أثارثني سيرة حياة الأب الشرعي للثورة الفلسطينية، فبحثت في كل تفاصيل حياته لأكتشف أنه كان مثابراً لا يأبه سوى خسارة قضية بلده ،يجمع ما بين شخصية الأب، الزوج، الصديق العطوف وطبيعة المناضل السياسي. لكن أكثر ما أثارني وشد انتباهي هي حينما اجتاز اليأس أبو عمار بسبب اغتيال علي حسن سلامة سنة 1979 في بيروت، فعاد للقاهرة مستسلماً بعدما كان يحارب في فلسطين. أحس وقتها بالضياع، فقرر ياسر عرفات متابعة دراسته في الولاياتالمتحدةالأمريكية هروباً من الحزن و الضياع، فطلب التأشيرة من السفارة وطال انتظارها... لكن الوقت هنا كان في خدمة عرفاتولفلسطين كذلك، وعندما حصل على التأشيرة قرر عدم السفر، فقد اتخذ هذا القرار خلال انتظاره لها، فماذا لو أن السفارة الأمريكية وافقت على التأشيرة في وقت سريع؟ كيف كانت ستكون عليه الحال بالنسبة لقضية بلده؟ ماذا لو لنه السؤال الذي لطالما سيطرحه الكثيرون خصوصا عند المرور بهذه المرحلة من حياة عرفات، والتي تعتبر نقطة التحول في حياته وفي مصير الشعب الفلسطيني، خصوصا وقد عرف باهتمامه الكبير بقضية بلده. فقد اعترف يوما لصديق له قائلا: "لم أمسك يد امرأة قط، إن خطيبتي هي فلسطين...". و يروي الكاتب الصحفي الفرنسي: "ريمي نافوي" عن هذه النقطة التحول لياسر عرفات فيقول: "يمكننا أن نتساءل ماذا سيكون عليه شكل الصراع في الشرق الأوسط، إذا كان قد وافق العاملون في السفارة الأمريكية بالقاهرة على إعطاء تأشيرة الهجرة لطالب شاب أراد أن يهاجر الى الولاياتالمتحدةالامريكية...". أما عرفات فيقول: " كان الوقت عاملا مساعدا لإخراجي من حالة الياس، واستسغت طعم المقاومة. ولذلك قررت عدم الرحيل، لكن كيف أقاوم؟ فالفلسطينيون ليسوا أقوياء بما فيه الكفاية ليحاربوا وحده، و العرب لا يريدون الحرب".