محيط قصر الاتحادية بالقاهرة شهد اشتباكات سابقة بين مؤيدي ومعارضي رئيس الجمهورية (الجزيرة) ربما تكون الأحداث التي وقعت أمام قصر الاتحادية الرئاسي في مصر ليلة أمس الاربعاء 5 دجنبر الجاري، الأسوأ منذ أسقطت ثورة يناير/كانون الثاني الرئيس السابق حسني مبارك، فقد خرجت عن أي تصور أو سيناريو لما يمكن أن تصل إليه تطورات الخلاف المحتدم بين القوى السياسية التي احتكمت للشارع وحشدت أنصارها بعد الخلاف حول الإعلان الدستوري وكذلك مشروع الدستور الجديد . وأسفرت المواجهات بين من باتوا يعرفون بمعارضي الرئيس المنتخب محمد مرسي ومؤيديه عن سقوط خمسة قتلى ونحو 350 جريحا، وتسببت بانقسام عميق في الشارع المصري، كما تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عما حدث. " معارضو د. مرسي تظاهروا أمام القصر الرئاسي، ومؤيدوه جاؤوا اليوم التالي لإظهار دعمهم وتأييدهم، ولم يتوقع أحد ما حدث خاصة أن معظم المعارضين كانوا قد غادروا المكان باستثناء قلة أقامت عدة خيام بهدف الاعتصام " اشتباكات واتهامات الجزيرة نت كانت حاضرة في محيط قصر الاتحادية، عندما بدأ مؤيدو الرئيس في التوافد، وكان الظن أن الأمر سيقتصر على مظاهرة ترد على سابقتها، كما حدث قبل أسبوع عندما تظاهر معارضو الرئيس في ميدان التحرير، فرد عليهم مؤيدوه بمظاهرة مماثلة في ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة. لكن الحال تبدل سريعا وسرعان ما توافد المئات من معارضي الرئيس، لتبدأ اشتباكات دامية يتهم كل طرف منافسه بالمسؤولية عنها، فالمعارضون يؤكدون أنهم سبقوا بالتظاهر في المكان وما كان للمؤيدين أن يزاحموهم فيه، والآخرون يؤكدون أن من حقهم التعبير عن تأييدهم للرئيس بعدما حاصر المعارضون مقره، خاصة أن الغالبية الساحقة من المعارضين كانت قد غادرت المكان بالفعل. قد لا يصدق أحد أن شاهد عيان لا يستطيع الجزم بمسؤولية طرف أو اتهام آخر بأنه البادئ، لكن التوتر كان غالبا والحوار كان غائبا، في حين كانت الحجارة المتطايرة سيدة الموقف، قبل أن يتطور الأمر إلى ما هو أسوأ باستخدام الزجاجات الحارقة ثم قنابل الغاز التي لا يعرف أحد من أين أتت، ثم باستخدام الرصاص المطاطي والحي. لم يكن من الحكمة البقاء في قلب المشهد، فانتقلت إلى أطرافه، حيث أمكنني الاستماع إلى بعض الشهادات أو بالأحرى التساؤلات، التي كان معظمها يوحي بوجود طرف ثالث يحرض ويموّل، وإلا فكيف وصل الأمر إلى استخدام الأسلحة وإزهاق الأرواح بين من كانوا شركاء في الثورة على مبارك حتى وقت قريب. لوم متبادل لم يتردد أحد المتحدثين في الإشارة إلى "فلول النظام السابق" وألقى باللائمة على ما يعرف بالقوى المدنية، وهو التعبير الذي بات يستخدم في مصر للدلالة على القوى السياسية غير الإسلامية، وقال إن الأيام الأخيرة شهدت خطأ كارثيا منها بفتح الباب أمام "الفلول" واعتبارهم حليفا في المواجهة من الإسلاميين الذين أصبح أحدهم رئيسا لمصر. والتقط رجل آخر طرف الحديث، فتحدث عن فتنة يريد إشعالها مرشحون خاسرون في انتخابات الرئاسة، واتهم القوى المدنية بأنها تستكثر على الإسلاميين الوصول إلى السلطة بعد أن كانوا طوال عهد مبارك: إما في السجون أو في الطريق إليها، مضيفا أن من يدعون أنهم ليبراليون لا يحترمون أبسط قواعد الديمقراطية ويريدون إسقاط الرئيس الذي جاء بانتخابات حرة لم يعرفها المصريون منذ زمن بعيد. لم يكد الرجل ينهي كلماته حتى قاطعه آخر، وقال إن المسؤولية تقع كاملة على الإسلاميين وخصوصا الإخوان المسلمين المسلمين والرئيس مرسي، حيث يرى أن الجماعة اغترت بفوزها في الانتخابات البرلمانية ثم بوصول أحد قياداتها إلى منصب الرئاسة، فتعالت على المصريين وحاولت الاستئثار بالسلطة وأدارت ظهرها لشركاء الثورة. كما حمل شاب على الرئيس مرسي، وقال إنه يتحمل المسؤولية بتأخره في الخروج إلى الشعب والحديث إليه، مضيفا أن تراجع الرئيس عن قراراته ولو كانت صحيحة أفضل من السماح باستمرار إراقة الدماء، لكن شابا آخر رد عليه وقال إنه استمع إلى تصريحات من يقودون المعارضة الحالية ويرى أنها صبت الزيت على النار برفضها الدخول في حوار غير مشروط. الحديث كان ساخنا، ولم يكن هناك مجال لسؤال هذا أو ذاك عن اسمه أو صفته، خصوصا وأصوات سيارات الإسعاف تدوي، مشيرة إلى سقوط المزيد من المصابين، بينما تزايدت حدة النقاش بعدما اختلف شابان حول موقف الأمن، حيث لامه الأول على عدم تدخله بل واعتبر أن في الأمر نوعا من التواطؤ، في حين رأى الآخر أن ابتعاد الأمن قرار حكيم خصوصا وأن كثيرا من المصريين ما زالوا يحملون انطباعات سيئة عن الشرطة. تركت المشهد بأكمله، وعدت لأكتب تقريري، وأتساءل عما إذا كان ما تشهده مصر حاليا أهو أزمة أم فتنة؟ وتناهى إلى سمعي تصريحات وحوارات تعج بها الفضائيات المصرية، فأدركت أنها قد تكون أزمة عاصفة في الشوارع والميادين، لكنها عبر الفضائيات فتنة كبرى. ** المصدر: الجزيرة نت