زجت الكلمة بصاحبها في معتقل لتعيش خارج حدود الذات والجلاد، كثير من الشعراء يقتاتون من كلمات قصائدهم فصرن مومسات في دواوين العبث: تكسبي وعذري ، كثير من الكتاب يشربون الخمر أكثر مما يكتبون، يمتهنون السجع، الطباق والمجاز لتتبرج كلماتهم في طريقها للموت على مقصلة الاسترزاق ، لكن نيني.. جعل من الكلمة فيض الروح والجسد عندما أشار بأصبعه، عفوا بقلمه للوحش: أن عينيك حمرواتان، لم يستثني الشيخ والمريد، الجلاد ومقص الرقيب.. لم يستثني أحد بقلمه من الحبر والخشب، ترك الخشب للخصوم وتحنط بالحبر كمومياء أقسمت أن تنفلت من نسبية الزمن، كشف عن زنى المحارم بين أهل السياسة ومال في حضرة الشعب، أفدى بالذات جنوح كلمة في عذرية الورق، فصارت كلمة خلف كلمة يستعبدها المعنى الجريء إلى نشوة عري الحجر، لتصبح هذه الكلمة في ملاذها الأخير جملة بصكوك البوح، كل كتاب يملكون الورق، الأقلام والأفكار لكن لا يملكون صوت هذه الأشياء المؤ لمة، صوت للكلمة ينزف رحيق القلم من بوح الجسد، صوت يدوي ويهز عذرية الورقة بدمغة المداد ليسمعها الشعب أنينها من سجن الجلاد، قدرك أيتها الكلمة من معتقلا إلى آخر : سجن الذات وسجن القضبان، لا يكسو سجنك أربع جدارن صحبة الجلاد بل الخوف من الاعتقال، هذا ما تريده شهوة السجان. فليس شعبك من قطعان الأغنام، ليس كل قلم يغريهم من سجية البوح، ماعدا الشعب الدجاجة تغني في المساء لتبيض في الصباح. لم نعد أكوام من الورق الميت.. بل عقول تعيش على الرف، حقيقة كلمتك معتقلة أيها المحارب الفذ، تشفي أرواحنا المجروحة ليس بشماتة الأعداء لكن بنبل الشعب فيك، لأنك فسخت عذرية الكلمة بمجرد فكرة من صميم هذا الشعب الآبي، هناك شخص واحد لم يذق طعم الحياة في حياته هو الرجل الذي يعيش بلا هدف لهذا " نيني " رشيد ونم على زهور كلماتك رغم ذروة القطف فلن يوقفوا زحف ربيع.