تفاصيل مثيرة، تلك المتعلقة بآخر عملية إعدام في المغرب، التي نفذت يوم 5 شتنبر 1993، في حق الكوميسير محمد مصطفى تابت والمعروف ب"الحاج تابت"، إلى درجة أن هذه القضية استفزَّت الملك الراحل الحسن الثاني، فوجّه خطابا للأمة رد فيه الاعتبار إلى رجال الشرطة، من خلال بيت للمتنبي قال فيه: وجُرْم جَرَّهُ سفهاءُ قوم *** فحلَّ بغير جارمه العقاب وطبعا، لم يكن العقاب إلا معنويا مس صورة رجال الأمن الوطني ومعها صورة المخزن… وقد أُعدم العميد الممتاز محمد مصطفى ثابت في الساعة الخامسة من فجر يوم الأحد 5 شتنبر 1993 في السجن المركزي في القنيطرة، بعد محاكمة تحولت إلى قضية رأي عام، تابعها المغاربة من خلال "مسلسل" رمضاني نشرته صحف ذلك الوقت، لم يكن "بطل" المرافعات الشهيرة سوى نور الدين الرياحي، عن النيابة العامة، تحت إشراف الطيب الشرقاوي، الوكيل العام للملك في الدارالبيضاء، آنذاك، ووزير الداخلية الحالي. نزل الحكم القاسي لغرفة الجنايات في محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء بعدما قررت عدم تمتيع المتَّهم بظروف التخفيف، "نظراً إلى خطورة الأفعال المرتكبة"، بإعدام ثابت العميد الممتاز لجهاز الاستعلامات العامة بتاريخ 15 مارس 1993، بعد إدانته بممارسة الجنس مع حوالي 500 امرأة وفتاة قاصر وتصوير جميع أفعاله الجنسية التي كان يمارسها مع النساء والفتيات، اللواتي يأتي بهن إلى شقته الكائنة في شارع عبد الله بن ياسين في الدارالبيضاء وممارسة الجنس رفقة صديقه في بعض الأحيان مع امرأة واحدة… بعد حجز قرائن تمثلت في 118 شريط فيديو من شقة المتهم وتأكيد هذا الأخير للمحكمة أن 102 من الأشرطة المحجوزة تتضمن تصوير العمليات الجنسية التي كان يمارسها مع من يُحضرهن إلى شقته. قادت شكاية لامرأة مغتصبة إلى عملية تفتيش مفاجئة، في 2 فبراير 1993، لشقة «الحاج حميد»، وهو اللقب الذي كان يقدم به العميد ثابت نفسه لضحاياه. عثر المحققون على أشرطة فيديو صورت ممارسات جنسية للكوميسير مع أكثر من 500 امرأة وفتاة… تطور الملف ليوضع بين يدي رجال الدرك تحت قيادة الجنرال حسني بن سليمان، رجل ثقة الملك الحسن الثاني… منذ هذه اللحظة تحول رجل كان يعمل في الظل إلى «نجم» يتداول المغاربة أخباره ومغامراته وهوسَه الجنسي. وفي سياق ذي صلة، فإن أحمد الحو، المعتقل السياسي السابق ضمن "مجموعة 71" الإسلامية التي حوكم على إثرها بالإعدام عام 1984 قبل أن يتحول إلى المؤبد بعد 10 سنوات، قدم شهادة صادمة شهر أكتوبر من سنة 2015 خلال ندوة نظمتها التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان بالرباط، إلا أن المُلفت لانتباه من حضروا، من الحقوقيين المغاربيين، هو سرد الحو، الذي توبع بتهمة "المس بالنظام العام"، جزءً من قصته داخل حي الإعدام بالسجن المركزي بالقنيطرة بجانب قائد الشرطة الشهير ب"الحاج ثابت"، الذي نُفِّذ في حقه الإعدام عام 1993 بتهم تتعلق بالفساد والاغتصاب والاختطاف، حيث قال الحو: "عايشت ثابت حين أخذوه من زنزانته إلى حيث أعدموه .. وكأن عزرائيل مر من أمامي". وأضاف الحو قائلا: "لقد ساد إحساس من الإحباط بحي الإعدام، ولأول مرة أشعر بالآية القرآنية التي تقول: بلغت القلوب الحناجر"، مضيفا أنها كانت لحظة "غير سهلة وليس من رأى كمن سمع"، فيما كشف أن الحاج ثابت كان معروفا بعجرفته وتكبره "لكنه لم يقو على المشي على رجليه يوم إعدامه رغم أنهم حاولوا الكذب عليه بأنهم سيغيرون فقط زنزانته لكن السيناريو بدا مفضوحا". وأردف الحو أن شخصيات كبيرة كانت تزور الحاج ثابت بشكل مستمر بغرض التفاوض معه، "قالوا له يوما: آسِّي الحاج؛ الله يرحم الوالدين، اترك الظروف تمر هذه الأيام حتى يخمد الرأي العام"، فيما أكد المتحدث أن ثابت "اعتقد لآخر لحظة أن تلك الوعود صحيحة"، مشيرا إلى أن "جهات في الدولة رأت فيه تلك الشجرة التي تخفي الغابة"، مضيفا: "لقد كان ثابت يؤكد لنا أنه ما كان له أن يرتكب تلك الجرائم لولا مساندة جهات عليا"، وفق تعبيره. تعيين صورة بارزة