تعيش المدينة المليونية، بصرف النظر عن الازدحام تزامنا مع اقتراب أجواء العيد وارتفاع درجة الحرارة التي تعرفها المدينة الساحلية مؤخرا، (تعيش) على وقع تباين ليلها، بحيث ما إن تنتهي طقوس الإفطار في البيوت، حتى يتوزع وجه ليلها إلى شطرين، شطر يتوجه نحو المساجد، بغية الاجتهاد في صلاة التراويح، في محاولة لمعانقة ليلة القدر، لما تحمله هذه الليلة من إشراقات قدسية، ونفحات ربانية، أو التفرغ لتلاوة القرآن في البيوت، أو النهل من دروس الوعظ والإرشاد عبر القنوات التلفزية أو الاعتكاف لدى البعض أو الإقبال على اقتناء الكتب والمصنفات الدينية والمثابرة على قراءتها واستيعاب مضامينها. في حين، يتجه الشطر الثاني نحو المقاهي والملاهي والمراقص والعلب الليلية وحانات الفنادق المصنفة التي تهيء الظروف المواتية لاستقبال زبائن السهر الليلي، مصحوبين بخليلاتهم أو بدونهن، في انتظار قدوم أسراب من عاملات الجنس، حيث يحمى الفحم وتنصب قوارير "النارجيلة" (الشيشا) على مقربة من الأرائك الواطئة والطاولات، استعدادا للأنس وسحائب الدخان واللغط إلى وقت متأخر من الليل، لتقلهم بعد ذلك سيارات أجرة مركونة على أهبة الانطلاق صوب شقق وبيوت في أطراف المدينة، في مفارقة غريبة تظهر الوجه القبيح لمدينة الدارالبيضاء، وتبرز أن الكل متسرع ومتذمر في المدينة الغول و السبب دائما و أبدا الأمور التافهة …في مدينة افتقدت البياض و صارت " كازانيكرا".