ما زالت قضية مقتل "محسن فكري" الذي طحنته شاحنة لنقل النفايات في الآونة الأخيرة بعد اعتراضه على مصادرة أسماكه، تلقي بظلالها، حيث أن هذا الحادث المأساوي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهات التي ينبغي أن تتحمل مسؤولية مقتل "ساماك الحسيمة" وعلى رأسها وزارة الصيد البحري. وأفاد عبد القادر دحمان، عضو جمعية الصيادين البحارين بالحسيمة، في تصريح لموقع "نون بريس"، أن التحقيق ما زال جاريا بخصوص قضية مقتل محسن فكري، مضيفا أن هذا الحادث تتداخل في مجموعة من الأطراف على رأسها وزارة الصيد ومندوبية الصيد وبالحسيمة وغيرها، فضلا على أن قطاع الصيد التقليدي غير مهيكل، وهو ما يدق ناقوس الخطر بخصوص ضرورة القيام بإصلاح شامل للقطاع وتقنينه. وأضاف مصدرنا، أن مقتل محسن جاء بعد أن دافع هذا الأخير عن "مورد رزقه" مبرزا أن يزيد عن ثلاث سنوات والعاملين بقطاع الصيد التقليدي، يتاجرون في السمك بشكل عادي قبل أن يفاجئوا بعد موت محسن بأنه لا ينبغي عليهم صيد السمك في هذه الظرفية نظرا لكونها تشكل وقتا للراحة البيولوجية. وشدّد عبد القادر دحمان، على أن العاملين بقطاع الصيد التقليدي يطالبون بتسوية وضعيتهم المهنية من خلال تمكينهم من رخص الصيد، وتحديد حوالي ثلاثة أو أربعة أشهر في السنة لقوارب الصيد التقليدي من أجل صيد الأسماك وإدخالها إلى السوق دون أي خطر. وفي هذا السياق، فلابد من التذكر أن قطاع الصيد التقليدي بميناء الحسيمة، يظل قطاعا غير مهيكل، فحتى قوارب الصيد التقليدي التي تساهم في تفريغ كميات مهمة من الأسماك على رصيف الميناء، لا تتوفر على رخص الابحار، وحتى بحارتها غير مسجلين في كنانيش مندوبية الصيد البحري بالحسيمة، بعد الزام هذه القوارب على توقيع التزامات على بياض ويجهل مضمونها، في حال أرادوا السماح لهم بممارسة مهنة الصيد، وهو ما رفضه البحارة على الدوام ومنذ سنة 2014. وبحسب مقال كتبه خالد الزيتوني وتناقلته عدد من المصادر الإعلامية، فإن البحارة وممثلو قطاع الصيد التقليدي بميناء الحسيمة سبق أن احتجوا على حرمان بعض قوارب الصيد التي تفوق حمولتها 4 وحدة من رخص الصيد لموسم 2014، وحسب ممثل البحارة المعنيين بهذا الحرمان فإن وزارة الصيد أقصت هذه الفئة من البحارة من حقها في الحصول على رخص الصيد، وأضاف وقتها أن من شأن القرار أن يؤدي لزيادة البطالة في أوساط البحارة، وكذلك حرمان أرباب هذه القوارب من ممارسة مهنة يزاولونها لأزيد من 30 سنة. البحارة أوضحوا أن عدم تجديد رخص الصيد منذ سنة 2014، لبعض القوارب الناشطة في مجال الصيد التقليدي منذ الثمانينات إلى حدود 2013، بعد إصدار القرار الوزاري تحت عدد 7133 بتاريخ 31 دجنبر 2013، الذي لا يسمح بتجديد رخص الصيد للقوارب التي تفوق سعتها الاجمالية عن 3 وحدات، أي 3 طن، وما فوق إلا بعد التوقيع على التزام مصادق عليه من طرف مالك القارب، والغريب في المسألة يعلق البحارة أن الالتزام غير واضح ولا يتضمن بنودا محددة وهو ما أثار جدلا واحتجاجا بين المهنيين، يعلق رئيس جمعية البحارة على هذا القرار: كيف نوقع التزاما لا نعرف فحواه ولا مضمونه، فالالتزام يكون على مواد محددة وواضحة، فلا يمكن للبحارة يضيف أن يوقعوا التزاما على بياض. وكان قد جدّد البحارة مطالبتهم بتجديد رخص الصيد لكل قوارب الصيد التقليدي، والتراجع عن القوانين التي تعود لعهد الحماية خاصة قانون 1919، المنظم لقطاع الصيد البحري، ا كما تساءلوا عن الخلفيات التي تحكمت في سن هذا القانون فقط في ميناء الحسيمة، دون باقي الموانئ، واعتبروا أن ملف الصيد التقليدي مطروح بقوة على مائدة وزارة الصيد البحري، حيث تطالب الكنفدرالية الوطنية للصيد التقليدي بالمغرب بإيجاد الحلول المستعجلة للقطاع. وبعد حرمان قطاع الصيد التقليدي من رخص الصيد، ظل هؤلاء يمارسون هذا النشاط بشكل غير قانوني، حيث كل مبيعاتهم من الأسماك المفرغة بالميناء، ظلت تباع بالسوق السوداء، لتجار لا يتوفرون على بطاقة تاجر، كما أن تسويق منتجات صيدهم ظلت لسنين تمارس بشكل طبيعي داخل الميناء وخارجه، دون أي تدخل من الوصيين على القطاع، إلى أن حدثت واقعة "محسن فكري" الذي قضى داخل حاوية نفايات ضاغطة، لتعيد النقاش مجددا حول هذا القطاع الذي ظل مغيبا عن تشريعات وزارة الصيد وقوانينها رغم الصرخات المتكررة للبحارة. وقد تساءل كاتب المقال قائلا: " هل ستقوم الكاتبة العامة لوزارة الصيد البحري، بتصحيح اختلالات القطاع، أما أنها ستنحني للعاصفة تاركة هذا القطاع عرضة للتهميش والممارسات الغير القانونية التي تمارس نهارا جهارا، وبدون التفكير في هيكلته في انتظار حدوث مآسي أكثر كارثية".