ما كان تواجد الأستاذ فتحي العيادي في ألمانيا لحضور فعاليّات الجمعيّة العموميّة للجمعيّة الألمانيّة التونسيّة للثقافة والاندماج أن تمرّ دون أن ننقل له حزمة من التساؤلات والانشغلات التي ما فتأت تطرحها الجالية وتترقّب إجابة من ممثلها في المجلس التأسيسي خاصّة أنّ الرجل وبتحمّله لمسؤوليّة رئاسة الهيئة التأسيسيّة لحركة النهضة عوض وزير الداخلية الحالي علي العريض يكون قد تمكن من منبع المعلومة الخاصّة بالحركة وقسم كبير بالدولة كونه على رأس هيئة قيادة الحزب الحاكم في البلاد. العيادي تحدّث بسلاسة وبتلقائيّة ربما لم يكن يتوقعها الكثير نظرا لموقعه الحسّاس داخل هياكل الحركة، لكن يبدو أنّ الطبع غلب التطبّع حيث واصل في أسلوبه القديم الذي يعتمد على الطرح الواضح والمتخفّف من المجاملات والحسابات المفرطة. من الأشياء التي شدّد عليها نائب الجالية التونسيّة بالمجلس التأسيسي تأكيده على أنّ مهامه الجديدة في هياكل الحركة لن تحول دونه والقيام بواجبه تجاه من انتخبوه، كما صرّح بأنّه رسم خارطة عمل نفّذ البعض منها وبصدد تنفيذ البقيّة وأنّه سيقوم في المرحلة القادمة بجولة في العديد من المدن الألمانيّة ليستمع إلى الجالية فينقل لهم الصورة من الداخل ويستمع إلى مطالبهم وتوصياتهم وحتى توجيهاتهم. في قاعة كبيرة بمدينة كالسرو وأمام جمع غفير من أبناء الحركة والجالية التونسيّةبألمانيا أكّد العيادي على الدور المرتقب لكامل أفراد الجالية تجاه تونس وخاصّة الكفاءات التي ينتظر أن تقوم بمجهودات كبيرة من أجل أن تفيد بلادها وتستفيد هي بدورها ، فتونس بلد خصبة وواعدة ومستقبل الاستثمار فيها آفاقه كبيرة ومبشّرة، وعرج على العلاقة التي يجب أن تسود بين أبناء الجالية بمختلف توجّهاتهم وأن تكون بوصلتهم الكبرى تونس. أثناء حديثه لناعن مطالب الجالية وما تحقق منها تعرّض العيادي إلى جملة من الامتيازات والتسهيلات المقترحة، منها ما تمّ إقراره ومنها ما ينتظر الحسم فيه خلال المرحلة القادمة ولعلّ أهمّ ما أكّد عليه مع رفاقه ممثلي الجالية عبر العالم هو ضرورة إيلاء المستثمر التونسي الأهميّة الكبرى واعتباره مكسبا ثابتا وثروة أمينة للوطن هذا إلى جانب التسهيلات التي ستتمتع بها الجالية بخصوص تذاكر السفر سواء عبر الطائرة أو الباخرة ومضاعفة منحة السنة حيث تمّ ترفيعها من ألف دينار إلى ألفين وكذلك منحة العودة النهائيّة من 15 ألف دينار الى 30 ألف ، كل هذا مرفوقا بحزمة من التسهيلات الأخرى التي تمسّ الأسرة والطفولة والشباب، أمّا قانون السيّارات الذي تلحّ الجالية على تعديله وتعتبره مجحفا فقد أكّد أنّهم سعوا إلى ترقيته بكل السبل وقدّموا في ذلك مشروعا متكاملا لكنّه تعثر لدى وزارة الماليّة وما زال أمره لم يحسم بعد. وفي خصوص مستقبل تمثيل الجالية في البرلمان القادم أكّد أنّ هذا هو التمشي لأنّ الجالية هي جزء مهم بل وشديد الفاعلية في وطننا ومن حقّه أن يكون له نوابه وممثلوه، خاصّة أنّ الكلّ مجمع على تفعيل هذه الطاقة الوطنيّة المعطّلة والتي طالما وقع التعامل معها بأشكال كرست التهميش وحرمت تونس من خير كبير. خلال سؤالنا له عن توجّهات الحركة في بعض المسائل عاد العيادي ليذكر بل ويشدّد على خيار الترويكا الاستراتيجي وأنّ الحركة تتبنى هذا التوجه وتدفع باتجاه إنجاحه بكل قوّة وأنّها مازالت ثابتة على طرحها وقناعاتها التي باشرت بها العمليّة السّياسيّة وهي أنّ المرحلة مرحلة توافق والوطن يُبنى بسواعد أبنائه مهما كانت توجهاتهم، تجمعهم مصلحة تونس والإصرار على النجاح وليس غيره وأشار إلى أنّ الحركة تسعى لإرساء نظام برلماني ويأتي هذا السعي في كنف التشاور وعدم التعنّت ومراعاة المصلحة الوطنيّة العليا، ونوّه إلى أنّ الحركة لديها رؤيتها في خصوص الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستقدّمها وستتشاور فيها مع شركائها وسائر القوى الحيّة التي تبحث عن الخير لوطننا. أمّا في خصوص المسألة الإعلاميّة التي تعتبر بمثابة المعضلة والتي تعاني من إخلالات بالجملة أسهمت في تغذية العديد من التوترات لا بل وأحيانا أوجدتها من عدم، أشار العيادي إلى أنّ الحركة لا تتبنى خيار الخوصصة بل وتستبعده أصلا لكنّها تدفع باتجاه إصلاح شامل لأنّ أداء المنظومة الإعلاميّة وخاصّة العموميّة بعيد كل البعد عن المصداقيّة والنزاهة ما يستدعي الشروع الفوري في إصلاح شامل وجذري . في خصوص الاتحاد أكّد العيادي أنّه مكسب لتونس لا يجب التفريط فيه لكنّنا وبأساليب الحوار والتواصل سنسعى لفكّ الارتباط بين الإضرابات السّياسيّة الموجّهة والمطالب المهنيّة الصرفة التي تقرّها الحكومة وتسعى لتلبيتها، ونفى رئيس الهيئة التأسيسيّة للنهضة بعض الأخبار الرائجة والتي تتحدث عن تغيير وشيك في الحكومة واستغرب من مثل هذه الاشاعات الخارجة عن السياق خاصّة وأنّنا أمام حكومة متوافقة فيما بينها وتتحرّك بالاتجاه الصحيح وإن كان ببعض البطء، وأعاد التأكيد على أنّ الحركة ترغب في أن تنهي الحكومة عهدتها في أقرب الأوقات وستدفع باتجاه التسريع بإنجاز مهامها ومن ثمّ نخلص إلى موعد للانتخابات القادمة لا يتعارض والتعهدات السابقة. كما أكّد العيادي على ضرورة سنّ قانون يُجرّم عودة التجمّعيّين إلى الحياة السّياسيّة وأنّ هذا أحد أهمّ المطالب الشعبيّة التي سنسعى لتحقيقه لأنّه يعتبر من التبعات المتخلّدة بذمّة الثورة خاصّة إذا أخذنا في الاعتبار أنّ محاولات الانقلاب على الثورة والشرعيّة مستمرة وأنّ عقليّة التجمّع الانتهازيّة ضالعة في هذا التمشّي.