حجاب تعهد في أول ظهور علني له منذ انشقاقه بعدم تولي أي منصب في سوريا "المحررة" (رويترز) قال رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب إن نظام الرئيس بشار الأسد ينهار وإنه لم يعد يسيطر إلا على 30% من الأراضي السورية. واستغل حجاب ظهوره العلني الأول من العاصمة الأردنية عمان لإرسال رسائل بأكثر من اتجاه للشعب السوري ولنظامه ومؤسسته العسكرية والمعارضة والجيش السوري الحر ولدول الإقليم العربية وغيرها. لكن مراقبين لاحظوا أن حجاب الذي اكتفى بتلاوة بيان أمام حشد كبير من الصحفيين الثلاثاء تجنب الخوض في كثير من التفاصيل عما تشهده سوريا. وحظي حجاب بحماية فائقة من الحرس الملكي الأردني، وفي كلماته كان الشكر للعاهل الأردني واضحا، مما أعطى مزيدا من الرسائل عن أن عمان لم تتعامل مع أهم مسؤول سوري ينشق عن نظام بشار الأسد كتعاملها مع الانشقاقات شبه اليومية لضباط وعناصر الجيش السوري الذين وصل عددهم لأكثر من 1200 منشق. وكان واضحا في خطاب حجاب استعماله للآيات القرآنية بشكل مركز، خاصة تلك التي تؤكد الانعتاق عن النظام الذي تعددت صفاته بين "المجرمين" و"الظالم" و"الفاسد" و"عدو الله"، إضافة للغته العربية وتغليب الثقافة الإسلامية على مراحل الخطاب، لا سيما تأكيده أكثر من مرة أن الفضل فيما جرى له لله أولا. حجاب تحدث عن اختياره أن يكون ممن "خلدهم التاريخ لحسن صنيعهم" على أن يكون ممن "لعنهم التاريخ لسوء فعالهم"، وقال "ما بين الخلود واللعنة ذات المسافة بين الثرى والثريا". حجاب برر تأخره في الالتحاق بركب "ثورة الحق ضد آلة الإجرام والقتل" بأنه كان يظن أن هناك "فسحة أمل" لإحداث تغيير ما باتجاه التصويب والإصلاح. معاناة وعذاب روح ولخص حجاب وضع رئيس الوزراء داخل مؤسسة الحكم بسوريا عندما تحدث عن معاناته جراء القصف الذي تتعرض له مدن عدة، وقال "الله وحده يعلم بمعاناتي وعذاب روحي عندما كنت أشاهد وأسمع القصف على حمص ودرعا وإدلب وحماة ودير الزور وحلب ودمشق وبقية المدن الأخرى وأنا لا أملك قرارا يرد عنهم القتل والظلم". ووصف حجاب النظام السوري ب"الفاسد" عند تأكيده أنه قرر الانشقاق عنه "بعد أن ثبت أنه ضاقت بل انعدمت مساحة الأمل في تحقيق ما يمكن أن يصوب المسار ويوقف القمع ويحقن الدم". ونفى حجاب رواية النظام السوري عن أنه أقيل ولم ينشق، وقال "لم أقَل كما أشاع النظام، بل خرجت بإرادتي وأنا على رأس عملي"، مشيدا بالكتائب التي وفرت له الحماية أثناء الانشقاق، الذي وصفه بأنه "خروج من شرنقة الظالم إلى ميدان ثورتنا الأرحب". وأثنى حجاب بشكل لافت على الجيش الحر، وقال "وأنتم يا جحافل الجيش السوري الحر، يا من ثبتم على ما عاهدتم الله عليه في ذودكم عن مقدساتكم وأعراضكم وأبناء شعبكم وتراب وطنكم، استمروا ورابطوا ووحدوا صفوفكم، فالأمل معقود عليكم بعد الله مؤكدين أنكم من خيرة أجناد الأرض". وفي لفتة هامة وجه حجاب رسالة لأبناء الجيش النظامي ودعاهم للاقتداء بنموذجي الجيشين المصري والتونسي، "مذكرا إياكم بالقسم الذي أقسمتم بعد نيلكم شرف الالتحاق بالخدمة لأي هدف ستوجهون البنادق، وفوهات بنادقكم أهي لحماية شعبكم أم لقتل أبناء شعبكم؟". حجاب كشف عن أن هناك "مسؤولين وقادة عسكريين شرفاء ينتظرون فرصة سانحة للانضمام إلى ركب الثورة والمضي في طريق الحق". وتحدث رئيس الوزراء السوري المنشق عن قرب انهيار النظام السوري، وقال موجها حديثه لمن وصفهم بالثائرين الصامدين "أؤكد لكم بحكم خبرتي وموقعي الذي كنت أشغله أن النظام بات منهارا معنويا وماديا واقتصاديا ومتصدعا عسكريا". وتابع "لم يعد النظام مسيطرا بالفعل على أكثر من 30% من أرض سوريا، فلتستمر الثورة في نهجها الحضاري". كما وجه حجاب رسائل للمعارضة السورية، ودعاها "لتوحيد جهودها وسد ذرائع من يتهمها بالتشتت والتشرذم". وفي رسالة لافتة أكد حجاب أنه لا يرغب بتقلد أي موقع سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل "بسوريا المحررة". وبلغة بدت عاطفية أكثر منها سياسية قال حجاب "لقد نذرت نفسي جنديا في مسيرة الحق، لا أبغي من وراء ذلك إلا وجه ربي ثم إرضاء ضميري". وفي رسائل الشكر التي وجه حجاب جزءا هاما منها إلى الأردن ملكا وحكومة وشعبا، لم ينس حجاب شكر تركيا وقطر والسعودية، وهي الدول الثلاث التي يستمر النظام السوري في اتهامها بأنها ترعى تسليح المعارضة الثائرة عليها وقيادة "المؤامرة" على سوريا. ** المصدر : الجزيرة نت