عرف تخزين الذكريات المؤرشفة في صور، مع ما تستبقيه من حنين جارف ومشاعر جياشة للأيام الخوالي ،و ما تموج فيها من ذكريات الأمس القريب منه والبعيد، عرف تغييرات متوالية ،أملتها الحاجات المستجدة في مجتمعاتنا ،ونتيجة نماء وظيفتها مع تسارع وتيرة التطور العلمي والتكنولوجي في عالم متحرك لا يعرف الجمود، وهكذا تبدل وعاء خزين ذكريات الأيام والسنين والأعمار، بشكل يكاد يكون شاملا، بحيث انتقل من إطاره الورقي، على شاكلة سجل بأغشية لدائنية شفافة، ترقد بداخله صور جامدة محنطة وبلا روح، لماضي أصحابها البعيد أو القريب، ترتمي الأيادي لتقليب صفحاته، وكذا لتقليب المواجع أو المباهج، بنوع من الزهو أو الأسى، كاسترجاع لما استقطعناه من لحظات في حياتنا، في أماكن وأزمان متباينة، تظل شاهدة على عمق روابطنا بما نخلده في هذه الدنيا حتى ولو كانت مجرد صور جامدة بلاحراك، ابتدأت بالأبيض والأسود، ثم عانقت، فيما بعد، مختلف الألوان. واعتبارا لما سبق، فقد انصب الجهد البشري، على تطوير هذه الأداة، وفق ما أحدثته الثورة التكنولوجية ، بحيث استفاد الإنسان لجعلها في متناوله، لكن، هذه المرة عبارة عن صور وأشرطة فيديو، تنبض بالحياة، اتخذت مؤخرا شكلا مستحدثا سمي ب(السيلفي )،وأمكن الإنسان اليوم من جعل حياته كتابا مفتوحا وفرجة في ذاكرة هاتفه المحمول الذكي، أو عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي تحفة بحديها الإيجابي والسلبي للزائرين. غير أن هذا التطور العلمي والتكنولوجي بالوصول إلى محطة الرقمي، جعل الصورة بدل أن تخدم ذكريات الفرد مع نفسه وذاته وأيضا مع جماعته، سواء أكانت أسرته أو أقرانه أو جيرانه أو أقاربه أو زملاءه في العمل والدراسة…بدل ذلك ضربت حميميته في العمق، وصار فرجة لكل من هب ودب، حد التقاط صور وأشرطة فيديو بطريقة عشوائية تخلو من أي إبداع، وتفتقد الحرفية واللباقة، وتسخر أحيانا في النيل من أعراض الناس، وتسيء إلى سمعتهم من خلال الفضح والتشويه. ليظل ألبوم الصور، أجدى نفعا، وأكثر قابلية للتداعي الحر للذكريات الأثيرة، سيان أكانت مؤلمة أو سارة، والتي تنهمر في لحظة تذكار ووفاء. كما أن هذه الصور، غالبا ما تبقى صامدة، غير آيلة للنسيان أو الضياع، في حين، يمكن للصور المناسباتية على الهواتف الذكية، أن تتعرض بقوة للسطو أو المحو أو الإتلاف أو الاستغناء عليها كلها أو على جزء منها على الأقل، عند امتلاء ذاكرة الهاتف، للسهولة المبتذلة التي يتيحها الجهاز عند التقاط الصور. وفي هذا الصدد، تقول السيدة (يامنة ) امرأة في عقدها السادس، متقاعدة بقطاع البريد "إن ألبوم الصور الذي هو عبارة عن باقة صور مختارة بعناية فائقة تؤرخ للحظات سعيدة وأخرى حزينة، أفضل بكثير مما يصنعه الجيل الحالي بهواتفهم النقالة، تحديدا التي تخصني ،وأنا طفلة، الملتقطة بالأبيض والأسود، لأنها، بصراحة، تذكرني بالعهد الذي كنت فيه صبية، مسترجعة نوع ملابسي ولعبي ودفاتري وزميلاتي في المدرسة ورفيقاتي في الحي الذي كنا نسكنه". من جانب آخر، ركز (الحاج عبد الرحمان) "على أهمية صور ألبومه الشخصي، خاصة تلك المتعلقة بذكريات المرحومين والديه، أو حفل زواجه، أو حفل إعذار ابنه البكر،أو حتى صورته الفريدة وهو يرتدي لباس الإحرام..مضيفا أن ما يلتقطه أولاد اليوم لعب الدراري.!".