لقد حفلت البلاد العربية في عهود ليست بالبعيدة ،برجال عظام أبانوا عن بسالة وبأس شديد في مواجهة الأعداء ونصرة لقضاياهم ،فكانت الهمم تنحني أمام قبضاتهم ،لكنهم بقدر بطشهم أمام الأعداء بقدر ماكانت مشاعر اللين تستحوذ عليهم ،نظرا لصفاء سريرتهم ونقاء دواخلهم علي ابن أبي طالب الصحابي الجليل ابن عم الرسول صل الله عليه وسلم وأخوه وصهره ،زاخر العلم والمعرفة ،قوي الإيمان عميق العقيدة السليمة ، ناهيك عن خلقه ونبله ، كان رضي الله عنه فارسا مغوارا ،محاربا شجاعا يتقدم الجيوش الإسلامية ، له قوة جسدية هائلة أضعاف قوة خصومه من المشركين . على يديه رضي الله عنه سقط العدد الأكبر من قتلى المشركين يوم غزوة بدر،إذ قتل ما يزيد عن عشرين مقاتلا ،ولم يواجهه مقاتل إلا ولقي حتفه ،ومن بينهم عمرو بن ود العامري ومرحب اليهودي والوليد بن عتبة ،حتى قيل لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار . حمزة بن عبد المطلب أسد الله وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه في الرضاعة ،كان من فتيان قريش في الجاهلية ،أسلم بعد تجني أبي جهل على النبي صلى الله عليه وسلم ،فأظهر بعدها بسالة عظيمة في الدفاع عن الإسلام في غزوة بدر ،حيث بارز شييبة بن ربيعة وعلى يديه صرع جمع كبير من فرسان قريش ، استشهد اثر ضربة تلقاها من رمح وحشي . خالد ابن الوليد الصحابي الجليل أبو سليمان سيف الله المسلول .مما لا شك فيه أن عبقريته في ميدان القتال لا مثيل لها ،ولم يكن قائدا يعطي الأوامر فحسب وإنما كان يقتحم الميادين مطالبا بالمبارزة . تربى على حياة القسوة والتقشف رغم كون عائلته ميسورة الحال في مكة . اتخم جسده بالجروح ،فلم يكن فيه موضع سليم لم يتأثر بضربات السيوف والرماح ،وافته المنية في بيته ولم ينهزم قط في أي معركة خاضها . عنترة ابن شداد شاعر الشعراء وفارس الفرسان في وقته ،ولكن في ثوب عبد ،مكنته قوته ومهارته في القتال من بسط سيادته على عبس وأجبر الجميع على الاعتراف به بعد أن دحر عنهم هجوم الأعداء في مناسبات عديدة . خاض حرب داحس والغبراء التي دامت أربعين عاما ،وقضى على صناديد من فرسان ذبيان ،وعلى الرغم من شدته في الحرب اتسم بأخلاق فاضلة وروح طيبة وعواطف جياشة ،ولعل شعره المتدفق بالغزل العفيف لابنت عمه عبلة خير دليل على عواطفه المتدفقة الممتزجة بالصلابة . قتل برمية من سهم مسموم رماه به ليث الرهيص . الحارث بن عباد يكنى بأبي منذر ويلقب بفارس النعامة ،عرف بقوته الجسدية الجبارة ،اعتزل حرب البسوس في بدايتها لكن بعد قتل الزير سالم لإبنه جبير .قرر الدخول للحرب . مكنته قوته الهائلة من أن يقتلع فارسا هو الزير سالم من على صهوة جواده ،رغم تقدمه في السن وتردي بصره . عمرو بن عبد ود عمرو بن عبد ود ،من أشجع فرسان الجاهلية ،جابه ذات مرة عصابة من قطاع طرق من عشرة أفراد فسحقهم جميعا لوحده ، وهو من المشركين الخمسة الذين عبرو الخندق في غزوة الخندق. جاء مع جيش الأحزاب مهاجما المدينة ،فطلب المبارزة فلم يتقدم لذلك أي أحد ،وبعد ترقب تقدم الفارس الجبار علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وهو حينها في 23 من عمره فبارزه ،وكان هذا آخر قتال يخوضه عمرو بن عبد ود في حياته .حيث لقي حتفه .على يدي علي كرم الله وجهه .