يناقش خبراء في مجال الاعلام وصحافيون عرب في حلقة تكوينية بالرباط، قوانين الإعلام في البلدان العربية في أفق بلورة تصور مشروع مبادئ قانون إعلام عربي موحد. وتنظم هذه الندوة بمبادرة من مركز الدراسات والابحاث في العلوم الاجتماعية بتعاون مع شبكة "انترنيوز نت وورك" في الفترة ما بين 27 و29 يوليوز الجاري. وتتناول ندوة " قوانين الاعلام في البلدان العربية" عددا من المواضيع الهامة منها على الخصوص "الاعلام في الوطن العربي الواقع ومتطلبات المرحلة الراهنة"، و"الحق في الولوج الى المعلومة"، و"المجالس العليا للاعلام في البلدان العربية"، و"التدوين والصحافة الالكترونية". وأبرز علي كريمي أستاذ القانون بالمعهد العالي للاعلام والاتصال وبجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء، أن هذه الندوة عبارة عن حلقة تكوينية للصحافيين حول قوانين الاعلام في البلدان العربية تأتي في ظرفية يجتازها العالم العربي تتسم بالتحولات، مضيفا أنه " من ضمن المجالات التي تطالها التحولات والذي يجب أن يحدث به تغييرات جوهرية مجال الاعلام والاتصال". ووصف التجربة المغربية في هذا المجال ب"النموذجية" على اعتبار أن المغرب دخل مرحلة التعددية ووضع قانون ليبرالي منذ 1958 "لا يوجد نظير له في تلك الفترة في محيطه الافريقي والعربي"، مضيفا انه "رغم بعض التراجعات خلال فترة 60 و70 إلا أن التجربة المغربية بقيت متميزة بالمقارنة مع تجارب أخرى محيطة بها في النظام الإقليمي الفرعي المغاربي". وفيما يخص الحق في الولوج إلى المعلومات، أكد كريمي أن الدستور الجديد أولى هذا الجانب أهمية كبرى، وأقر الحق في الوصول إلى المعلومة "الذي كان مطلبا أساسيا لرجال الاعلام وصار اليوم هذا النص القانوني الدستوري ملزما للادارات ولا يمكن لها ان تتذرع باي ذريعة كانت لكي تحجب المعلومة عن رجال الاعلام وعلى المواطنين بشكل عام". وتوقف عند تطور الصحافة الالكترونية والتجربة المغربية في هذا المجال والحاجة الى التأطير القانوني لها، مشيرا الى تطور التشريع المغربي في هذا الجانب من خلال قانون 2002 الذي أشار في عدة مواد منه الى الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية أو إلى كل وسيلة إلكترونية. ومن جهته، اعتبر محمود معروف، مدير مكتب جريدة القدس العربي بالمغرب، أن القانون "يظل في مجتمعاتنا مرجعية أساسية ورئيسية في ممارسة مهنة الصحافة وفي ضمان الحماية للممارسين خاصة على صعيد الحق في الحصول على المعلومة ونشرها". لكن القانون، يضيف معروف، لا يكتمل الا على صعيد الممارسة والتطبيق "وهي ليست رهينة فقط بالسلطات بل رهينة بالفاعل في هذه المهنة الذي يجب ان يتمتع بالجرأة والشجاعة لكي يمارس هذا الحق الذي يمنحه له القانون". وأكد أن الدستور المغربي الجديد حمل الكثير من مظاهر التقدم على صعيد البنيات الأساسية في المجتمع وخاصة في ميدان الديمقراطية والحريات العامة الذي يتضمن الكثير من النصوص المتعلقة بحرية الصحافة". وقال إنه "علينا كصحفيين أن نقرأ النص الدستوري على الحق في الولوج الى المعلومات بشكل جيد وأن نمارسه بشكل صحيح وأن نحث الاخرين على ممارسته والتعاون في ممارسته". ومن جانبه، اعتبر عمر الشوبكي، رئيس منتدى البدائل للعلوم السياسية - مصر، ومدير تحرير مجلة "أحوال مصرية" أن إشكالية الاعلام في العالم العربي " ليست فقط إشكالية قانونية بل هي إشكالية مركبة تتعلق في جانب منها بالأداء المهني "، مضيفا أن ذلك " يستدعي إلى جانب تطوير وتحديث القوانين، تطوير هذا الأداء". وأشار الى أن الاعلام العمومي في الكثير من البلدان العربية "لا يزال يعرف خلطا بين الخدمة العمومية والولاء للحكومة أو النظام السياسي"، وهذا الخلط " لا يمكن المؤسسات الإعلامية العمومية من التوفر على منظومة قوانين تتيح لها العمل باستقلالية عن الجهاز الإداري ومنظومة الحكم في العديد من الاقطار العربية"، مبرزا أن حل هذا الاشكال يحتاج الى جانب القوانين الى إرادة سياسية. أما ولد محمد فال محمد عبد الله عضو نقابة الصحفيين بموريتانيا، فقد أبرز أن هناك مطلبا ملحا من لدن المواطنين بالمنطقة العربية من أجل إقرار الحق في الولوج الى المعلومات والحصول على الاخبار خصوصا تلك المتعلقة بالشأن العام "لانه بدون هذا الحق لا يمكن الحديث عن المشاركة". وأشار إلى أن هناك قوانين بالمنطقة العربية تستلهم وتستوحي من القوانين الدولية، لكن ليس هناك قانون ينص على حق الوصول الى المعلومات بقدر ما توجد قوانين تتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة. وأكد أهمية ما تضمنه الدستور المغربي الجديد من التنصيص ولأول مرة على الحق في الولوج الى المعلومات، مشيرا الى ان هناك خطوات في الاردن ومحاولات في بلدان أخرى في هذا الاتجاه.