تقول أم مها "كنت اعتقد ان تزويج ابنتي سينشلنا من وضعنا البائس, وأنا نادمة على تزويجها, وأشعر بذنب شديد تجاهها. وهي لم تجن من هذا الزواج سوى الهم, فقد سرقت مجوهراتها ومهرها بعد اسبوعين من الزواج, وستتحمل مسؤولية طفل, وهي لا تزال طفلة". وتشير أم مها إلى أن زوج ابنتها كان يقيم معهم في نفس الشقة, بعد أن اقنعها بأنه لا حاجة لإستئجار شقة أخرى لأن مها ستنتقل للإقامة معه في الكويت, وأنه عندما عرف أنها حامل طلب منها اسقاط الجنين, لكنها رفضت, فقام بتطليقها على الهاتف, ورفض الإعتراف بالطفل, إلا أنه أجبر على تثبيت الزواج عندما تم تقديم شكوى بحقه. وهو الآن متزوج من لاجئة سورية تبلغ من العمر (17 عاماً) تقيم في عمان, فيما سبق له الزواج قبل الطفلة مها بلاجئة سورية أخرى لم يتجاوز عمرها السابعة عشرة عاماً. المحامي الدكتور فراس اليعقوب, عضو "الجمعية الأردنية لمكافحة الأشكال الحديثة للعبودية ومنع الإتجار بالبشر" يؤكد انتشار ظاهرة الإتجار باللاجئات السوريات, خاصة القاصرات عن طريق الزواج, والغاية منه "المتعة" فقط, وفقاً لتعبيره. ويوصف د. اليعقوب الحالات الآنفة الذكر بأنها اتجار بالبشر وفقاً لقانون الإتجار الذي ينص على أن "استقطاب اشخاص أو نقلهم أو ايوائهم أو استقبالهم بغرض استغلالهم عن طريق الإحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة ضعف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على هؤلاء الاشخاص", حتى ولو لم يقترن هذا الإستغلال بالتهديد بالقوة أو استعمالها".. إضافة إلى أن عمر بعض الضحايا هو ما دون الثامنة عشرة عاماً. ويؤكد د. اليعقوب أن زواج الطفلة مها يعد "فاسداً" لأنها لا تزال قاصراً, وهنا يتوجب فسخ الزواج بإسم الحق العام, إلا أن زواجها يصبح صحيحاً بسبب الحمل, وفي حال طلاقها تصبح اهلاً للتقاص حتى وإن لم تبلغ سن الرشد, وعدة طلاقها هي انتهاء الانجاب, حيث تستطيع رفع دعوى تثبيت الطلاق السابق, والمطالبة بكل الإستحقاقات المترتبة على العقد, إضافة إلى أن الطفل سينسب إلى والده ويحمل جنسيته. ويعطي الدكتور اليعقوب مثلاً على ثلاثينية تم عقد قرآنها على قطري, وعندما سافرت إلى بلده, وجدت شخصاً آخر, وهو سبعيني يعاني من امراض عقلية, حاول قتلها بموس حلاقة, ما اضطرها للهروب إلى الأردن بعد أقل من اسبوع. وفي حالة أخرى تزوج اماراتي ستيني سورية (17 عاماً) مقابل 15 ألف دينار, اضطرت هي الأخرى للهرب بعد شهرين عندما وجدت نفسها تعمل خادمة له ولعائلته, وليست زوجة. عمل د. اليعقوب على اكثر من 10 قضايا تثبيت زواج, إلا أن بعض الحالات كان من الصعوبة فيها تثبيت الزواج كحالة الطفلة فرح (12 عاماً), تزوجت من خمسيني سعودي في محافظة حمص, مقابل 5 آلاف دينار مهر معجل, ومثلها مؤخر, نقلها إلى لبنان, ومن ثم إلى الأردن, وقد فشل في عقد الزواج وتسفيرها إلى بلده, كونها لا تزال قاصراً, وتقيم حالياً مع والدتها في شقة مفروشة في عمان الغربية, يزوها الزوج الخمسيني بين الحين والآخر. عقود "برانية" تجري غالبية الزيجات بعقود "برانية", كما يصطلح السوريين على تسميتها, ولا يتم توثيقها في المحاكم الشرعية. ويكتفى بشاهدين وكتابة ورقة تثبت أن الزواج قد تم. ما يعني أن الزوجة لا تستطيع اثبات زواجها خاصة إن قام الزوج بتمزيق عقد "الزواج البراني". ومن الطريف أنه في إحدى الحالات, تم كتابة عقد زواج في مخيم الزعتري على كرتونة علبة سمنة, بسبب عدم توفر ورقة لدى أهل العروس..!! ومن أجل حفظ حقوق هؤلاء النساء والحد من زواج القاصرات, فرضت السلطات الأردنية شروط صارمة, منها موافقة وزارة الداخلية, عدم ممانعة من المحاكم الشرعية, ابراز وثيقة تثبت أنها غير متزوجة, وعمرها فوق 18 عاماً, إضافة إلى توظيف قاض شرعي في مخيم الزعتري, يقوم بتنظيم عقود الزواج, وبالتالي تثبيتها قانونياً. ووفقاً لتصريحات صادرة عن وزير الداخلية حسين المجالي في كانون أول/ ديسمبر الماضي, يتواجد أكثر من 2ر1 مليون سوري في الأردن من بينهم 560 ألف لاجىء, مشيراً إلى أن حالات الزواج في صفوف السوريين بلغت 2470 حالة, منها 502 لفتيات أقل من 13 عاماً, أي ما نسبته 20%. وقد أكد في تصريحات سابقة في تشرين أول/ اكتوبر الماضي وجود حالات اتجار بالبشر في مخيم الزعتري للأجئين السوريين. لا ملاحقة قانونية ..!! يؤكد مسؤول أمني رفيع المستوى فضل عدم ذكر اسمه زيادة الأعباء التي يتحملها الأردن في توفير الرعاية الطبية والاجتماعية لضحايا الإتجار بالبشر, معرباً عن تخوفه من زيادة الأطفال غير الشرعيين وانتشار منظمات تجارة الجنس وتشعب العمليات المتصلة بها. مشيراً إلى أن اصابات بدنية واعاقات, وامراض منقولة جنسياً منها الايدز, تترتب على تجربة الإتجار بالبشر. ويعد "الزواج البراني" مخالفاً لقانوني الأحوال الشخصية والعقوبات في الأردن، ويعاقب عليه بالحبس والغرامة, التي قد تصل إلى 1000 دينار، ويجب توثيقه لدى المحاكم المختصة. إلا أنه لا يعاقب أي من أطراف العقد بالحبس، وفق منطوق المادة 279 من قانون العقوبات التي اقتصرت على الحبس من شهر إلى ستة أشهر، إلا بعد تجريمه من قبل قاضي الصلح الذي لا يبحث بدوره في تلك العقود إلا بناء على شكوى أو تحويل من الضابطة العدلية "الشرطة". وتبدي الناشطة الحقوقية ليندا كلش مديرة مركز "تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان" استغرابها من وجود هذه الظاهرة في الأردن, وترى فيها اغتيالاً لطفولة الضحايا واعتداءً صارخاً على مستقبلهم. مشيرة إلى أن كافة مؤسسات المجتمع المدني والحكومية معنية بحماية الضحايا, وملاحقة الجناة. وتعرب عن تخوفها من ان يتكرر "المتاجرة" بالضحايا من خلال اعادة تزويجهن بجناة آخرين, أو أن يتجهن للعمل في "الدعارة", خاصة وأن غالبية الضحايا صغيرات السن وتعليمهن متدني, ولا يملكن ما يساعدهن على العمل وإعالة أنفسهن, ولتلافي ذلك تطالب كلش بتقديم برامج تأهيل للضحايا والعمل على اعادة ادماجهن في المجتمع, وذلك من خلال انشاء ماوىء, يعنى بالضحايا ويقدم الحماية وبرامج التشافي الإجتماعي والنفسي لهن. وتثني الناشطة الحقوقية المحامية أنعام العشا مستشارة "المعهد الدولي لتضامن النساء"، على حديث كلش, وتضيف أن هذه الزيجات وفقاً للقوانين السورية مسموحاً بها وتحبذها التقاليد والأعراف الإجتماعية على اعتبار أنها "سترة" للفتاة وتحقق منفعة. وترتفع نسبة هذه الزيجات في حالة "اللجوء" نظراً للأوضاع البائسة التي يعيشها اللاجئين, حيث تشكل البنات عبئاً على الأهل, وهنا يفضل الأهل تزويجهن لكي يتخلصوا من هذا العبء الذي يثقل كاهلهم اجتماعياً واقتصادياً. وتستدرك العشا بقولها: إلا أن هذه الزيجات تعد انتهاكاً لحقوق الإنسان وفقاً لإتفاقيات حقوق الإنسان والإتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل, وتعتبر "تزويج" وليس "زواج", ذلك أن الزواج إرادة حرة ويشترط فيها القبول والإيجاب والوعي من قبل الزوجين, إلا أنه في حالة "الزيجات" السابقة الذكر, فإنه يتم التعامل مع هؤلاء الفتيات وكأنهن "بضاعة" ولسن بشر, بحيث يحق للأهل تزويج الفتاة وإعادة تزويجها بعد طلاقها, أي أن المسألة "بيع وشراء", بعيداً عن مقاصد الزواج المتعارف عليها. وحالة الطفلة مها, مثال صارخ على هذا التوصيف, لقد دفعت لها هذه المبالغ مقابل شراءها وليس مقابل زواجها. والزواج ليس دائماً يكون مقابل المال, إضافة إلى أنها قاصراً, هذا زواج (متعة, مسيار, مسفار, عرفي..) أو أي مسمى من مسميات الزواج المؤقت. وهو اعتداء على طفولتها وهناك خطر يتهدد حياتها عند الولادة. مشيرة إلى أن الدراسات الصادرة عن الأممالمتحدة تؤكد أن أكثر حالات الإجهاض والوفيات والتشرد والعنف تقع بين أبناء الأمهات صغيرات السن, ويزداد ضررها إذا تم انتزاع الأطفال منهن. أم بشار لاجئة مطلقة (28 عاماً) تعيش في الأردن منذ عامين, هي وأطفالها الثلاثة, تعمل خاطبة "سمسارة" من أجل اعالة اطفالها. في شقتها المتواضعة بأحد أحياء عمان الشرقية, تتناثر حولها بعض قطع الأثاث, تسحب أم بشار نفساً عميقاً من سيجارتها وهي ترتشف القهوة, تنفس فيه عن غضبها من وضعها البائس. تقول أم بشار: اضطررت للعمل "خطابة" لأن المساعدات التي تصلنا لا تكفينا, ولم تقدم منظمات الإغاثة المختلفة لنا سوى القليل من الأغذية وبعض الفرشات والأغطية, التي لا تكف اطفالي. وقد رفضت جمعيات سورية تقديم معونات لنا, فمثلاً جمعية المرأة الحموية رفضت مساعدتي لأنني حمصية..! وتحت عنوان مساعدتنا يستغل "الخليجيون" عوزنا لتحقيق نزواتهم. مشيرة إلى أن هذه الظاهرة كانت تحدث في سوريا قبل انطلاق الثورة السورية. وبالرغم من أن أم بشار تتقاضى (100 300) دينار عمولة عن كل عروس تساعد بتزويجها لخليجي, إلا أنها وجدت في تجارة الجنس منفذاً آخر لجمع المال, حيث تقوم بعرض بعض الفتيات المطلقات مقابل (50 ديناراً). تداعيات ومخاوف ويتخوف ناشطون من أنه في ظل أجواء مشابهة, يعيشها بعض الأردنيين من فقر وعوز من انتشار ظاهرة تزويج القاصرات. وتعرب الناشطة الحقوقية ليندا كلش عن تخوفها من انتشار هذه الظاهرة في المجتمع الأردني, خاصة في ظل ارتفاع نسب الفقراء بسبب الاوضاع الاقتصادية المتفاقمة, يضاف إليها عدم وجود ملاحقة قانونية, قد تزيد من انتشار هذه المشكلة اردنيا. موظف في مباحث احدى الدول الخليجية اشترط على الخاطبة السورية أن يكون وزن العروس (150) كغم, فيما يبلغ وزنه 80 كغم, إلا أنه أذعن للزواج من ثلاثينية لم يسبق لها الزواج, تزن 100 كغم, لعدم توفر الوزن المطلوب.. دفع لها 3 آلاف دينار, طلقها عندما وجدها صباح اليوم الثاني للزواج تشاهد افلام كرتون وتضحك بشكل هستيري. وتفاوض خالة العروس, العريس كي تتمكن من الحصول على 4 ألاف دينار مهر فاديا المؤخر, إلا أنه غادر الأردن غير مكترث بمطالباتها. بالرغم مما ذكر سابقاً إلا أن "الإتجار بالسوريات" لا يزال مستمراً تحت عنوان "الزواج", من جنسيات عربية مختلفة, إلا أن الخليجيين يشكلون النسبة الأكبر. ولا يتحرج البعض من الإفصاح عن رغبته بتزويج ابنته القاصر من أي شخص يمكن أن يساعد في انتشالهم من الفقر والوضع البائس الذي يعيشون فيه, على حد وصفهم. أم سوسن تعيش بخيمة في "الزعتري"مع اطفالها الخمسة, اكبرهم ابنتها سوسن البالغة من العمر (15 عاماً), ترغب بتزويج سوسن لأي شخص يقوم بتكفيلهم وإخراجهم من مخيم الزعتري.. ويعاني زوجها من تحسس بعيينه وضعف بالرؤية, ويزداد وضعه سوءً بسبب مناخ المنطقة المقام فيها المخيم. فيما تؤكد الأرملة الثلاثينية أم حلا أنها تريد تزويج ابتنها الكبرى (14 عاماً) من خليجي لكي ينشلهم من الفقر. وتعيش أم حلا وأطفالها السبعة الذين يتراوح اعمارهم من (14عاماً 1 عام) في مخيم الزعتري. ويشير تقرير صادر عن هيئة الأممالمتحدة للمرأة اجري على عينة لاجئي مخيم "الزعتري" في تموز/ يوليو 2013, وحمل عنوان "اللاجئين السوريين في الأردن: العنف القائم على النوع الإجتماعي وحماية الأطفال مع التركييز على الزواج المبكر", يشير التقرير إلى أن 3ر51% من النساء والرجال (عينة الدراسة) تزوجوا قبل بلوغهم 18 عاماً وأن الغالبية تزوجت قبل اللجوء إلى الأردن, وأعتبر 44% من العينة أن العمر الطبيعي لزواج الفتيات يتراوح من (15 17) عاماً, فيما أكد 6% أن زواج الفتيات لم يتغير بعد لجوؤهم إلى الأردن, وقال 23% بأن سن الزواج لكل من الذكور والإناث قد انخفض, فيما قال 10% بأن سن الزواج قد ارتفع. الأرقام أعلاه تؤكد جملة حقائق, وهي: أولاً: الزواج المبكر لدى السوريين من كلا الجنسين, كان يحدث قبل انطلاق الثورة, وهو ليس أمراً طارئاً, وتسمح به القوانين السورية, وهي من فاقمت هذه المشكلة. ثانياً: اضطرار فقراء السوريين إلى تزويج بناتهم بهدف "السترة" وبالتالي, التخلص من الأعباء الإجتماعية والإقتصادية. ثالثاً: تجهيل النظام السوري أعداداً كبيرة من المواطنين السوريين من خلال عدم تجريم أو على الأقل اتخاذ اجراءات تشريعية تحد من زواج القاصرين, ما يمنحهم فرصة اكمال تعليمهم. ** ملاحظة: جميع اسماء الضحايا الواردة اسماءهن في التقرير مستعارة