أكدت بسيمة الحقاوي، خلال الجلسة التي نظمها منتدى"كرانس سانتانا"، الذي عقد بمدينة باكو بجمهورية أذريبجان بشراكة مع منظمتي الإيسيسكو واليونيسكو تحت عنوان "حقوق المرأة هي حقوق الإنسان"، أن النقاش حول حقوق الإنسان هو في العموم نقاش ذي عمق سياسي وتنموي، حيث إشكالية الديمقراطية تطرح علينا، في هذا السياق، عدة أسئلة من قبيل: ماهية الديمقراطية؟ ومدى قابليتها للتجزيء؟ وهل يحق لأي كان أن يبخس مخرجات العملية الديمقراطية عندما لا تأتي على المقاس؟، مشيرة إلى أن الأمر منوط بإرادة الشعوب، وبحق الأفراد، بما يضمن الاستقرار السياسي والمناخ التنموي الضروري للإقلاع. كما أكدت الوزيرة أن سؤال: هل حقوق المرأة هي حقوق الإنسان؟ أصبح متجاوزا، وإن كان مشروعا، باعتباره مسلمة لم يعد حولها جدال، فحقوق المرأة ليست فقط شأنا فئويا، ولكنها تدخل ضمن الحقوق العامة، وحق الأسرة والمجتمع، وأيضا حقها الشخصي في أن تتمتع بكل حقوقها، وتحظى بكل الفرص لتقوم بواجباتها دون تمييز، حيث لم يعد مقبولا ممارسة التمييز، سواء بسبب الجنس أو الانتماء أو المظهر الخارجي.. أو غيره. وأشارت الحقاوي إلى الامتحانات التي اجتازها المغرب بنجاح، كان آخرها نجاحه في اختبار الديمقراطية، حيث أنتج دستورا بطريقة تشاورية وتشاركية جعلته موضع إجماع. كما نظم انتخابات نزيهة أفرزت حكومة تأسست على نتائج صناديق الاقتراع، إضافة إلى مواصلته العمل في كل أوراش الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مؤكدة أن الدورة ال24 المقبلة للمنتدى، والتي ستخصص لموضوع "تعايش الأديان والتسامح الديني"، ستسمح بتقديم المغرب لنموذجه الرائد في التسامح، وتجربته الإنسانية والحقوقية في التعايش المجتمعي والسياسي للأديان منذ قرون خلت، باعتباره خيارا إنسانيا وحقوقيا لا محيد عنه. أما سؤال المرأة وحقوق الإنسان، فنبهت الوزيرة إلى ضرورة مصاحبته بسؤال الكيف، حيث يجب أن نتساءل جميعا كيف تمكّن المرأة من جميع الحقوق من خلال تمكينها من السلطة السياسية والاقتصادية، بدل سؤال ال:هل؟، مستعرضة إنجازات المغرب الكثيرة في هذا الميدان، وفي مقدمتها مدونة الأسرة التي جعلت للمرأة مكانة داخل الأسرة توازي مكانة الرجل، ورفعت عنها الحيف والظلم بتمكينها من حق الزواج والطلاق بمنطق الإنصاف والعدل. كما أصبح الطفل من زواج مختلط يحظى بجنسية أمه المغربية، وذلك بعد الإصلاح الذي طال قانون الجنسية، إضافة إلى تعديلات مدونة الشغل، التي مكنت المرأة العاملة من الحقوق الأساسية والمنصفة، وإن كانت لا تزال هناك جهود يجب أن يبذل على مستوى التنزيل والتطبيق. كما أشارت بسيمة الحقاوي إلى الجهود التي تبذل لحماية الأطفال، كمنع تشغيلهم، وحمايتهم من بعض الوضعيات الصعبة، كالتشرد في الشارع أو الخدمة في البيوت. ولئن كانت ظاهرة تشغيل الفتيات الصغيرات قد تقلصت بنسبة 7 بالمائة، فإن وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية المغربية، بتعاون مع جميع الفاعلين، تصبو إلى القضاء النهائي على هذه الظاهرة في أفق الأربع سنوات المقبلة، حيث وضعت استراتيجية عمل تتضمن مراكز لليقظة والتبليغ للإشعار بوجود مثل هذه الحالات للتدخل الميداني. أما في التمكين الحقوقي للمرأة، فأشارت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية إلى استحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز التي جاء بها الدستور، والتي ستقوم بدور أساسي في الرصد والمتابعة والحد من كل التجاوزات التي تلحق بالمرأة بسبب التهميش أو الإقصاء، مضيفة أن الحكومة أطلقت خطة للمساواة في أفق المناصفة تنمي المكاسب المحققة سابقا، وتأتي بمكاسب جديدة تعزز موقع المرأة في مراكز القرار، وفي المجالس المنتخبة، وخير مؤشر على نجاعة المبادرات الحكومية، في هذا الباب، التطور الرقمي الذي عرفه المغرب بالانتقال من امرأتين في مجلس النواب في تشريعيات 1997 إلى 35 مقعدا خاصا بالنساء في تشريعيات 2002، إلى 67 مقعدا في تشريعيات 2011، وكذلك بالنسبة للمجالس الجماعية المنتخبة، التي انتقلت فيها نسبة حضور النساء من 0.56 بالمائة خلال انتخابات 2003، إلى نسبة 12 بالمائة خلال انتخابات 2009، وذلك بفضل الإجراءات التفضيلية لصالح النساء، مؤكدة أن المغرب سائر على هذا الدرب حتى يمكّن المرأة من وضع أكثر إنصافا وأكثر عدلا. جدير بالذكر أن مشاركة بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، في أشغال هذا المنتدى تمت خلال الفترة الممتدة من 28 يونيو إلى فاتح يوليوز 2012، بحضور النساء الأوليات لجمهوريات أذربيجان وجورجيا ومقدونيا.. إضافة إلى وزيرات من دول عربية وغربية.