أعاد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بأغلبية ساحقة انتخاب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رئيسا له خلال المؤتمر الرابع للحزب في أنقرة، وذلك لولاية ثالثة وأخيرة حيث يحظر القانون الداخلي للحزب الترشح لأكثر من ثلاث ولايات متتالية. وقد بعث أردوغان بإشارة قوية تدل على رغبته في الترشح لأول انتخابات رئاسية بالاقتراع المباشر عام 2014. وحصل أردوغان على 1421 صوتا من أصل 1424 مندوبا في حزبه. كما انتخب المندوبون في الحزب، أعضاء اللجنة التنفيذية المركزية التي حافظت على معظم أعضائها القدامى وأبرزهم وزير الخارجية أحمد داود أوغلو. وانتخب 21 عضوا جديدا للجنة أبرزهم نعمان كورتولموش زعيم حزب صوت الشعب المنحل الذي انضم حديثا إلى حزب العدالة والتنمية. وفي خطاب استمر قرابة ساعتين ونصف ساعة واستهدف تحديد ملامح برنامج الحزب خلال السنوات العشر القادمة تعهد أردوغان بوضع دستور أكثر تنوعا وفتح صفحة جديدة في العلاقات مع أكراد تركيا. وأكد الزعيم التركي -الذي يتوقع أن يترشح لمنصب رئاسة الجمهورية عام 2014- في خطاب قوطع مرارا بالتصفيق، أن خدمة الناس أهم بكثير من المناصب، وترجم خطابه على أنه إشارة قوية إلى رغبته في أن يصبح أول رئيس لتركيا ينتخب بالاقتراع المباشر. وبموجب التعديلات الدستورية عام 2007 فإن الرئيس سيتم انتخابه بالاقتراع العام لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. نموذج يحتذى وأمام الآلاف من أعضاء حزبه وبحضور أجنبي وعربي لافت اعتبر أردوغان أن زمن الانقلابات العسكرية في البلاد قد ولى، مشيدا بإمكانيات تركيا بوصفها قوة ديمقراطية صاعدة، قائلا إن حزبه الحاكم أصبح نموذجا للعالم الإسلامي بعد عشر سنوات من الحكم. وأضاف "لقد أظهرنا للعالم أن ديمقراطية متقدمة يمكن أن توجد في بلد ذي غالبية كبيرة من المسلمين. لقد أصبحنا نموذجا لكافة البلدان المسلمة". ومنذ عام 2002 فاز حزب العدالة والتنمية تحت قيادة أردوغان في ثلاثة انتخابات متتالية بأغلبية ساحقة لينهي بذلك عصرا من الحكومات الائتلافية الهشة تخللته انقلابات عسكرية ولتصبح أطول فترة تشهدها تركيا لحكومة يرأسها حزب واحد منذ أكثر من نصف قرن. كما تضاعف نصيب الفرد من الدخل ثلاث مرات تقريبا منذ ذلك الحين، وأعادت تركيا ترسيخ كونها قوة إقليمية حيث ينظر حلفاؤها إلى سياستها التي تمزج بين النظام الديمقراطي المستقر والثقافة الإسلامية على أنها نموذج يحتذى في منطقة مضطربة. عدم تطبيع وتعهد رئيس الوزراء التركي أثناء افتتاح المؤتمر الرابع لحزبه أمس بعدم تطبيع العلاقات مع إسرائيل ما لم تعتذر وتقدم تعويضات عن مهاجمة أسطول الحرية لإغاثة غزة. وطالب روسيا والصين وإيران بإعادة النظر في موقفهما حيال الأزمة السورية، قائلا "إن التاريخ لن يعفو عن المساندين لهذا النظام الظالم"، مؤكدًا عزمه العمل على المسألة الكردية "على الرغم من الاستفزازات وحملات استنزاف الحكومة". ودعا كل مواطن كردي إلى أن يحكّم ضميره دون أن يقع تحت تأثير الدعاية التي يقوم بها من سماهم الإرهابيين، وأن يسأل نفسه هل قامت أي حكومة أخرى في تاريخ الجمهورية التركية بخطوات جريئة لصالح الأكراد. وحيا جميع الضيوف الذين قدموا من خارج تركيا من قادة ومسؤولين فردًا فردًا وهم الرئيس المصري محمّد مرسي، ورئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، ورئيس الوزراء الباكستاني الأسبق يوسف رضا جيلاني، ورئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، ورئيس وزراء جمهورية شمال قبرص التركية إحسان كجك، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل. مرسي ومشعل وقد أكد الرئيس المصري خلال كلمته أمام المؤتمر أن بلاده لن تهدأ أو تستقر حتى يتوقف نزف الدم في سوريا وتزول القيادة السورية الحالية "الظالمة". وقال مرسي إن ما يحدث في سوريا من قتل وذبح للشعب السوري يدمي القلوب، واصفا الوضع في سوريا بأنه "مأساة هذا العالم والقرن". وأضاف "لن نهدأ أو نستقر حتى يتوقف نزف الدم السوري وتزول هذه القيادة السورية الظالمة القاتلة، ونحن نؤيد الشعب السوري في جميع خياراته". وأكد أن موقف بلاده واضح كل الوضوح بشأن القضية الفلسطينية، وقال "نحن حاملون لهذه القضية مع الشعب الفلسطيني، كنا وما زلنا وسنبقى، هم يتخذون قرارتهم بإرادتهم ونحن ندعمهم دعما تاما فيما يتخذون من قرارات". أما رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل فاعتبر في كلمته أن حزب العدالة والتنمية نموذج نجاح تفخر به تركيا، "وأن هذا النجاح بدأ يعدي الدول العربية وهي عدوى تستحق شكر الله عليها" مشددا على أن تركيا قدمت صورة مشرقة للإسلام العصري والحضاري والوسطي.