سارت حكومة سعد الدين العثماني على نهج الخطة الاستراتيجية التي وضعها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، خاصة فيما يتعلق بآليات تمويل المنظومة التربوية، ومنها ضرورة مساهمة عدد من الأطراف من أجل تنويع مصادر التمويل. لكن النص القانوني، الذي يوجد الآن بين يدي الأمانة العامة للحكومة، ينتظر أن يعيد الجدل المثار حول مجانية التعليم. هذا النص لم يخرج عن مضامين الخطة الاستراتيجية فيما يتعلق بضرورة مساهمة الأسر في تمويل التعليم العالي عبر إحداث رسوم للتسجيل، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مستوى الدخل. المشروع سبق أن وضعته الحكومة السابقة بقيادة عبد الإله بنكيران، حيث تم الاكتفاء بتحويل الخطة الاستراتيجية إلى مشروع القانون، دون الخوض في التفاصيل المثيرة للجدل، وعلى رأسها مسألة مجانية التعليم. لكن التوجه الذي يسير فيه القانون الحالي، وفق مصادر الجريدة، هو أن الرسوم ستفرض فقط على الأسر الميسورة وفق معايير واضحة. هذه الرسوم سيتم تطبيقها بشكل تدريجي، لتشمل في مرحلة أولى التعليم العالي، ثم بعد ذلك التعليم الثانوي التأهيلي، دون أن يعني ذلك إنهاء مجانية التعليم. النص الحالي لم يحسم بشكل دقيق في طبيعة الفئات المستهدفة بالرسوم، في انتظار إعداد نص تنظيمي. بيد أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين سبق أن دعا إلى إقرار رسوم التسجيل في التعليم العالي، وفي مرحلة لاحقة في التعليم الثانوي التأهيلي، مع تطبيق مبدأ الإعفاء الآلي على الأسر المعوزة، وهو الأمر الذي يطرح السؤال حول مصير الفئات المتوسطة. وأكد المجلس على ضرورة تنويع مصادر تمويل التربية والتكوين والبحث العلمي، إلى جانب ميزانية الدولة، ولاسيما عبر تفعيل التضامن الوطني والقطاعي، وإحداث صندوق يمول من الدولة والخواص لتعميم التعليم والتكوين وتحسين جودتهما، مما سيمكن من إسهام باقي الأطراف المعنية والشركاء، ولاسيما الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص.