ما هذا يا أبي؟.. إنه المترو يا بني، هو وسيلة نقل تسير داخل النفق تحت الأرض". بهذا الحوار بين طفل وأبيه يبدأ دليل "تسلي مع.. مترو الجزائر"، ويبدأ في ذات الوقت في العاصمة الجزائرية وبشكل رسمي تشغيل "وسيلة نقل" وضع حجرها الأساسي قبل ثلاثين عاما الرئيس الشاذلي بن جديد، ثالث رئيس عرفته الجزائر - عبد العزيز بوتفليقة سابعهم - منذ استقلالها عن فرنسا في 5 تموز/يوليو 1962. "كان خلال سنوات أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة" مترو الجزائر، الذي دشنه بوتفليقة صباح اليوم الاثنين على أن يفتح أبوابه أمام الجمهور غدا الثلاثاء بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لاندلاع حرب التحرير، مشروع اقتصادي واجتماعي وحضاري كاد أن يصبح وهميا بسبب طول مدة إنجازه وإرجاء موعد افتتاحه عدة مرات. ولم يصدق الجزائريون أنه سيرى النور يوما ما، وظل دليلا شاهدا على فساد النظام وفشله في تحقيق الحد الأدنى من ظروف العيش الجيدة للمواطنين. ويؤكد حميد سعيداني، وهو صحافي في يومية "ليبيرتيه" الفرنكوفونية، في حوار مع موقع فرانس 24 أن "مترو الجزائر أصبح حقيقة بعدما كان حلما"، معترفا بأن المشروع "كان خلال سنوات أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة". مضيفا أن "سكان العاصمة فرحون بتدشينه بالرغم من عدم رضا الجميع عن مسلك الخط الأول" الذي دشنه الرئيس الجزائري اليوم في جولة خاصة بالعاصمة و"عن سعر التأشيرة المرتفع" [50 دينار جزائري، أي نحو نصف يورو، وهو سعر مرتفع مقارنة بسعر تأشيرة الحافلة المقدر ب15 أو 20 دينار]. "مدة الرحلة بين نقطة وأخرى ستتقلص من ساعة إلى ربع الساعة" هذا الخط الأول، يمتد على مسافة 9.5 كلم وعشر محطات، يربط البريد المركزي في قلب العاصمة بحي البدر في بلدية باش جراح مرورا ببلديات سيدي محمد وبلوزداد وحسين داي. وتم إنجازه من قبل تكتل مكون من ثلاث شركات، الفرنسيتان "سييمنس فرنسا" و"فينتشي" والأسبانية "كاف"، على أن تقوم باستغلاله "شركة مترو الجزائر" بالاشتراك مع مؤسسة "إدارة وسائل النقل الباريسية" (أر أي تي بي"). ومن المقرر أن يكلف نحو 500 موظف و400 شرطي بتأمين المحطات العشر. وبحسب أمين طبني، أحد مراقبي فرانس 24 في الجزائر، فإن السكان المعنيين بهذا الخط الأول لمترو العاصمة لم يخفوا فرحتهم بانطلاق التشغيل، قائلا إن أصحابه أخبروه بأنهم "سعداء جدا بتقليص المدة الزمنية بين أحيائهم ومقرات أعمالهم"، موضحا أن " المسافة التي كنا نقطعها من نقطة لأخرى ستتقلص من ساعة إلى ربع الساعة" مضيفا أن المترو "سيعمل من الساعة الخامسة صباحا لغاية الحادية عشرة مساء". ويذكر أمين أن سكان العاصمة يعانون يوميا من مشكلة الازدحام إلى درجة أن المحطة الثالثة من الإذاعة الجزائرية الناطقة بالفرنسية، تذيع كل يوم برنامجا عنوانه "الازدحام". وتابع أمين قائلا: "لقد كنت وعائلتي، الأسبوع الماضي، بين المدعوين لأبواب مفتوحة على المترو ورأيت بأم عيني كم هو مشروع عصري مثله مثل مترو المدن العالمية الكبرى". ماذا عن مشروع مسجد الجزائر الكبير؟ ومهما قيل عن حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي بدأ في نيسان/أبريل 1999، إلى أن وزير الخارجية الأسبق في عهد الرئيس هواري بومدين (1965-1978) قد أنجز مشروعا ثالثا طال انتظاره على الجزائريين بعد مطار الجزائر الدولي وترامواي العاصمة. وقد وضع صباح اليوم الثلاثاء، بعد تدشينه مترو الجزائر، الحجر الأساس لمسجد الجزائر الكبير، وهو مشروع ضخم من المقرر أن يتم إنجازه في فترة لا تتعدى 48 شهرا وتتسع قاعة الصلاة فيه ل 120 ألف مصلي. لكن الجزائريين يخشون أن يكون مصيره مثل مصير مترو العاصمة، لكن هذه قصة أخرى... ** المصدر : فرانس 24