كما جرت العادة في فرنسا لن يخرج الرئيس السابع للجمهورية الخامسة عن احتمالين اثنين: رئيس يميني هو نيكولا ساركوزي في حال أعيد انتخابه أو الاشتراكي فرانسوا هولاند إن صدقت أرقام مراكز الاستطلاع التي تمنحه تقدما بين 10 و 6 نقط على منافسه ومرد الاهتمام المغاربي الكبير بالانتخابات الفرنسية هو العلاقات القوية التي تربط باريس بدول المنطقة والتي يتداخل فيها تاريخ قريب مشترك بالمكانة التي تحظى بها فرنسا في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية لبلدان المغرب الكبير، يضاف ذلك إلى الحضور القوي للجالية المغاربية في فرنسا والتي انتظم جزء منها في لجان دعم لهذا المرشح أو ذاك. ولاشك أن التوجه السياسي للرئيس المقبل سوف يترك أثره المباشر على العلاقات التي تربط فرنسا ببلدان المغرب العربي، لكنه لن يبتعد كثيرا عن الثوابت العامة التي حكمت تاريخ العلاقة بين باريس والمغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا. لقد ظلت المصلحة الاقتصادية والأمنية والثقافية لباريس الثابت الأهم في علاقة فرنسا مع بلدان المغرب العربي، من منطلق نظرة مركزية توارثها رؤساء الجمهورية الفرنسية تنظر إلى دول الضفة المتوسطية الأخرى كامتداد لنفوذ فرنسي هو اليوم اقتصادي وسياسي بعد أن كان بالأمس عسكريا. ثاني الثوابث التي حرصت باريس على مراعاتها في علاقتها بدول المنطقة هو عنصر التوازن، أولا في إدارة التنافس بين دول المغرب العربي: المغرب والجزائر مثلا، عبر الحفاظ على علاقات متينة مع مختلف بلدان المنطقة، ثم بالسهر على أن تظل منطقة المغرب العربي في منأى عن النفوذ الأمريكي المتزايد. وثالث التوابث هو البراغماتية في التعاطي مع الأوضاع في المنطقة، وتشجيع الاستقرار السياسي والأمني، في كثير من الأحيان على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان مع تدبير جيد للعلاقة مع النخب الحاكمة. مقابل التوابث الثلاث هناك متغيرين اثنين: أولا اللون السياسي للرئيس الفرنسي والذي سيطبع السياسة الخارجية لفرنسا مع بلدان المغرب العربي. ثانيا التحولات السياسية الهامة التي عرفتها دول المغرب العربي والتي يمكن أن نجملها فيما بات يعرف بالربيع العربي. فكيف ستكون علاقة فرنسا بمنطقة المغرب العربي ما بعد الانتخابات الرئاسية؟