كثيراً ما تحدث مشاحنات بين الأزواج، وأحياناً يوجه أحدهما إهانة للآخر ويجرح مشاعره. وبينما يستطيع البعض الصفح عن هذه الإهانة بسرعة، يحتاج البعض الآخر وقتاً طويلاً ليغفر لشريك حياته ويتناسى هذا الموقف. ولكن لماذا يوجد من يسامح أسرع ويصفح بشكل تلقائي أكثر من شخص آخر؟ طرحنا هذا السؤال على الطبيب النفسي محمد أبو زيد الذي أكد أولاً أنه سرعة الصفح أو بطئها لا تعني أن شخصاً أسوأ من الآخر أو أفضل منه. القدرة على الصفح مرتبطة بالتفهم وسعة معرفة الإنسان بالآخر وبعويبه وبمعرفته بحسن نية الشخص المقابل. وكذلك يعتمد على الحالة العاطفية التي تربط الاثنين. وتؤثر تنشئة الفرد، بحسب أبو زيد على طريقة تعاطي المرء مع أخطاء الآخرين بحقه، ومهما حاول تغير سلوكه يظل هناك أثر للتربية التي تلقاها، فإذا كان التسامح جزء من ثقافة العائلة وكانت العائلة توفر هامش من الأخطاء يمكن التصالح معها بلا تكلف يكبر الطفل وهو يحمل مبدأ التسامح في شخصيته. والعكس كذلك صحيح، فصعوبة نسيان الأم والأب لأخطائنا حتى تلك الصغيرة منها تجعلنا نكتسب صعوبة المراس والقسوة بعض الشيء. وعن كيفية التصرف في المواقف الصعبة بين الزوجين، تقول عالمة النفس فليسيتاس هاينه من مدينة هيركسهايم الألمانية :"يُمكن لأحد الزوجين طلب الصفح والمغفرة من شريك حياته، لكن دون إلحاح عليه لتناسي الإهانة نهائياً"، موضحة أن عملية الصفح ونسيان الإهانة تتطلب فترة من الزمن، يختلف مداها من شخص لآخر؛ ومن ثمّ يتعين على شريك الحياة التأني وإمهال شريك حياته الوقت الذي يحتاجه للنسيان دون الإلحاح عليه بصورة مستمرة. كما تنصح عالمة النفس الألمانية بعدم التغاضي عن الموقف، الذي تسبب في شعور شريك الحياة بالإهانة، مؤكدة على ضرورة الاعتذار له عن جرح مشاعره، وإلا فستظل المشكلة قائمة وتظهر على السطح باستمرار؛ لأنه لم يتم بعد تسوية الحساب بين الزوجين. وإذا تعذّر على شريك الحياة الذي تعرض للإهانة، تحديد الفترة التي يُمكنه خلالها نسيان الأمر أو الحكم على ما إذا كان باستطاعته العفو والسماح من الأساس أم لا، تنصحه عالمة النفس الألمانية بضرورة التحلي بالصدق وإطلاع الطرف الآخر على ذلك بشكل واضح، بحيث يقول له مثلاً: "سأحاول إيجاد طريقة لنسيان ما حدث، ولكن لا يُمكني أن أعدك بذلك".