السلطة الفلسطينية التي أنشأت عام 93 على خلفية إعلان مبادئ يمنح الفلسطينيون إدارة شؤونهم بأنفسهم أصبحت مثار جدل في الشارع الفلسطيني وبين الأوساط السياسية الرسمية الفلسطينية وأصبح حلها بمثابة العصا التي يرفعها الفلسطينيون في وجه إسرائيل والإدارة الأمريكية وأوروبا. الأمر الذي يترك تساؤلا عن جدوى السلطة ووجودها والأطراف المستفيدة من هذا الوجود..فلماذا تهدد القيادة الفلسطينية بين فترة وأخرى بحل السلطة ؟ وهل حلها يهدف الى إلقاء القضية الفلسطينية في حضن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ثانية ام أن القصة بمجملها تدخل في إطار الضغط على اللجنة الرباعية المنبثقة عن مجلس الامن لاتخاذ مواقف اكثر اعتدالا..!؟ يدرك الفلسطينيون ان السلطة الفلسطينية قائمة على ركيزتي المال والأمن، المال التمويلي الذي تتلقاه السلطة الفلسطينية لدفع رواتب موظفيها في الوزارات والأجهزة الأمنية وغيرها من المؤسسات التابعة والمنبثقة عن حركة فتح والفصائل المنضوية تحت اطار منظمة التحرير الفلسطينية والذي تتلقاه وزارة مالية السلطة من دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا وبعض الدول العربية للمحافظة على حياتها في ظل اقتصاد وطني متعثر ومحدود... كما يعلم الفلسطينيون ان سلطتهم قائمة على التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأول من هذا التنسيق كونه يضبط إيقاع الاحتكاك اليومي بين الإسرائيليين والفلسطينيين خاصة على ما يسمى بنقاط التماس من جهة ومن الجهة الأخرى إلقاء الجانب الأمني داخل الأراضي الفلسطينية على كاهل السلطة الفلسطينية التي عليها منع القيام بأعمال "معادية للشريك الإسرائيلي" فماذا لو اتخذت السلطة الفلسطينية قرارا بوقف التنسيق الأمني وكيف سيكون الموقف الإسرائيلي من وجود سلطة فلسطينية في رام الله والخليل وباقي المدن الاخرى ترفض التنسيق الامني مع دولة الاحتلال؟ وهل ستستمر الدولة المانحة في دعمها وتمويلها للسلطة الفلسطينية وهي العالمة بان اكثر من 75% من أموال الدعم تندرج في إطار دعم الأجهزة الأمنية وتطويرها ؟ السيد نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني قال في تصريح غريب لاذاعة ال"بي بي سي" ان القيادة الفلسطينية على وشك اتخاذ قرارات ستغير خريطة الشرق الأوسط فماذا يملك الفلسطينيون من اوراق لتغيير مجريات اللعبة السياسية في المنطقة؟ وهل وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحالة حقيقية من اليأس والإحباط تجاه السلام ومسيرة السلام التي يعتبرها خياره الأوحد والوحيد في لإحقاق الحقوق الفلسطينية؟ ولماذا خرجت عضو المجلس التشريعي حنان عشراوي لتنفي وتجهض اي احتمالية لفض السلطة الفلسطينية؟ وما هي الخيارات والبدائل المرشحة في حال اعلان حل السلطة الفلسطينية ؟ تظهر تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأخيرة حالة اليأس التي يمر بها العرب من عملية السلام ومن الطرف الاسرائيلي، كما تظهر التخوفات الاردنية مما ستؤول اليه الامور في حالة استمرار الجمود السياسي الذي يعتري المسيرة السلمية في ظل "اللا" التي تتجلى في الموقف الاسائيلي والتي تصب في : لا لوقف الاستيطان، ولا للانسحاب من حدود الرابع من حزيران، ولا للاعتراف بالدولة الفلسطينية وعشرات اللاءات الأخرى التي يصطدم بها المفاوض الفلسطيني الذي تقوم استراتيجيته التفاوضية على الوعود الإسرائيلية السابقة من الحكومات المختلفة والوعود الامريكية وغيرها وهو الامر الذي دفع بالملك للادلاء بتصريحات شديدة اللهجة وتعبر عن قوة الاردن وقدرته على حماية امنه ومستقبله، فهل الملك الأردني استشعر مخططات تهدد أمن الأردن ومستقبله السياسي؟ أم ان تصريحات جلالته تدخل في إطار الضغوط التي يدعم بها الموقف الفلسطيني؟ ان قرار حل السلطة الفلسطينية سيكون من أخطر القرارات التي تواجه الفلسطينيين منذ نكبتهم ولغاية اليوم كونه سيسقط احد الخيارات التي بلعت من عمر القضية اكثر من 35 سنة ترنحت خلالها بين الانسداد والانفراج السياسي، وهي المدة التي منحت إسرائيل الوقت اللازم لابتلاع الأراضي الفلسطينية وتقسيم الشعب الفلسطيني وبعثرت القضية في أروقة القرارات الأممية فهل الفلسطينيون يمتلكون المقومات للتمسك بالخيار الاخر الذي يقوم على المقاومة؟ وما هو نوع المقاومة التي تنطبق على المقدرات البشرية والجغرافية والسيكولوجية والاقتصادية التي تتماثل في الحالة الفلسطينيبة؟ من الواضح ان الرهان الفلسطيني يرتبط بالمتغيرات على الساحة العربية كليا ويرتبط بمصر على وجه التحديد ،ومن الواضح ان إسرائيل تجس نبض المجلس العسكري المصري بطرق ملتوية تهدف الى التيقن من الموقف المصري بعد سقوط مبارك من اي عدوان على غزة،فهل المنطقة تتجه الى جس نبض إسرائيلي عام للشعوب العربية بعد سقوط الأنظمة ؟ أم ان التلويح بحل سلطة اوسلو ما هو الا فقاقيع صابون سرعان من تتلاشى ومع أول استعداد إسرائيلي للعودة الى طاولة المفاوضات؟ نتنياهو يقول لا للسلام ضمن منظور العرب ولا للسلام تحت اي ظرف فلن ننسحب من الخليل ونابلس، وليبرمان يقول الرئيس الفلسطيني معادي وعدو للسلام ويجب إنهاء مسيرته، والعاهل الأردني يقول الأردن قادر على حماية أرضه وحدوده ومستقبله، والأسد يهدد بتقسيم كل المنطقة في حال تدخل الناتو لتقسيم سوريا، وكيسنجر أمريكا في خاصرة العرب حمد بن جاسم يقول الويل... الويل....!! فالي أين العرب ذاهبون؟؟؟ ومن الذي بيده مفاتيح حل السلطة الفلسطينية ومفاتيح القفل الذي حشر القضية منذ 17 عاما في التنسيق الأمني؟؟؟ ومن يستطيع من العرب القول لكسينجر :لا ؟؟