بداية أقدم لكم نفسي ، اسمي هبة ، أبلغ من العمر 17 ربيعا ، حصلت نهاية هذه السنة على شهادة الباكلوريا ، وقد سعدت بهذا النجاح وأسعدت معي أسرتي وكل أحبائي ، إلا أن هذه السعادة والفرح لم يدوما إلا أياما معدودة حيث تعرضت أنا وصديقتي جيهان البالغة 16 ربيعا ، لاغتصاب ..اعتداء جنسي ولأنني إنسانة محبة للحياة ،وقوية بوقوف أسرتي بكامل أعضائها إلى جنبي ، فإنني قررت بعدما استجمعت كل قواي أن أساهم بصرختي هذه من أجل وقف أو بالأحرى الحد من كل أشكال العنف و الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال والنساء في بلدي . وقبل أن أخوض في الوقائع كما عشتها لحظة بلحظة أود أن أشكر كل اللواتي والذين عبروا/ عبرن عن تضامنهم /هن معي فقد بعث ذلك دفئا في قلبي وقوى من عزيمتي في مواجهة ما تعرضت له .وجعلني أحس روح وقيمة التضامن لدى المغاربة نساء ورجالا وهي شهادة حية على أن المغرب ليس للمغتصبين/المجرمين منعدمي الحس الإنساني أبناء فلان وعلان ، الذين يعتقدون أنهم أحسن من الآخرين وأعلى منهم رتبة ودرجة ، وأنه مسموح لهم أن يعبثوا في البلاد والعباد فسادا ووحشية دون محاسبة أو عقاب ولذلك يصفهم المغاربة باللغة العامية ب " الحكارة " وهؤلاء في الجزء الأكبر منهم يكررون اعتداءاتهم وتجاوزاتهم للقانون ولحقوق ولطمأنينة الناس ويظلون بعيدين عن العقاب وهو الأمر الذي يجب وضع حد له. ولكل هذا الذي ذكرته أتشبث بتوضيح ملابسات السياق الذي ارتكب فيه في حقي وحق صديقتي جيهان هذا الفعل الشنيع . أجل أنا وصديقتي أردنا أن نحتفل بنجاحنا ، مع صديقاتنا ، وقد اقترح صديق جيهان، وهو أحد المعتدين عليناا أن يوصلنا للمكان الذي نريد أن نلتحق به . ولأننا نؤمن بالقيم النبيلة للصداقة لم نشك فيه أبدا ، وحالا أخبرنا أن قريبا له يرافقه ، ونحن لم نعتقد البتة أن المعتديان ستصل بهما النذالة والوقاحة إلى ما ارتكبوه في حقنا خصوصا وأنهما جاءا معا إلى بيت صديقتي لنقلنا حيث نريد أن نذهب ، ولم يخطر ببالنا أنهم سيتجاوزون كل الحدود ، ويتسببون لنا فيما نحن فيه من أذى. وابتدأ الأمر بالالتفاف على إيصالنا المكان المطلوب، قيامهم بجولات لعدة أماكن بالرباط ونواحيه مختلقان أسبابا عدة لتبرير هذه التنقلات غير المنسجمة مع البرنامج الذي على أساسه جاء لنقلنا من منزل صديقتي جيهان، ولنفاجأ بسذاجتنا لما وجدنا أنفسنا نقتاد إلى مكان منعزل ببئر قاسم ضواحي مدينة الرباط ، وتبين لنا عندها بشكل واضح أن نيتهم لم تكن إيصالنا حيث الصديقات اللواتي كنا في انتظارنا ، وهو ما اعتبرته حينها اختطافا لنا، ما داما لم يسمحا لنا حتى باستعمال هواتفنا وأصبحنا محتجزتين ضدا على إرادتنا لساعات. لحظتها تملكنا الخوف الرهيب ، وأصبح تفكيرنا مشلولا بفعل هذا الخوف ، وقد حاولنا الإفلات والهروب من مخالب هذين الوحشين ، ولكنهما استطاعا الإمساك بنا بالنظر للظلام الدامس الذي كان يجثم على المكان ، ولبعد مكان الاحتجاز بحوالي مائة متر عن الطريق ، ولم يكن لنا من مخرج ولا خيار غير البقاء تحت سطوتهما ، خاصة وأنهما أمعنا في إذلالنا باستخدام جميع أنواع السب البذيء الماس بكرامتنا الإنسانية ، وأصبحنا أمام وحشين لا يعرفان معنى الرحمة ،استولى عليهما جنون الظفر بجسدينا بأي وسيلة كانت ولو بإزهاق أرواحنا ، وأمام هذا الخطر الذي داهمنا ونحن لا حول ولا قوة لنا ، سعينا أنا وصديقتي لتهدئتهما ، لكنهما كانا مصرين على إيذائنا والعبث ببراءتنا وهو ما جعلاهما يعرضاننا للضرب بقضيب حديدي ، وتهديدنا بسلاح أبيض ، ولما حاولت مساعدة صديقتي جيهان التي كانت تتعرض لاعتداء أحدهما ، تم الإمساك بي وجري من طرف الوحشين الكاسرين والاعتداء علي جسديا ولفظيا بأقدح النعوت التي تخدش الحياء والحشمة حيث قاما وبالتناوب في اجباري على القبول بممارسات تمس بكرامتي كإنسانة ، وتمعن في العبث بجسدي ، وفرضوا علي بعدوانيتهم تقبيلهم ولمسهم ،حيث أحسست عندها أنهم يدنسون جسدي . ولأوضح أكثر فإنهما لم يتمكنا من عملية الإيلاج بفعل توسلي وبكائي ، ولكنني أعتقد أن الاغتصاب لا يمكن قصر تعريفه على فض غشاء البكارة ، فجسدي هو ملك لي أنا وحدي وليس من حق أي كان أن يمسه ،و يمسني في حميميتي وبالتالي فأي اعتداء علي مهما اتخذ من شكل لا يختلف عن الاغتصاب. بالشكل السائد في المجتمع ،مادام يتم لإجبارك من طرف المغتصب عبر التهديد بالموت على فعل شيء بالإكراه ، إنها قمة العدوانية والوحشية في العلاقة بين الإنسان والإنسان عفوا إنه الحيوان الذي لا يملك العقل الذي يهذب به غرائزه، وفي النهاية إنه اغتصاب لطفولتك وبراءتك وحبك للحياة ، وليس له أي اسم آخر غير ذلك ، نظرا لما يخلفه من آثار ومخلفات مادية ونفسية على الإنسان المغتصب وعلى سلوكه ونظرته للحياة وللمجتمع . وإن كل شخص يتعاطى مع هذا الأمر بشكل مختلف ، أو يعتقد عكس ذلك ، لايمكنني إلا أن أسمح لنفسي من خلال هذه التجربة الشخصية الأليمة والتي أعرف أن الكثيرات من الفتيات الشابات كن ضحاياها قبل هبة وجيهان ، ولكنهن لم يقدرن على البوح بما تعرضن له ، وهو مايزيد من آلامهن ويسمح للمعتدين بتكرار جرائمهم . وأعتقد جازمة أنه و في كل ليلة من ليالينا هناك العديدات من جيهان ومن هبة يتعرضن للاعتداء وللإذلال وللإهانة ، وخوفا منهن من أحكام مجتمع لايرحم يفضلون الصمت وتكون التكلفة باهضة على حياتهن ومستقبلهن، وتظل بأجسادهن وعقولهن جروح معاناتهن الذي لا يندمل أبدا . وحتى لا أسقط فيما يسقط فيه الكثيرات من الشابات اللواتي تغتصبن وهن في عنفوان شبابهن ، قررت عن قناعة راسخة مني أن جسدي في كليته، أي في كل مسام من مسامه ، هو ملك لي ولي وحدي ، وأن أي شخص مسني قسرا ،أو انتزع مني شيئا قهرا بالقوة ، لاحق له بذلك ويجب أن يعاقب على فعله بدون رحمة أو شفقة، وسوف لن ألتفت للمجتمع الذي يتسامح مع هذه الجرائم بصيغ مختلفة تبقي أصحابها يعبثون ببراءة الأطفال والنساء ، ويعرضونهن للموت البطيء ، فأنا عدت من الموت لأحيى وأصرخ وأفضح ما تعرضت له حتى أساهم إلى جانب كل شريفات وشرفاء هذا الوطن في النضال من أجل مغرب بدون عنف، وهي المعركة التي نخوضها بدعم مطلق من عائلتينا ومنكن ومنكم والتي ليست معركة هبة وجيهان بل هي معركة مجتمع بكامله والتي عليه ومن واجبه العمل من أجل إسماع صوت العدالة للتصدي لهذه الأفعال الدنيئة ومعاقبة مرتكبيها بأشد العقوبات ، لأن لا مكان لهؤلاء الوحوش بين ظهرانينا هنا في وطننا المغرب. وقبل ختم هذه الصرخة أود أولا أن أوضح أنني كنت أعرف مسبقا أن هذه الصرخة قد ينبري بعض الذين يريدون أن يمسوا بعائلتينا من خلال اعتبار أننا لم نكن أهلا لثقتهم ، وهذا كلام مردود عليه لأن هؤلاء مخطئون ، فإساءة استخدام الثقة ليست من مسؤولية الضحايا ، بل هي مسؤولية المعتدين المغتصبين أولا وأخيرا ،والأمثلة على صحة قولنا ما يجري من اعتداءات فظيعة على النساء والأطفال داخل البيوت المقفلة ، و تندرج ضمنها زنا المحارم. وثانيا أود أن أتوجه بعالي التحية وجزيل الشكر للمحامين والمحاميات الذين واللواتي كانوا سندا لنا أمس بالمحكمة ، وسندا لعائلتينا اللتان هزهما الاعتداء علينا ، وأخص بالذكر الأستاذة السعدية وضاح التي وقفت إلى جانبي طيلة عشرين يوما بالاستماع الجيد لما كابدته وصديقتي جيهان ، وكذلك للأستاذين النقيبين عبد الرحيم الجامعي وعبد الرحيم الشرقاوي وكل المحاميات والمحامين الذين واللواتي انبروا ..انبرين للترافع في هذه القضية. ولكم مني ألف تحية وألف شكر، والأمل كل الأمل في إحقاق الحق وإعمال العدالة.